اتفاق لوزان بين الغرب وايران لم يكن خيارا بل اضطرارا.

قبل كل شيء من الصعب القول ان هناك اتفاقا او معاهدة بالمعنى الحقيقي والواقعي قد تم الوصول اليه حول المفاعلات النووية او تخصيب اليورانيوم، اذ ان ماجرى في لوزان هو تأجيل القضية الى حزيران ليس الا.

ومع ذلك تم تسمية ذلك بالاتفاقية، لا بل بالاتفاقية التاريخية ايضا.

ان ما حصل في لوزان اي الاتفاقية كما تسمى انما كانت ضرورة ملحة ليس لطرف دون آخر، بل للطرفين وفي هذا الظرف بالذات.&

لماذا؟

لمعرفة السبب في اضطرار الطرفين للاتفاق علينا ان نعود الى بدايات تسعينات القرن الماضي وبالتحديد الى حرب تحرير الكويت.

مع تحرير الكويت من الاحتلال وانهزام الجيش العراقي انتفض العراقيون الشيعة في الجنوب والكرد في الشمال وبات سقوط النظام حتميا.

في الوقت الذي انتظر فيه الجميع سقوط نظام صدام خلال ساعات اوايام، اذا بالآية تنقلب ويقضي النظام على تلك الانتفاضات الشعبية العارمة والعفوية وقمعتها بهمجية ووحشية اشتهر بها صدام ونظامه.

العالم وشعوب المنطقة اصابتهم الدهشة والاستغراب من التصرف الامريكي ازاء نظام صدام. حاربه في الكويت وانقذه من السقوط في الداخل العراقي.&

بعد مرور الزمن اعترف الرئيس الامريكي حينها جورج بوش الاب انه انقذ نظام صدام المتهالك وذلك للحفاظ على الدولة العراقية من السقوط وبالتالي البقاء على توازن القوى في المنطقة للحؤول دون هيمنة ايران على العراق والخليج.&

اميركا كان امامها خياران حينها، اما سقوط النظام وبالتالي انهيار الدولة العراقية وما سيتبع ذلك من زعزعة استقرار الخليج وتفتت الدولة وهيمنة ايران العدو اللدود لامريكا في تلك الظروف، واما انقاذ النظام والدولة معا. اختارت امريكا الخيار الآخر ولكن الى حين،حيث عاد بوش الابن ليقضي على نظام صدام بعد ثلاثة عشرة عاما.

الآن نحن امام نفس الحالة والظروف في الازمة الغربية ـ الايرانية والذي افضى الى اتفاقية لوزان قبل ايام.

العقوبات الاقتصادية الغربية على ايران و النجاح في خفض اسعار النفط اوصلت الدولة الايرانية الى الافلاس و الانهيار الكامل. ولكن هل كان النظام وحده سينهار ام دولة ايران ايضا؟. لا.... لو استمرت العقوبات على نفس الوتيرة لكان ذلك ادى الى انهيار الدولة الايرانية في نفس الوقت.

الاتحاد السوفييتي بكل جبروته لم يفلت من الانهيار والسقوط امام العقوبات والضغوط الاقتصادية التي فرضها الغرب بزعامة امريكا في القرن الماضي وشاهدنا تلك الدولة العملاقة تتهاوى وتتفتت كقلعة من الرمال تذروها الرياح.

انهيار الدولة الايرانية في الوقت الحالي هي اكثر خطورة من انهيار الدولة العراقية في التسعينات.

ماذا يعني انهيار الدولة الايرانية؟

ــ انفجار حرب اهلية طائفية على غرار ما يحدث الآن في سوريا واليمن والعراق.

ــ تفتت ايران الى بلوجستان في الشرق وكردستان في الغرب وآذربيجان في الشمال وعربستان في الجنوب فارستان في الوسط.

ــ انتقال الحروب الطائفية الى دول الخليج.

ــ احتمال انتقال الحروب الطائفية والعرقية شرقا الى باكستان وافغانستان ودول الاتحاد السوفييتي السابقة في اسيا الوسطى.&

ان اخطر تداعيات هذا السيناريو يكمن في تعرض الملاحة في الخليج الى الانهيار واصابة نظام الطاقة العالمي بالشلل وبالتالي زعزعة الاستقرار والسلم العالمي بشكل غير مسبوق.

الرئيس جورج بوش الاب انقذ نظام صدام ليمنع انهيار الدولة العراقية و فتح الطريق امام السيطرة الايرانية، والرئيس باراك اوباما ينقذ النظام الايراني حاليا من العقوبات ليمنع انهيار الدولة الايرانية وتداعياتها المذكورة آنفا.

السؤال هنا هل انقاذ الدولة الايرانية على يد الغرب حاليا سيكون ايضا مؤجلا الى ان تتهيأ الظروف المناسبة للاطاحة بالنظام لاحقا كما حدث في العراق عام 2003 على يد الرئيس جورج بوش الابن؟

هل الحرب اليمنية أو بالاحرى الحرب الخليجية ـ الايرانية خطوة في هذا الاتجاه؟.

هل تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي الى حزيران هو اعطاء مهلة لايران لتعيد النظر في سياساتها؟ ام فتح المجال امام التحالف الخليجي لانهاك ايران عسكريا ومعنويا حتى حزيران لفرض اتفاقيات اكثر تشديدا وصرامة على ايران فيما يتعلق باليورانيوم والتخصيب؟.&

&

&

كاتب كردي

&