بداية لا بد من شكر شعوب بعض الدول الغربية، المانيا النمسا ايسلندا السويد النرويج هولندا بلجيكا وفرنسا، على ما قدموه ويقدموه في هذا المضمار. لا اتحدث هنا عن الاحتياجات المادية، حيث تحاول هذه الدول قدر المستطاع. بل اتحدث عن البعد الإنساني، الذي تجلى بأبهى صوره لدى هذه الشعوب وخاصة الشعبين النمساوي والألماني. الطفل السوري إيلان، الذي مات غرقا في البحر، صورته وهو ممدد على الشاطئ. اثارت موجة تعاطف انساني عارمة، للأسف هذه الموجة، لم تترجم سياسيا بموقف دولي حازم من الفاشية الاسدية، التي تسببت بتهجير السوريين. مرة أخرى لابد من التذكير بتقارير المنظمات الدولية وعلى راسها منظمة الأمم المتحدة، هذه التقارير التي تؤكد أن الفاشية الاسدية مسؤولة بأسلحتها وبراميلها عن مقتل 95% تقريبا من الضحايا المدنيين السوريين والذي تقدر أضعف الأرقام فيها، أنهم أكثر من 300 ألف قتيل عدا عن المفقودين والمعتقلين وتهجير أكثر من 10 مليون سوري. وال 5% البقية تقريبا مسؤولة عنها داعش، بالدرجة الأولى وبعض الفصائل المسلحة. الموقف الدولي سياسيا بزعامة باراك أوباما منحط سياسيا واخلاقيا. اوباما الذي لم تحركه مجزرة الكيماوي قبل سنتين ونيف بحق أطفال سورية، على يد الفاشية الاسدية. هنا أيضا لابد من تأكيد فكرة يتشدق بها باراك أوباما، أنه لا يريد التدخل في سورية او ارسال جنود أمريكيين إلى هناك. إنه يكذب بكل صفاقة ووقاحة. لأن ادارته وأجهزتها تتدخل بكل شاردة وواردة في سورية، وتعرف عن تفاصيل الحالة السورية، أكثر من بقية دول العالم وأكثر من السوريين أنفسهم ربما. هذه ليست هجرة بالمحصلة إنها تهجير بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. لأنها لم تتم برضا أصحابها. بل بحكم الموت والمستقبل المسدود لاصحابها واطفالهم. تمر الذكرى السنوية للتفجير الإرهابي لبرجي التجارة العالمية في نيويورك11 سيبتمبر الذي قامت به القاعدة. هذا التفجير الذي راح ضحيته مواطنين أمريكيين أبرياء. واطلق بعده العنان لما عرف بالاسلاموفوبيا، حيث تحول المسلم إلى إرهابي بمحض دينه. المسلم لم يعد فردا مسؤولا عن اعماله كفرد امام القانون، بل تحول إلى إرهابي مسؤول عن القاعدة!!هذا إعلاميا على الأقل.

فضاء معاد بشكل واضح وسافر تجسده الميديا الغربية عموما، والأمريكية خصوصا. الميديا الإخبارية، أفلام، مسلسلات، مؤتمرات، ندوات. منذ انطلاق الموقف الألماني في قبول السوريين كمهاجرين، ولحقت بها بعض دول أوروبا، ما عدا الدول السلافية، هنغاريا بولونيا سلوفاكيا رومانيا، ذات الأصول الاشتراكية. هذه الدول فيها شعوب اقل تأثرا بالاسلاموفوبيا الغربية. هنا المفارقة التي تحتاج لبحث خاص. الاسلاموفوبيا لدى هذه النخب السياسة في تلك الدول، نابعة من اسلاموفوبيا بوتينية روسية هذه المرة. هذه دول نخبها تعودت منذ زمن بعيد ألا يكون لدولهم دورا مستقلا بالمعنى النسبي للعبارة. الآن منذ انطلاق الموقف الأوروبي الغربي بزعامة المانيا، لاستقبال التهجير السوري، لم يعد المسلمون خطرا أو مصدرا للارهاب. الموقف الإنساني الأوروبي الغربي الآن تقوده نخب سياسية. خرجت لنصرة اللاجئين إنسانيا. دون أن يكون لهذا الخروج صدى سياسيا يحدد موقفا من القاتل الاسدي، موقفا يتناسب نسبيا مع حجم الجريمة الاسدية بحق الشعب السوري. خروج التظاهرات نصرة لاستقبال اللاجئين السوريين والتعاطف معهم. كان يمكن أن يتم بهذا الزخم لولا تبنيه من قبل نخب أوروبية سياسية فاعلة. هذه النخب نفسها او بعضها، كان يقود التصعيد في الاسلاموفوبيا والعداء لقضايا المسلمين. هل للمسلمين قضايا تجمعهم، غير قضية أنهم محكومين من قبل أنظمة فاشية وديكتاتورية مغطاة من قبل دول هذه النخب!! أليست هذه النخب ذاتها من لاتزال تغطي الجريمة الاسدية؟ أليست هذه النخب من تمنع حتى اللحظة، نشر أي شيء عن مجازر الأسد بحق الشعب السوري؟ التهجير السوري كشف كذبة الاسلاموفوبيا. كما أنه ضع مشكلة الإرهاب بكونها مشكلة سياسية، وأن الارعاب القاعدي أو الداعشي ما هو إلا صناعة حداثوية!

الشعوب الأوروبية في النهاية ذات موقف انساني مثلها مثل بقية شعوب الأرض، لكنها أيضا هي حواضن لنخب سياسية، ومراكز قوى ومصالح. ارتأت هذه المصالح الآن وهذه النخب، أن تقوم بتهجير السوري، دون أن يكون لها موقف واضح من حل المشكلة من أساسها الا وهي: الاسدية الفاشية المجرمة. هذا الموقف الإنساني ما كان ليظهر بهذا الزخم لولا تغير في موقف هذه النخب. هذه النخب لحست كلامها عن الخطر الإسلامي!! على أوروبا. ماعدا أكثرية النخب في الدول السلافية لأنها مع بوتين سياسيا ومجتاحة اقتصاديا من قبل دول أوروبا الغربية، لهذا تحاول أن تحل هذا التناقض من خلال تصعيد الاسلافوبيا في دولها، والوقوف ضد السوري كونه مسلم حتى لو كان مسيحيا!! فهم يكذبون عندما يصرحون انهم يريدون لاجئين مسيحيين، هم لا يريدون أي لاجئ لأنها سياسة بوتينية. ربما اذا وصل لعندهم لاجئ سوري مسيحي، يتساهلون معه أكثر لكنهم في النهاية لا يريدون أي لاجئ. التهجير السوري والطاولة السياسية الغربية الآن، كشفت عن أن المسلم ليس خطرا على أوروبا. الأرقام المطروحة تشير إلى استعداد دول الغرب لاستقبال اكثر من نصف مليون سوري، غالبيتهم العظمى مسلمين، لأن اكثرية مسيحيي سورية، لا يريدون ترك بشار الأسد لوحده في سورية.

حل مشكلة التهجير السوري، تبدا بإزالة مسببها وهم آل الأسد. أوباما لا يريد وهذا بوتين يتحول إلى نمر الآن، ليس لأنه نمر أساسا. يريد الآن أن يظهر أن روسيا بوتين رقما صعبا. مع أنها رقم هزيل قياسا لدول الغرب وامريكا. لهذا يرسل طائراته وغواصاته. الاسلامفوبيا كذبة اخترعتها أميركا. ستوقفها أمريكا في النهاية إذا لم تعد ذات جدوى. لهذا كتبنا كثيرا أن أوباما لا يريد القضاء على داعش ومسببها الولي الفقيه الاسدي. السوري يدفع الثمن. لكن دم السوري لن يكون رخيصا وقادم الأيام ستثبت ذلك.

&