إن قرار البرلمان العراقي حجب المواقع الاباحية في العراق يوحي بأن البرلمان العراقي يسيطر عليه خطاب ديني تقليدي محافظ، وهو المسؤول الأول والرئيسي عن الكثير من الاخفاقات التي تواجه البرلمان العراقي في عملية تشريع القوانين وكيفية ملائمتها مع مبادئ النظام الديمقراطي. ويدل هذا أيضا ً على مدى جهل من يقودون هذا الخطاب من البرلمانيين لأبسط قواعد العمل الديمقراطي، وهنا أنا أركز على كلمة الديمقراطية كون النظام السياسي في العراق يدار بمدأ الديمقراطية التي كتب على أساسها الدستور. يعزو من أيد هذا القرار إلى أن المواقع الاباحية تفسد أخلاق الناس والمجتمع مما أدى ويؤدي لازدياد نسبة الجريمة والعنف الجنسي وإرتفاع نسبة الطلاق وغيرها من العواقب الكارثية على الفرد والمجتمع.

لأريد أن أناقش كثيرا ً تلك المبررات لأن البرلمان العراقي لم يشر كيف وصل لتلك النتائج وأي دراسات ولا أقول دراسة واحدة لأن الحقيقة العلمية تعتمد على دراسات متعددة تتكرر لتصل لنفس النتيجة فتحولها لحقيقة مؤقتة، ولو كانت هناك دراسات مؤكدة لمنعت الكثير من الدول مواطنيها من ارتباد تلك المواق, ولكن، أريد تسليط الضوء على طريقة تشريع القوانين والتي تفتقد للمهنية الكافية. فكل مشاريع القوانين التي تعرض للتصويت كآخر مرحلة من مراحل التداول لابد أن تعتمد على معالجة كافية تسبقها، لابد أن تطرح على الرأي العام من خلال مناقشتها في المجال العام وفي أروقة منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المعنية وتداولها بشكل كافي في وسائل الإعلام لبناء رأي عام ومن ثم يتم مناقشتها على مستوى الأحزاب وتحت قبة البرلمان.&

أما الموضوع الثاني وهو التحدث باسم الأخلاق من خلال ممارسة السلطة الأبوية من قبل من يتبنون هذا الخطاب وكأن الشعب العراقي مجرد رعايا في دولتهم الدينية، ولا يعلمون بأن حجب المواقع الإباحية وأن أدى لبعض الإيجابيات إلا أنه يشكل إنتهاكا ً واضحا ً وصريحا ً لحرية الفرد وحياته الشخصية الخاصة والتي تعد من أشد الموبقات الأخلاقية بحق المواطن والتي تفوق بلا أخلاقياتها حجم مايشاهد من صور وأفلام إباحية أضعافا ً مضاعفة لأنها تستند لمبدأ دستوري يحفظ للفرد حريته وخصوصيته. وأن كانت هذه البداية التي يعتقد بعض السذج بأنها جيده, لكنها في الواقع ستفتح بابا ً عريضا ً لتدخل السلطة في تشريع قوانين أخرى تنتهك حق الفرد وخصوصيته بحجة الحفاظ على الفضيلة أو لدواع أمنية كالتجسس والإستيلاء على المال الخاص وغيرها الكثير.

من جهة أخرى يشير تشريع هذا القانون كيف أن مشاكل كبيرة يتم معالجتها بطريقة ساذجة ومن خلال الالتفاف على حقيقة المسببات الأساسية لتلك المشاكل. موضوع الجريمة والعنف والطلاق والإدمان وغيرها لها مسبباتها الاجتماعية والاقتصادية كالبطالة وأزمة السكن وثقافة القبيلة والقوانين القدي التي لاتصلح لوقتنا الحالي. فمن باب أولى كان على البرلمانيين ليس أنتهاك حق الفرد الشخصي بل مناقشة كيفية بناء مشاريع إسكان عملاقة أو جلب أستثمارات وتشغيل مصانع لتقليل نسبة البطالة وغيرها من القوانين التي تمس حياة المواطن العادية اليومية. أن هناك ظواهر في المجتمع العراقي أكثر عهرا ً وفسادا ً أخلاقيا ً من مواقع اباحية كثيرة، هل هناك أكثر عهرا ً من الفقر والظلم والفساد والرشوة وغسيل الأموال وغيرها، وهل هناك عهرا ً أكثر من مؤسسة تمارس دور الحارس للأخلاق والفضيلة وهي عليها ألف علامة إستفهام في خرق قوانين الأخلاق والفضيلة من خلال الأمتيازات الكبيرة والغيابات الكثيرة حينما يصطاف قسم من أعضائه في دول مختلفة من العالم ويحج القسم الآخر لبيت الله فيما يقاتل قسم كبير من العراقيين على جبهات مختلفة لصد عدوان داعش ويهاجر قسم أخر وقسم يموتون من الجوع وحر الصيف الاهب!

&

[email protected]