&هناك خيط رفيع بين العمل المخابراتي والعمل الصحفي.ويعتقد البعض بأن العمل الصحفي هو بالأساس عمل مخابراتي. وحدث في فترات عديدة أن تم تجنيد الصحافة لخدمة العمل المخابراتي، لكن في النظم السياسية المتقدمة والديمقراطية فإن العمل الصحفي هو عمل مستقل والأهم أن يكون مرتكزا على الحيادية والإلتزام بالمهنية وبنقل الأخبار الصحيحة، ولكن ما فعلته جريدة" الشرق الأوسط" السعودية التي تصدر بلندن والتي تعتبر نفسها جريدة العرب الدولية يخالف كل هذه المباديء،بل أن ما نشرته مؤخرا يندرج في إطار فضيحة صحفية.

ففي تقرير صحفي كتبه مراسل الجريدة في كردستان العراق" دلشاد عبدالله" ونشرته الشرق الأوسط بعددها الصادر يوم 28/5 يتجلى بوضوح عدم حيادية الصحيفة من خلال إتاحتها الفرصة أمام كاتب التقرير للترويج وتمرير بعض المعلومات المختلقة وهي معلومات أقل مايقال عنها أنها مفبركة بشكل غير فني.

فكاتب التقرير يشير الى" أن عناصر المخابرات الإيرانية" الإطلاعات" وقوات البسيج تمتليء بها محافظتي السليمانية وحلبجة التابعتين لسلطة الإتحاد الوطني الكردستاني، وأن إيران تعمل على إنشاء قاعدة صواريخ داخل حدود المحافظة، وأن إيران أٌقامت مركزا للتجسس داخل أحد أحياء مدينة السليمانية" وهذه المعلومات غير صحيحة، فمركز التجسس المذكور هو مقر للقنصلية الإيرانية الرسمية المعتمدة من قبل حكومة الإقليم، وقاعدة الصواريخ المزمع إنشاؤها تقع اخل الأراضي الإيرانية ولا سلطة أو علاقة لمحافظة السليمانية بها، أما إمتلاء المحافظتين بعناصر إستخبارية إيرانية، فلا يلحظها أحد من السكان.

لأول مرة تساير جريدة معتبرة بوزن الشرق الأوسط محاولات طرف سياسي معين في إقليم كردستان لتمرير تقرير الهدف منه كما هو واضح هو معاداة إيران وتخويف العرب بمحاولاتها للسيطرة على المنطقة إبتداءً من كردستان والعراق، فالمعلوم أن حزب بارزاني الحليف القوي لاردوغان وحزبه يسعى بكل ما لديه من قوة للنيل من سلطة شريكه بالحكم الإتحاد الوطني الذي رفض مع ثلاثة أحزاب رئيسية أخرى تمديد الولاية المنتهية لرئاسة مسعود بارزاني، وتقرير جريدة الشرق الأوسط يجعلها طرفا في صراع داخلي كردي قد يؤجج لحرب مذهبية مدمرة في المنطقة على إعتبار أن طرفي الصراع الكردي يتوزعان على معسكرين متضادين هما المعسكرين السني والشيعي في العراق، ولا أعتقد بأن تأجيج هذا الصراع سيفيد الشعب الكردي الذي حافظ طوال سنوات نضاله القومي على حيادته تجاه الصراع الطائفي والمذهبي بالعراق والمنطقة، ولم يدخل أبدا طرفا في الفتنة الشيعية السنية.

أن من يقرأ تقرير مراسل الشرق الأوسط يظن بأن إقليم كردستان أصبح مستعمرة إيرانية، وأنه محتل من قبل القوات الإيرانية،، ويوحي التقرير بذلك. هكذا تقارير تحقيق نفس الهدف الذي سعى اليه حزب مسعود بارزاني في عام 1996 حين أقنع نظام صدام حسين بوجود إحتلال إيراني لمدينة أربيل، وروج حينذاك لنفس هذه المزاعم بإمتلاء مدينة أربيل بعناصر الإطلاعات " المخابرات" ما برر إستقدام دبابات الحرس الجمهوري لإحتلال أربيل من قبل القوات العراقية ثم تسليمها لحزب بارزاني الذي يسيطر عليها لحد اليوم، ويبدو أن حزب بارزاني يريد هذه المرة إستعادة نفس الأجواء بالترويج لمثل هذه الأخبار المفبركة لاجل إخراج محافظتي السليمانية وحلبحة بدورهما من تحت سيطرة الاتحاد الوطني وإلحاقه بمملكته المنتظرة وذلك بإيهام القاريء والأوساط السياسية بوجود إحتلال إيراني للمحافظتين.