&
ما نعرفه هو أننا لا نعرف شيئًا. هذا باختصار كل ما يمكن قوله بعد " البريكست" أو قرار بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي. كَثرت التحليلات وامتلأت صفحات الصحف ومواقع التواصل بالمقالات والصور المعبّرة والنكات. والحال إن ضياعًا سياسيًا واقتصاديًا يسيطر على العالم بأسره. &وثمة خوف كبير من تراجع إضافي في الأسواق ولا أحد يعلم ما يمكن أن يكون تأثير زلزال خروج الدولة العظمى من الاتحاد.
بعض المسؤولين يشجع على خروج &بريطانيا في سرعة ، فيما آخرون يدعون للتروي وأخذ الحيطة تفاديًا لخطوات قد تزيد تقسيم الإتحاد الأوروبي. كثيرون يسعون إلى عرقلة عملية الخروج؛ اسكتلاندا وبعض رافضي فكرة مغادرة البيت الأزرق. كانت لافتة قبل أيام ممازحة رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أعضاء "حزب الاستقلال البريطاني" خلال اجتماع البرلمان الأوروبي لمناقشة خروج بريطانيا، إذ قال: "ماذا تفعلون هنا؟". &كلامه حمل لومًا وعتبًا وحزنًا وتلميحاً لاذعاً.
فوق ذلك بدأت تكهّنات كثيرة &تظهر، حول احتمال عودة بريطانيا عن قرارها من خلال حلّ سياسي. وليس مستبعدًا ذلك، لا بل قد يعيد بريطانيا أكثر قوّةً داخل الاتحاد حيث لطالما كانت الرابح الأكبر. لكنّ كلّ ذلك يبقى في إطار التكهنات.
إقتصاديًا تقول أوساط لـ"إيلاف" إن لا شكّ في سلبية انعكاسات الإستفتاء على المدى المنظور لكن إعادة الأمور إلى نصابها حتمية على المدى الطويل. الثقل الإقتصادي كبير لا سيّما على البنوك التي ستضطر إلى رفع فوائدها مع هبوط الجنيه الاسترليني، وإن لم يحصل ما حكي عنه من تعادل لقيمة الجنيه بالدولار الأميركي.
ولا تخفي مصادر "إيلاف" الاقتصادية في فرنسا وبريطانيا أن مصارف كبيرة كانت تتحضّر لسيناريوهات متعددة بينها إمكانية انتقال مراكزها الرئيسية من لندن إلى مدن أخرى كجنيف ولوكسمبورغ وباريس وأمستردام وغيرها. وقد قرر بعضها &ذلك في الواقع، حتى أن عددًا من الشركات انتقل إلى فرانكفورت لخشيتها ممّا يمكن أن يحصل. وقد أثّرت هذه الضعضعة خصوصاً في ثقة المستهلك حين أن الشركات تحرص قدر المستطاع على تدارك الوضع الطارئ وتفادي الأسوأ. وتتابع المعلومات أن كثيرين في بريطانيا عمدوا إلى بيع عقاراتهم قبل فترة خشيةً ممّا يمكن أن يحدث بعد الاستفتاء، فيما كثيرون يسعون إلى تحقيق أرباح من خلال شراء عقارات في بريطانيا بأسعار قد تصل إلى أقلّ بـ٣٠٪ ممّا كانت عليه قبل الاستفتاء.
حتّى أن عاملين في صناديق إدارة الثروات يعترفون بأنهم &لا يعرفون كيف يمكن أن تتبدّل الأمور، &وشركاتهم توضح لزبائنها أن ما يحصل حاليًا لا سابق له، وتداعياته مرتبطة بالتطورات السياسية في أوروبا.
الأكيد أن سنوات من الضياع تنتظر القارة ودولها. ضياع كان ربّما يجب التحضير له أكثر بدل استبعاد فكرة المغادرة. وفي بريطانيا &كثيرون يضعون اللوم على &
​من &صوّت مؤيداً فكرة الخروج. يقولون إن هؤلاء المؤيدين لم يدركوا خطورة الموضوع ربّما، أو أن داعمي الخروج عرفوا أن يسوّقوا جيّدًا لخطّتهم.&
على "غوغل" تضاعفت أسئلة بريطانييين عن ماهيّة الإتحاد الأوروبي ومدى تأثير خروج بريطانيا منه، ولكن بعد الاستفتاء وفوات الأوان أيضاً.
والمؤسف أن كثيرين اختصروا كلّ هذا الزلزال السياسي- الإقتصادي بمسألة المهاجرين إلى بريطانيا، متناسين أن مسألة الهجرة لا تنحصر في السوريين والأوروبيين الشرقيين والعراقيين والأفغان وسواهم. فالهجرة الحقيقية في بريطانيا هي من مستعمرات القرن الماضي، وقد استفاد البريطانيون منها إلى حد كبير.
هذا كلّه لم يعد ينفع. ما يهمّ هو كيف ستخرج أوروبا من النفق. بدأنا نقرأ تعابير جديدة مثل
​​Regrexit، أي الندم على الخروج، أو حتى &Breturn، أي عودة بريطانيا عن قرارها. فهل يستعيد العلم الأزرق نجمته؟ ما نعرفه أننا لا نعرف شيئًا.
&