عندما بدء البعث وعسكره اللعب بمصير سورية منذ منتصف الخمسينيات، واجبروا شكري القوتلي على الوحدة مع مصر، ثم استولوا على السلطة بانقلاب عسكري آذار 1963 كانت الدولة السورية في مرحلة الطفولة. حيث عاشت سورية تجربة ديمقراطية1954-1958 كانت تحبو نحو اكتمال عقدها عندما، تدخل العسكر البعثي، بقيادة اللجنة العسكرية، واعتمادا على ولاءات طائفية ومناطقية، خلفها جيش المشرق خلفه!! كان بين هؤلاء العسكر بعض المخلصين، الذين ارادو بناء دولة اشتراكية تجمع بين النماذج السوفياتية والصينية والكوبية!! لكن جاء حافظ اسد وصفاهم جميعا واستولى على الدولة الوليدة عام 1970 بانقلاب على رفاقه واصدقائه واودعهم السجون، بتواطئ غربي شرقي آنذاك. لا يوجد تواطأ غربيا شرقيا آنذاك إلا عندما تكون مصلحة اسرائيل في المقدمة. بعدها بدأت سورية تعرف مسيرة تحطيم الدولة الوليدة ودخول مجتمعها بالفساد والطائفية والقمع على يد الاسدية. 50 عاما من عمر الاسدية في سورية، لم تشهد سوى قتل للمجتمع الوليد. كأنه مقدرا لهذه الدولة أن تصل بها الاسدية إلى ما وصلت إليه من دولة فاشلة بلامستقبل. حيث حلت الاسدية الطائفية والمفسدة والمجرمة قمعيا مكان كل سلطة الدولة. بعد ان تسلمتها الاسدية اربعة عقود ونيف قبل الثورة السورية لم تحل فيها مشكلة الكهرباء على الأقل!! حتى على مستوى المقارنة بين الديكتاتوريات، لم تنهب ديكتاتورية بلدها كما نهبت الاسدية سورية، التي تمتلك كل مقومات نجاح الدولة فيها، وزاد في تخريبها الاسد الاب عندما قرر توريثها لابنائه.

اتت الثورة السورية 18 آذار 2011. اربع سنوات ودخلنا في الخامسة من عمر الثورة، أظهرت حقد الاسدية وقاعدة موالاتها، حقدها على هذه الدولة والمجتمع السوريين. بدأ القتل البشع بالمتظاهرين السلميين، ووصفهم بشار بالجراثيم!! المجتمع السوري قبل مجيئ البعث والاسدية، كان منفتحا على كافة التيارات والرؤى السياسية، بما فيها بعثيوا الانقلابات والعسكر والطائفية. كانت اعداد الصحف التي تصدر والمنابر والاحزاب الموجودة، يؤكد ذلك. سورية كانت تحبو نحو دولة المواطنة والقانون. كيف لدولة أن تنمو وتزدهر، تحت ظل ديكتاتور جشع وقاعدة موالاة أكثر جعشا وفسادا؟ أظهرت التطورات اللاحقة أن سورية لا تعنيهم سوى أنها باب نهب وسلب. حتى وصلنا للوريث المجرم، ودخول عائلة مخلوف أيضا على خط النهب والسيطرة والفساد والتطييف. اصبح لدينا بشار وماهر وحافظ ورامي مخلوف وخلدون اولاد اخوال!!. بلد هكذا كانت تدار في سنوات حكم بشار. فهل سيترك هؤلاء أية دولة مهما كانت غنية أن تنجو من نهبهم وفسادهم؟ لكن النقلة التي حدثت بعد الثورة، ان الاسدية بدأت بالقضاء على الطفولة الفعلية لاطفال سورية كما تبين الاحصائيات الاخيرة.

قالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة "اليونيسف" إنّه مع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، وصل عدد الأطفال السوريين الذين هم الآن خارج المدرسة في سوريا والبلاد المجاورة إلى أكثر من 2.6 مليون طفل. وبحسب تقرير أصدرته المنظمة بالتعاون مع معهد "اليونسكو" للإحصاء، فأنّه خلال الأزمة السورية قد وصلت قدرات الخدمات الاجتماعية الأساسيّة إلى نقطة الانهيار، حيث كان لها تأثير مدمّر على ٤،٥ مليون طفل. وأكّد التقرير أنّه من بين كل ٥ مدارس في سوريا، هناك مدرسة واحدة قد دمرت أو تضررت أو استخدمت لأغراض أخرى. وخسرت سوريا حتى الآن، نحو ٢٠٪ من أعضاء هيئة التدريس والمرشدين الاجتماعيين. منظمة أوكسفام تحدثت عن مليون سوري اضطروا للرحيل عن سوريا فقط في الأشهر الثمانية الماضية! ما الذي تركته الاسدية لاطفال سورية؟ دمرت مدنهم وقراهم، وشردتهم في بقاع الارض يبحثون عن مأوى وليس عن مستقبل. 5 مليون طفل من اصل سكان تعدادهم 23 مليون، اصبحوا خارج المستقبل الذي ينتظر الاطفال عادة. هل يمكن أن يكون هنالك جريمة بعد هذه الجريمة الاسدية؟ ماذا سيفعل هؤلاء الاطفال وذويهم لتأمين احتياجاتهم؟ عداك عن محاولة تأمين حد أدنى من الحياة؟ وعالم اوباما ليس يتفرج فقط. بل تحول اوباما إلى زومبي لاطفال سورية يلتهمهم مع الاسدية والبحار. إنها ليست جريمة القرن بل هي جريمة لم يعرف التاريخ مثلا لها. كيف سينظر اطفال سورية لكل هذا عندما يكبرون؟ هذا إذا نجوا من الموت الاوبامي الاسدي.

أليس من حقهم أن يكونوا ضد اميركا وضد كل هذا العالم الفاجر؟