لا تزال حرب 2003 مصدر اخذ ورد، مع تيار قوي، عربي وغربي يساري، يخطئ الحرب بحجة انها قامت للكشف عن اسلحة فلم تجد شيئاً. كما ان الكثيرين ضمن هذا التيار يحكمون هذا الحكم بسبب الاوضاع المتردية اليوم في العراق، سواء امنياً او خدماتياً ولانتشار الطائفية في المجتمع وهجمة الفساد. وثمة مواطنون بسطاء، وحتى بين البعض ممن يترحمون على العهد السابق، حين يرون ان امن كل مواطنة ومواطن صار في خطر الموت.
للموضوع في رأيي، جانبان: جانب مشروعية الحرب، وجانب الاوضاع الجديدة التي تدهورت لأبعد الحدود. لقد كنت من بين من ايدوا تلك الحرب عشية نشوبها وبعدها، وكنت ممن حملوا آمالاً عن ان العراق سيسير تدريجياً نحو شاطئ الديمقراطية تدريجياً، ومع الوقت، وليس بقفزات وطفرات. تلك الامال انهارت وقد عالجت أكثر من مرة اسباب التدهور، ما بين أخطاء امريكية فادحة، تدخل خارجي، ودخول القاعدة، ولاسيما تخلف النخب السياسية ذات التأثير الاكبر، فضلاً عن تركات النظام السابق في اخلاقية الناس وانتشار الانتهازية والمصلحية. والان، فماذا عن اسئلة الدمار الشامل. اخر ما اسمع منذ ايام في فضائية (العربية) حلقات حوار في هذا الموضوع، تحاول تفنيد حجج اسلحة الدمار الشامل، وكأنها لم تكن موجودة اصلاً، وان الولايات المتحدة هي التي روجت لتلك – الحكاية- او –الاسطورة-.. والآن.. ان القرارات الدولية التي سبقت الحرب اتخذت على أثر الغزو العراقي للكويت، وكان ذلك مغامرة طائشة وبداية انهيار العراق واستقراره، تلك القرارات اتخذت بإجماع الدول الكبرى ولم تكن مجرد قرارات امريكية. انها كانت تطالب العراق بفتح جميع الابواب والأماكن امام فرق التفتيش الباحثة عن اسلحة دمار شامل في العراق وهذا يعني ان جميع تلك الدول كانت تعتقد، (او تشك شكا قوياً) في امتلاك النظام السابق لتلك الاسلحة، كما ان تلك القرارات اتخذت وفق الباب السابع الذي يبيح استخدام القوة. وبدلاً من استخدام الشفافية وفتح الأبواب مارس النظام السابق المناورة وإعطاء معلومات وإخفاء اخرى وصولاً الى منع فرق التفتيش من دخول العراق. وكل هذه المواقف والإجراءات قوت الظنون وأعطت حججاً جديدة لمن يعتقدون بوجود الاسلحة، هذا من جهة وعلى صعيد اخر، فان حلبجة كانت برهاناً على حيازة العراق على السلاح الكيماوي. ولم نسمع عن تسليم ما بقي منه الى الهيئات الدولية المختصة. وفي حين هرب حسين كامل للأردن في منتصف التسعينيات فانه دل على مكان قرب بغداد حيث كانت مخبأة كميات من الاسلحة.
البيولوجية، عثرت عليها فرق ألتفتيش وأعلنوا عن ذلك. اما عن النووي فلم يقل أحد ان العراق على وشك صنع القنبلة، بل كانت التصريحات تؤكد وجود برنامج نووي عراقي بهدف القنبلة وهذا كان صحيحاً. والبرنامج كان موجوداً في الثمانينات واستمر، وعمل فيه بضع سنوات الدكتور حسين الشهرستاني نفسه. وهكذا تعرض القضية نفسها كما كانت الوقائع. وفي حينه نشرنا أكثر من مقال عن وجود ثغرة في الموقف الدولي، وهي الاقتصار على موضوع السلاح وإهمال موضوع انتهاكات حقوق الانسان على اوسع نطاق. واذكر انني كتبت ذات مرة للأخ الغالي جلال طالباني، عشية الحرب، ان على المعارضة ان تلح على هذه القضية لكي يتم ادراجها ضمن قرارات مجلس الامن.. هذه بضع ملاحظات في موضوع يتسع للسجال.
التعليقات