لقد وصلت الامور في سوريا الى مرحلة اللاعودة، هناك حرب قادمة لا محالة، بالطبع نحن لا نتمنى هذا، وآمل أن أكون مخطئاً، وتنتهي الأزمة في سوريا، لكن كل المعطيات على أرض الواقع تشير الى استنفاذ كل الاوراق الدولية والعربية لإسقاط النظام السوري، وآخرها ورقة كوفي عنان المبعوث الدولي العربي إلى سوريا، حيث ان استقالة عنان لم تأتي هباءً وفي هذا التوقيت بالتحديد، فقد هدد بالاستقالة قبل هذه المرة، لأن هناك من قفز فوق المقررات الدولية، وهذه ليست أول مرة، فقد أشتم الرجل رائحة الحرب القادمة، فقرر الابتعاد عن هذه اللعبة الذي اقحموه فيها، وهذا كله بالتزامن مع كل ما يجري من احداث في مدينة حلب، في حين يقوم الجيش التركي بتعزيز قواته ووحداته العسكرية على الحدود التركية السورية، من منصات للصواريخ ودبابات وآليات مدرعة قتالية للمشاة وجنود، الحرب ليست حرب سورية فقط بل حرب اقليمية تضم كل من دول المنطقة، لقد تورطت عدة دول في شرك الحسابات الاستراتيجية الخاطئة حين استعملوا سيناريو تونس، مصر وليبيا، دون الأخذ بعين الاعتبار المكونات السورية التي لا تشبه اي دولة من هذه الدول على جميع الأصعدة، اجتماعياً، سياسياً، عسكرياً واستراتيجياً، والمسألة في سوريا أكبر من أن تكون مسألة سورية، بل اقليمية، واستطيع ان اقول دولية، لأنها حرب بين قوتين عظمتين، روسيا والولايات المتحدة الامريكية، بعد الفيتو الثالث لروسيا، أصبحت الأمور أكثر وضوحاً لمن كان يشكك في الموقف الروسي، حرب باردة جديدة بدأت، حرب اثبات وجود وسيادة لكل طرف منهم في المنطقة والعالم، و وضع نظام جديد في الشرق الأوسط.
تلعب تركيا دور اللاعب الأمريكي بالنيابة، في تنفيذ خططها بفرض سيطرتها على المنطقة، وصياغة مخطط جديد للشرق الأوسط، لكن ستكون تركيا الخاسر الأكبر بما يجري في سوريا، إن بقي النظام، أم ذهب، واصبحت تخاف من ذهابه أكثر من بقاءه، واليوم هي رهينة الأزمة. تورطّ اردوغان في ما يجري، جّرَ تركيا إلى ما كانت تخاف منه، الا وهو تقسيمها، فوضعها معقد أكثر بكثير من الوضع السوري، من الداخل الكورد، العلوين، الظاظا، العلمانيين والإسلاميين، ومن الخارج قبرص، ارمينية واليونان، ايضاً إيران، فهي القوة المنافسة لها في المنطقة، والحليف الروسي السوري، اما فيما يخص إيران، منذ أكثر من عشرين عام تتقاذف الولايات المتحدة الامريكية وإيران التهم والتهديدات، وفرض العقوبات من طرف الولايات المتحدة، واغلاق مضيق هرمز من طرف إيران، ولكن لم نرى أكثر من هذا، يلعبون لعبة الكر والفر( واحد بيشد والتاني بيرخي) بقى الحال على ما هو عليه بسبب احتياج الولايات المتحدة للورقة الإيرانية للضغط على دول الخليج. هل سيتغير السيناريو؟ من وجهة نظري، في هذه المرة، هناك سيناريو جديد، الأمور اختلفت كثيراً، ستسمح إيران لنفسها بالتدخل مباشرة في سوريا في حال أي تهديد خارجي لسوريا، هذا من طرف، وحزب الله، الحليف الاستراتيجي لسوريا، تهدد من طرف آخر، لأنهما يعتبران اي تهديد على سوريا هو تهديد مباشر لهم، فيما تحاول الولايات المتحدة بالضغط على روسيا التي تملك مصالح استراتيجية مع إيران وتعمل على خلق تحالف ايراني روسي، تمكّن روسيا وضع قواعد حربية في إيران، والتي لا تصب في مصالح واشنطن المنشغلة في تحضير الانتخابات الرئاسية، حيث تحاول الضغط على روسيا للضغط على إيران لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي، لأن الحرب لا تفيدها في الوقت الراهن، من طرف آخر تستعد اسرائيل وتعد سيناريو الحرب الخاص بها، وهي في حالة تأهب عالية، في حال ظهور أي تطور في الأزمة السورية، وفي حساباتها، حزب الله، إيران وسوريا، المنطقة اصبحت كجبل بركان قابل للانفجار في أي وقت، لكن من سيكون البادئ، وما هو مصير الشعب السوري، هنا يكمن السؤال.
إذاً مع كل الاستبداد والقمع الموجود في الدول العربية، ليست هذه المشكلة الاساسية، نعم هي مشكلة لنا كشعوب مضطهدة، كل شعوب العالم تتمنى أن تعيش بحرية وديمقراطية، ولكن يجب أن نرى ما هو أبعد من ذلك، المخطط الجديد لتقسيم الشرق الأوسط، كبداية،( والحبل على الجرار) الى اين سيذهب بنا المخطط الجديد للمنطقة، حرب اللاعودة، وتدمير سوريا، والشرق الأوسط؟ هل ستكون البداية سورية؟ هنا انا لا أدافع عن أي نظام عربي، فكلنا نعرف أنظمتنا، ولكن يجب على الاقل أن نحافظ على ما نملك، quot;الأرضquot;، quot; الوطنquot;، من سيكون المستفيد من كل ما يجري اليوم، وما هي الخطوات القادمة؟ سؤال يسأله كل سوري، وكل سكان المنطقة.
التعليقات