لا يمل الاعلام الحاقد الموالي لبعض التنظيمات والجماعات الارهابية والذي تدعمه بعض الدول العربية والأجنبية من ترويج الشائعات وتكرار اتهامات مغرضة بحق دولة الامارات العربية المتحدة، وآخر تلك الاتهامات أن السياسة الخارجية الاماراتية لم تعد تلتزم النهج السلمي والمبادىء التي انتهجها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأسس الدولة الاتحادية وفقاً لها.
وهذه الاتهامات ليس لها سند في الواقع ولا أساس، ويدرك كل من يعرف دولة الامارات وقادتها وتاريخها جيداً أن هناك منظومة من المبادىء والقيم الدينية والانسانية والحضارية التي تشكل الأساس الأخلاقي لدولة الاتحاد منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971 على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
بعض الأقلام المغرضة تمتلك تصورات مغلوطة وساذجة عن قواعد وأسس السياسة الخارجية الامارات، فتعتقد أن مبادىء مثل الحفاظ على الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي والايمان بالحوار والتفاهم وسيلة لفض النزاعات وتسوية القضايا وحل الأزمات نتناقض مع السلوك الاماراتي الحاصل حالياً في اليمن الشقيقً، انطلاقاً من انصياع هذه الأقلام لمموليها وترديدها لمزاعم لا تكلف نفسها البحث عن مدى حقيقتها أو حتى ايجاد مبررات تضفي عليها بعض المصداقية بدلاً من هذا الكلام الأجوف الذي لا يسمن ولا يغني عن الحقائق المعروفة.
الحقيقة التي لا جدال فيها أن وجود الامارات على أرض اليمن ومشاركتها ضمن التحالف العربي الداعم للشرعية الدستورية بقيادة المملكة العربية السعودية، إنما يجسد بقوة المبادىء التي وضعها زايد الخير والعطاء ـ طيب الله ثراه ـ خير تجسيد، فلم يكن القائد المؤسس ليفرط في أهل اليمن ولا أمنهم واستقرارهم ولم يكن ليرضى لهم الهوان والشقاء والفوضى وغياب الاستقرار الذي نجم عن تسلطية الميلشيات الحوثية ورغبتها في الاستيلاء على الدولة اليمنية تنفيذاً لرغبة واملاءات الملالي في طهران وقم.
ولمن لا يعرف نقول أن اليمن الشقيق على وجه التحديد، كان يشغل مكانة استثنائية في وجدان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فهو من كان يعتبر اليمن أصل العرب، وهو من أمر بإعادة بناء سد مأرب وإحياء هذا الرمز التاريخي، الذي يجسد الحضارة العربية الأولى في التاريخ وكان بنائه بأمر& مباشر من زايد الخير ـ طيب الله ثراه ـ وعلى نفقته الخاصة بمنزلة انبعاث جديد للروح العربية الأصيلة في مهد العرب، مأرب الأصالة والتاريخ والحضارة، ولذا لم يكن دفاع قواتنا المسلحة الباسلة عن هذا السد التاريخي العظيم واستعادته في معارك الفخر المجيدة مؤخراً، سوى إشارة جلية إلى دفاع دولة الامارات وأبناء زايد وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ عن أصالة العرب ومهد حضارتهم. وماأشبه الليلة بالبارحة فلو كان زايد الخير حياً بجسده بيننا اليوم ـ وهو حي بالفعل بروحه وأعماله وأياديه البيضاء ـ لم يكن ليتردد لحظة واحدة في اتخاذ قرار المشاركة ضمن قوات التحالف العربي، فلم يكن لرجل بهذا المستوى العميق من الشهامة والأصالة ليفرط في أصل العرب لمصلحة رغبة توسعية فارسية جامحة!!.
ما زال البعض يتشكك في تحليلي!!! حسناً.... أذكركم بواقعة يعرفها الجميع، ولعلنا نتذكر جميعاً كيف وقف زايد الخير مع مصر العروبة في حربها من أجل استعادة أرضها التي اغتصبتها إسرائيل في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، حين وقف ـ طيب الله ثراه ـ بعزيمة الأبطال وقفته الشهيرة ليؤكد أن النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي، وليصدر قراره التاريخي بوقف ضخ النفط إلى الدول الغربية المساندة لإسرائيل، مع أن حسابات السياسة والاستراتيجية وقتذاك لم تكن تدعم مثل هذه القرار، الذي كان يمثل مغامرة سياسية بكل المقاييس، على الأقل لكونه صدر عن قائد دولة لم يمض على تأسيسها وقت صدور القرار سوى عامين تقريباً، ولن يلومها أحد إذا لم تقدم يد العون للأشقاء، ولكن حسابات زايد لم تكن كحساباتنا الضيقة، ولم يكن ينظر للأمور بنفس نظرتنا الرقمية، بل كان للأخوة والشهامة والمبادىء والقيم عنده الثقل الأهم الذي يفوق معايير الاستراتيجية وحسابات الربح والخسارة فيها.
إذا كان زايد الأصالة والعروبة ـ طيب الله ثراه ـ قد فعلها منذ أكثر من أربعة عقود لنصرة الإشقاء في مصر الغالية ومساندتهم في معركة الشرف والعروبة، فهل نستكثر على خريجي مدرسته ومن تشبعوا بمبادئه من ابنائه الكرام أن ينهجوا الدرب ذاته وينتصروا للأشقاء في اليمن حين يستغيثون بهم اليوم؟!
المبادىء في دولة الامارات لا تتجزأ والحقائق ليس لها وجهان ... فالأصالة والعروبة والقيم هي ذاتها المحرك للقرارات والسياسات، وقالها بكل وضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حين اعتبر أن "الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ" وأن أمن أي دولة عربية هو جزء من الأمن الوطني الاماراتي، فليس بعد ذلك شرح ولا تحليل فالثوابت ساطعة ولا مجال للمزايدة أو المساومة على مواقف الامارات تجاه أي قضية عربية.
&