ربما لم يضف الخطاب السياسي البحريني جديداً حين وصف السلوك الايراني تجاه دول الجوار الخليجية بأنه يمثل "إرهاب الدولة"، فالجميع يعرف أن مملكة البحرين الشقيقة دولة مسالمة ولم يعرف عنها أي بصمة على صعيد التجاوزات الكلامية والتناحر السياسي والاعلامي، فالاشقاء البحرينيين يدركون حساسية موقعهم الجغرافي وحدود القوة الشاملة لدولتهم، وبالتالي فلا طاقة لهم بمناوئة واستعداء إيران الجار القوي، ولكن حين يفيض الكيل وتتجاوز الأمور حدودها فالصمت يصبح رذيلة مستهجنة، لاسيما أن الأمر في هذه الحالة يتعلق بالأمن الوطني لمملكة البحرين الشقيقة، إذ لا فائدة حينها من الصمت وممارسة فضيلة الصبر في ظل جار لا يشغله سوى الكيد وتدبير الفتن والمؤامرات؟؟!
&حين نطقت البحرين واتهمت إيران بشن حملة "إرهاب الدولة" بهدف زعزعة استقرار دول الجوار، والاطاحة بالأسر الحاكمة& في دول الخليج العربية من خلال تقديم الدعم المالي، وتوفير الملاذ للارهابيين الذين يخططون لهجمات في مملكة البحرين وغيرها، فإن علينا أن نتأكد أن ماهو معلن ليس سوى قمة جبل الجليد مما اكتشفه الأشقاء في مملكة البحرين حول مؤامرات إيران ضد أمن بلادهم الشقيقة.
&إيران التي تنفي ليل نهار وجودها في اليمن، سبق أن تباهت علنا باحتلال أربعة عواصم عربية كبرى من بينها صنعاء، وهاهي الآن تدبر المؤامرات ضد البحرين، وتهدد علناً السعودية بترسانة صاروخية قوامها ألفي صاروخ تنتظر إشارة المرشد الأعلى علي خامنئي!! وعندما ترعى إيران تدريب عشرات المواطنين البحرينيين من أجل تنفيذ عمليات ارهابية في بلادهم، وذلك ضمن مخطط لإسقاط الأنظمة الحاكمة في دول مجلس التعاون بحسب تأكيدات وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، فإن الأمر يستحق وقفة جادة حتى لا تصبح المنامة عاصمة مضافة إلى قائمة العواصم العربية التي يتباهي المسؤوليون الايرانيون باحتلالها وسيطرة بلادهم عليها!!
عندما قامت مملكة البحرين الشقيقة بطرد السفير الايراني أوائل اكتوبر الجاري، استغرب البعض ذلك، لاسيما أن البحرين لم تفعل ذلك في أزمات وتوترات سابقة مع الجار الايراني، ولكن الفتن والمخططات الايرانية لم تترك مجال للسلطات البحرينية لابتلاع ما اكتشف من خطط تآمرية جديدة تستهدف أمن البحرين واستقرارها.
ما يثير السخريةفي مايحدث من حولنا أن المتحدثة باسم الخارجية الايرانية مرضية أفخم تقول أن السعودية التي تتدخل عسكريا في اليمن ليست مؤهلة للحديث عن تدخل دولة أخرى، وما تجهله هذه المتغطرسة أن السعودية لم تتصرف بمفردها بل تحركت تحت غطاء الشرعية الدولية، وبضوء أخضر من مجلس الأمن الدولي ومباركة بقية الدول العربية التي تشارك معها في التحالف الدولي الداعم للشرعية الدستورية في اليمن، وبالتالي فالمسألة لا تتعلق بتدخل عسكري ينتهك سيادة دول أخرى كما تفعل إيران في اليمن والعراق وسورية وما تحاول استنساخه في مملكة البحرين!!
الاحتلال الايراني والتدخلات السافرة في شؤون الدول العربية انقلبت في قاموس السيدة أفخم إلى "نهج مسؤول" في اليمن وسورية والبحرين!! ثم بعد ذلك تعود لتكرر العبارة التقليدية الايرانية الممجوجة القائلة بأن "السبيل السياسي هو الخيار الأفضل لحل وتسوية المشاكل بالمنطقة" وهي جملة تذكرني ـ شخصيا ـ بما قاله وزير الخارجية الايراني في موعظته المثيرة للسخرية، التي نشرها منذ نحو شهرين أو يزيد في صحيفة "السفير" اللبنانية، تحت عنوان "الجار قبل الدار" والتي طالب فيها بالبحث عن آليات تساعد جميع دول المنطقة على اجتثات جذور الارهاب والتوتر من المنطقة!!
حسناً قال السيد ظريف والمتحدثة باسمه، فهل تريد فعلا ياسيد ظريف اجتثاث جذور الارهاب؟ أقولها لك ببساطة .. فلترفع بلادك أياديها وتغلق خزائنها وتكف لسانها عن الدول العربية المجاورة وذلك كاف جداً للقضاء على نحو خمسون بالمائة أو يزيد من الظاهرة الارهابية في الشرق الأوسط، ويتبقى النصف الآخر رهن القضاء على تنظيمات الارهاب وجماعاته مثل داعش والقاعدة وغيرها. وإذا كان السيد ظريف قد استشهد بالآية 46 الواردة في سورة الأنفال، والتي يقول فيها المولى عزوجل "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" فنحن أيضا ندعوه إلى تدارس الآية الكريمة ذاتها وفهم معانيه جيداً، لاسيما أنه قد تطرق إلى آية كريمة أخرى في المقال ذاته، وهي الآية 10 من سورة الحجرات "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم"، وادعوه للتدبر فيها مع ملالي نظامه واكتفي بالسؤال: هل من أخلاق الأخوة أن يخزن الأخ هذا الكم الهائل من المتفجرات في بيت أخيه كي ينسف أمن بلاده واستقرارها؟ وهل من الأخوة أن يحرض الأخ أخوه على القتل والذبح وسفك الدماء سواء في اليمن أو العراق أو سورية؟
لا أجد هنا سوى أن أذكر بدوري وزير الخارجية الايراني الفقيه محمد جواد ظريف بالآية الكريمة (204) في سورة البقرة "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام"، وأقول له كفاكم تظاهراً بالصلاح والتزام التقية السياسية، فسلوككم يفضح نواياكم، وما تفعلونه بات عصي على الاخفاء، وإرهاب دولتكم بات واضح لكل ذي بصيرة، والبلطجة الاقليمية والاستفزاز السافر لمن تزعمون أنهم "أخوة" لكم في الدين يفضح تستركم وراء الاسلام البرىء من سلوككم ونواياكم العدوانية.
&