&رسالة مفتوحة إلى السيد فلاديمير بوتين،&

رئيس الاتحاد الفدرالي الروسي المحترم

تحية طيبة وبعد،

&

فقد سمحت لنفسي أن أخاطبك رغم أنني أعلم أنك عملت ضابطاً في المخابرات السوفياتية (KGB) التي كانت قد قادت الإنقلاب على النظام الاشتراكي في العام 1953 غير أن عامة المراقبين يجمعون على أنك متعصب للقومية الروسية مثلما كان ستالين غير الروسي متعصباً لها ومثل عامة البلاشفة وأنا منهم منذ العام 1950.

ستالين الذي كان لينين يحذر من تعصبه للأمة الروسية، كان يعلي قيم الأمة الروسية وتقاليدها وانطلاقاً من ذلك ومن القيم الشيوعية أيضاً كان يحذر الطيارين السوفيت من قصف أهداف مدنية في درسدن الألمانية المتخصصة بصناعة الأسلحة تحت طائلة المسؤولية. وهو من أبرق لجوكوف حاكم برلين العسكري أثناء توجهه بالقطار إلى برلين لحضور مؤتمر بوتسدام ألا يجري أي استقبال له لدى وصوله برلين لأن من شأن ذلك أن يجرح مشاعر بسطاء الشعب الألماني. وهو أيضاً من وبخ تشيرتشل في بوتسدام قائلاً.. " أنا أعلم أنك لم تصل إلى هنا إلا لتأخذ نصيبك من غنائم الحرب أما أنا فلم آت إلا لأدافع عن حقوق الشعب الألماني الديموقراطية " – هوذاك المنحاز للتقاليد والقيم الروسية بالرغم من كل الفظائع التي اقترفها الغزاة الألمان في البلاد السوفياتية - بإمكانك يا سيد بوتين أن تتحقق من هذه الحقائق في الأرشيف السوفياتي، وأن تستعيد رفض ستالين في الاحتفال الكبير بالإنتصار العظيم في الحرب في نهاية يوليو تموز 1945 شرب " نخب ستالين صاحب النصر الأعظم " كما هتف الحضور ثلاث مرات ليصحح لرجال الدولة والحزب قائلاً.. " اشربوا معي نخب الشعب الروسي صاحب النصر الأعظم وليس ستالين" – الروسي وليس السوفياتي.

من يحترم شعبه والشعب الروسي بخاصة يتوجب عليه أن يحترم الشعوب الأخرى، وإلا كان من المنافقين.

المفارقة تفرض نفسها في هذا المقام بين الطائرات الحربية السوفياتية تقصف المصانع الحربية النازية فقط في درسدن وبين الطائرات الروسية تقصف اليوم المستشفيات والمدنيين من النساء والأطفال في حلب وفي إدلب في سوريا، بين ستالين القائد التاريخي للشعب الروسي وبين بوتين ضابط المخابرات الذي شارك في تفكيك دولة ألمانيا الديموقراطية الاشتراكية!!

علمنا لينين أن الشعب الروسي هو أكثر شعوب العالم ذكاء وثورية وعليه فتعصبنا للأمة الروسية ليس بدون مبرر فستالين وسائر البلاشفة غير الروس، وأنا منهم، لا يجوز اتهامهم بالشوفينية عندما ينحازون للأمة الروسية. ولعلك تستهجن حزني الشديد على مقتل طيار روسي ولو بعد قيامه بفعل مستنكر أشد الاستنكار بقصف أبناء سوريا المطالبين بالحرية والسيادة كما النساء والأطفال.

لا تراودني أية شكوك في أنك تعلم علم اليقين أن المخابرات السوفياتية ال (كي جي بي) بعد أن قادت العسكرتاريا االسوفياتية ضد الاشتراكية في العام 1953 هي التي صممت على استكمال الانقلاب خارج الاتحاد السوفياتي فجاءت بالعسكري بومدين بانقلاب عسكري في الجزائر في العام 1965 ضد الاشتراكي أحمد بن بللا، وبالعسكري حافظ الأسد في سوريا بانقلاب عسكري ضد الاشتراكي صلاح جديد في العام 1970. جاءت بهما لخنق ثورة التحرر الوطني العربية ذات الأفق الاشتراكي.

لم يعد هناك ثورة تحرر وطني تخشاها العسكرتاريا االروسية وعليه ليس هناك من مبرر لحماية نظام الأسد في سوريا ونظام بومدين في الجزائر المجرمين بحق شعبيهما.

كان للإتحاد السوفياتي، والشعب الروسي طليعته، رصيد كبير وكبير جداً لدى الشعوب العربية بصورة خاصة، لكن هذا الرصيد تآكل بسرعة حتى انقلب إلى غضب وكراهية نتيجة لما تقوم به القيادة الروسية في سوريا وهو ما يؤلمنا بقسوة.

لو أن روسيا دولة رأسمالية استعمارية لافترضنا أن روسيا تدافع عن مصالحها في سوريا لكن الأمر ليس كذلك، وليست بحاجة قطعاً إلى ضرب حركة التحرر الوطني لأنه لم يعد هناك حركة تحرر وطني، فلما التدخل الذي لن يعود على الشعب الروسي إلا بالضرر.

ليس هناك من برهان على أنك روسي تعتز بروسيتك وتعتز بقيمها وتراثها كما اعتز بها لينين وستالين، وكما أعتز بها أنا، سوى أن تتوقف عن التدخل في سوريا وقد تعتذر للشعب السوري عما قد تدعيه محاولة فاشلة في مساعدته.

أرجو أن تسمح لنا يا سيدي بالاستمرار بالإعتزاز بالشعب الروسي صديق كل الشعوب في العالم.

&

المخلص/ فؤاد النمري

&