&

&
قبل أن يصدم القاريْ بمعرفه السبب دعوني اختصر لكم الموضوع، فعندما صدر قرار بتعين مديرة مسيحية لإحدى مدارس الطالبات في صعيد مصر فقامت الدنيا ولم تقعد بفعل الغوغاء وما أدراك ما الغوغاء! وتأمر الأشرار عليها وقاموا وحرضوا على إفشال المشروع الصليبي فكيف لمواطنة مصرية قبطية مسيحية كافرة تعين ناظرة لمدرسة ويكون تحت إمرتها مدرسات مسلمات ومدرسين رجال مسلمين. &على آية حال .فهذا الأمر ليس جديداً ولا مستحدثاً بل حدث ويحدث مراراً وتكراراً كل يوم وعلى مرأى ومسمع من كل السلطات التشريعية والتنفيذية بالبلاد طولاً وعرضاً ولا يجرؤ أحدهم على مجرد البوح أو الكلام وإلا خرج من ملة الإسلام في عرف هؤلاء الغوغاء.&
&
والأمثلة كثيرة جدا لا يوجد محافظ مسيحي واحد.. لا يوجد رئيس جامعة مسيحي واحد... لا يوجد عميد كلية مسيحي واحد ؟؟.. ويسأل أحد العقلاء وهل هل يوجد ضمن المجالس العليا للشرطة والدفاع والقضاء والأمن الوطني ولأمن القومي والمجلس الأعلى للصحافة والوزارات السيادية وغيرها &شخصية مسيحية واحدة ؟ ويجيبه العارفون بواطن الأمور لا نظن وليس كل الظن أثماً.&
المهم جاءت المديرة المسيحية في الصباح وبدلا من أن يستقبلوها بالتهاني والورود هتفت الطالبات ...نعم هتفت الطالبات في وجهها " مش عايزين مسيحية" " مش عايزين مسيحية"...&
&
يا للخزي ويا للعار... لقد تم نسف الدستور نسفا... لقد تم تحطيم القيم الإنسانية المشتركة بين كل اجناس الأرض تحطيماً.. لقد ماتت الدولة المدنية قبل أن تولد... لقد دمروا مفهوم المواطنة المعلول والمكسور أصلاً .&
&
في الحقيقة من الممكن تخمين أسباب ردة الفعل الشنعاء هذه!! فالمديرة المسيحية لن تفرض الحجاب على التلميذات الصغيرات أما الغوغاء فيطالبون بفرضه على القاصرات حتى يتعودن!! المديرة المسيحية لن تسمح بتعطيل الدراسة في اليوم خمس مرات بحجة الصلاة لأنها تؤمن أن العمل عبادة والمدرسة مكان للعلم وليس دور عبادة للصلاة، أما الغوغاء فلا يهمهم تعليم الفتيات لأنهن يجب أن يلزمن البيت فالمرأة عندهم خلقت لتلبية حاجات الرجل!! المديرة المسيحية ستهتم بإقامة قاعات للفنون والموسيقى والرسم والنحت والتصوير لتعليم الفتيات حب الجمال ونبذ القبح حتى يصبحن مواطنات صالحات يخدمن الوطن ويتعاملن برقي وتحضر مع الآخر، ويربين أولادهن على قيم الجمال والنظام والالتزام، أما عند الغوغاء فالفنون حرام. المدرسة المسيحية سوف تحبب الطالبات في الوطن وتحية العلم المصري كل يوم حتى ترسخ قيم الانتماء لمصر أما الغوغاء فيعتبرون هذا صنما وكفراً وعبادة للأوثان.
&
في الواقع أن كل هذه الأسباب ثانوية بسيطة لكن السبب الأهم من وجهة نظري والذي سوف يصدم القارئ العزيز هو تفاسير كثير من الشيوخ المحسوبين على مؤسسة الأزهر ومعهم عدد كبير من شيوخ السلفيين وغيرهم والتي ينشرونها ليل نهار في فيديوهات على اليوتيوب وعلى صفحات الفيس بوك والمواقع الأخرى عن كيفية العلاقة بين المسلم والنصراني أواليهودي حيث تقول أكثر التفسيرات انتشارا بثقل قائلها " إن رضيت اليهود والنصارى عن مسلم فليحكم بأنه فارق ملة الله. يجب أن تستعيذ بالله من أن تصنع تصرفا يرضي عنك اليهود أو النصارى لأن ذلك يعني أنك بحكم الله قد تبعت ملتهم، ولذلك يجب أن تفرقوا بين الرضا والتعايش لأن التعايش يقتضيك أن تتحمل فعل قالب لا بحب قلب، أما الرضا أن تقبل فعل القالب بحب القلب.&
&
أكاد لا أصدق هذا وحتى هذا أكاد لا اصدقه (على طريقة سقراط). &هل يمكن أن نتعايش بالزيف والرياء والنفاق بدون محبة حقيقية ؟؟؟ هل هذا معقول يا بني البشر؟؟ ما هذا الهراء ؟؟ ولماذا يا عمنا لم تتحدث عن الهندوس والبوذيين أم أن رضاهم عنك مقبول أما رضا النصارى فيخرجك من الملة؟&
&
من حق العاقل أن يسأل هل كان المقصود بالنصارى طائفة مسيحية كانت تعيش في جزيرة العرب في الزمان والمكان تؤمن أن الله تزوج العذراء فانجبت ولدا؟؟؟. لأنك لو سئلت أي إنسان مسيحي اليوم على وجه الأرض من مشارق الأرض إلى مغاربها هل أنت تؤمن أن الله تزوج العذراء فانجبت ولدا فسوف يجيبك بلا وألف لا بل أن الكتاب المقدس لا يوجد فيه كلمة ولد!! وإذا سألت أي إنسان مسيحي اليوم هل أنت لن ترضى عن أخيك المسلم حتى يتبع ملتك؟ فسوف يجيبك أبدا هذا لا يعنيني في شيء، انه إنسان مثلي أحبه بالحق والصدق وليس لأجل الدين الذي يعتنقه أو الدين الذي لا يعتنقه واعتقد أن نفس الإجابة ستكون من غير المؤمنين بالأديان أيضا.
&
على الدولة المصرية أن تتحمل مسئوليتها إن كانت لديها إرادة حاضرة من أجل مصر جديدة مدنية عصرية متقدمة .. على الدولة المصرية أن تنقي كل مؤسساتها الدينية والتعليمية والثقافية من أمثال هؤلاء الذين يفسرون الدين على هواهم فيدمرون أوطانهم ويضايقون ويفسدون الحياة الكريمة لجيرانهم وزملاءهم ويحرمونهم من حقوقهم الطبيعية بذريعة تفاسير دينية بعيدة كل البعد عن المقاصد العليا للشرائع السماوية، وذلك حتى لا تظل مصر تكافح وتكافح من أجل أن تساير العصر وفي الآخر تجد نفسها مرة أخرى إلى الخلف تسرع الخطى.
&
قال لي زميلي الأستاذ الإخواني في كلية الهندسة أنه لا يمانع أن يحكمه أجنبي مادام سيوفر له حياة كريمة وعندما سألته حتى لو كان مسيحيا فأحمر وجهه وتلون ثم أنصرف. &وعندما أخطأ أحد الأساتذة من زملائي من الذين يؤدون الصلوات بانتظام في مواعيدها &خطا إداريا وأردت تصويبه؛ انزعج وصار يصرخ بهستيريا ويشتم.. فمزحت معه لتهدئة الأجواء قائلا أنني سوف أدعو عليك واشتكيك لربنا فرد بسرعة البرق قائلاً " أنت بالذات لن تستجاب دعواتك" في إشارة إنني كافر كما فهم الحضور.
&
لن تفلح كل مساعي التنمية والتقدم في مصر في مناخ ضياع الحقوق وعدم تطبيق القوانين. لن تفلح كل مساعي تحقيق التنمية والأمن والآمان في مناخ الخلط بين الرضا والتعايش وبين الحب الحقيقي والحب المزيف ... لن تفلح البلاد وينجو العباد إلا بالضرب بيد من حديد على الغوغاء الذين يسيرون وراء فتاوى شيوخ التطرف وغير الفاهمين أيا كانوا يتبعون مؤسسات رسمية أو غير رسمية أو إدخالهم في مصحات نفسية للعلاج. حمى الله مصر أرضا وشعباً.
&