لايبدو أن الامريکيين على عجلة من أمرهم في التخلي عن النظام الايراني، والاکثر أهمية من ذلك، انهم لايزالون لايبدون على الدرجة اللازمة من الجدية للإصطدام الکامل مع هذا النظام و التقاطع معه کليا.
وشائج العلاقة الضمنية الخاصة بين طهران و واشنطن وان کانت واهنة بعض الشئ و تکاد أن تشبه أحيانا خيوط العنکبوت، لکنها بالغة الحساسية و الاهمية بالنسبة للطرفين الى درجة ان کلاهما غير مستعدان للتفريط بتلك الخيوط بل و يتفننان في المحافظة عليها، ونظرة متمعنة في مجريات الاحداث في سوريا، تؤکدquot;حرصquot;وquot;حذرquot;الطرفين من إضاعة رأس خيط تلك العلاقات في خضم ذلك التشابك و التعقيد على الارض السورية الساخنة.
العودة الى ماضي العلاقات بين الطرفين، وخصوصا بعد وفاة الخميني و ذلك الانفراج النسبي الحذر جدا الذي شهدته الساحة السياسية في إيران، تؤکد بأن النظام الايراني و الولايات المتحدة الامريکية قد جعلا من مسألة العلاقة الضمنية المبنية على لغة الايحاءات و الإيماءات و طريقة quot;أياك أعني واسمعي ياجارةquot;، رکنا رکينا في الخط العام للمسار السياسي للطرفين، وعلى الرغم من أن الغزل بين الطرفين قد بلغ ذروته عام 1997، عندما أقدمت إدارة الرئيس بيل کلينتون على إدراج منظمة مجاهدي خلق المعارضة ضمن قائمة المنظمات الارهابية في خطوة إتسمت بالتسرع المشوب بالتهور، وکان کلينتون ينتظر أن تکون خطوته هذه بمثابة الهدوء الذي سيسبق عاصفة التغيير في الخط العام السياسي للنظام الايراني او على الاقل ميلان الملالي لإنتهاج سياسة أکثر إنفتاحا و إنسيابية مع بلاده، لکن لم يحدث شئ من ذلك بالمرة وانما يمکن القول أن واشنطن قد قدمت سلة مملوءة للملالي في حين لم تتلقى حتى سلتها الفارغة!
بدء تطبيق العقوبات النفطية ضد النظام الايراني من جانب الاتحاد الاوربي منذ الاول من تموز الجاري، خطوة بنى عليها الکثيرون أفکارا و رؤى من أنها ستحفز و تدفع بالادارة الامريکية الى إنتهاج سياسة أکثر أکثر تشددا و جدية ضد النظام الايراني، خصوصا بعد أن بدأت أصواتا کثيرة تتعالى من داخل الولايات المتحدة تطالب ادارة الرئيس اوباما بإنتهاج سياسة جديدة ازاء الملف الايراني تتسم بقدر أکبر من الواقعية و الحيادية و تحث على أن تنأى واشنطن بنفسها مسافة أکثر بعدا عن نظام الملالي، وهو أمر أرعب النظام الايراني و اقلقه کثيرا مع ظهور دلائل و علامات إمکانية إخراج منظمة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الارهابية، ولذلك فقد نشط لوبي الملالي في واشنطن بصورة ملفتة للنظر و ألقى بثقله من أجل شن حملة شعواء ضد منظمة مجاهدي خلق، واقترنت هذه الحملة أيضا بحملة أخرى قاده النظام الايراني ضد سکان مخيمي أشرف و ليبرتي، حملة دفع بخبث و مکر و دهاء مارتن کوبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من جانب، و حکومة نوري المالکيquot;التعبانة من فرط تبعيتها للملاليquot;، من جانب آخر، لکي شکلان رأسي الزاويتين الاخريين للمثلث المتساوي الاضلاع الذي أحاط بسکان أشرف و ليبرتي!
فندق اليمامة الذي قفز اسمه فجأة الى دائرة الضوء بعد تلك الوثيقةquot;الفضيحةquot;التي تمکنت المقاومة الايرانية من الحصول عليها، والذي له علاقة وثيقة بخارطة طريق غريبة تفتقت عنها فجأة ذهنية مارتن کوبلر، وبموجبها يتم وضع البقية الباقية من سکان أشرف البالغ عددهم 1200 فرد، في فندق مؤجر لحساب المخابرات الايرانية، وهي خارطة طريق يبدو انها قد راقت للإدارة الامريکية فراحت ترقص طربا على وقع أنغامها و هي من فرط نشوتها و ثمالتها عادت کحليمة الىquot;عادتها القديمةquot;، فنست کلquot;الهجر و الغدرquot;وquot;الجفاءquot; و إمتلأ قلبهاquot;وصلاquot;وquot;وداداquot;وquot;هياماquot; للملالي، ومن أجل ذلك فقد عادت لتنتهج سياسة متشددة ازاء مجاهدي خلق على أمل أن تحظى بثمة إبتسامة او حتى شبه إبتسامة من الوجوه المتجهمة للملالي الذي يجلسون على تلة من بارود قد ينفجر بهم في أية لحظة و في النهاية سيخرج الاميرکان من عشقهم بالملالي بحصيلة يمکن تجسيدها في المثل العراقي المشهور quot;لا أبو علي و لامسحاتهquot;*! وهو يضرب على من لايثمر جهده عن شئ.
- آخر تحديث :
التعليقات