مررت بمرايا المساء
كانت حنين القمر زوادة نجوم
لليل لوشاح غيمي يختصر قيامات الفجر
راحلة بلا موعد
يبقى لنا الليل
ونجوم تشاكس بأصابعها قمر
يتلظى دامعاً
بالرجف والريح
ستعود إلينا كلماتك
ريحاناً وبيلسان
كظلال سنديانة تنحني لقبضة الحطاب

منذ فترة قرأت موضوع يتحدث عن موت الشعراء المبكر، إعتبرته موال صعب الغناء بعالم يموت فيه كل شيْ واقفاً
وواقفين نحن نرقب الأكفان،أو راكضين نشد على أعنة الخيل لنلحق بأذناب لا مرئية

كيف للأديب أن يحلق بأجنحته ليرى جنازته ويشرب ألم يأكل قلب محبيه وهم يدفنون جثمانه
كيف للدكتاتور والإرهابي أن تنام نفسه على بساط هادئ كالتي تنام عليه نفس خيرة
هو التابوت نفسه، هي حفرة قد تخلف بالأبعاد والعمق
هو التراب نفسه قد يختلف بلونه ورطوبته
هو الليل نفسه صمت الجسد
قد يختلف المكان والزمان
لكنه يبقى موتاً بذات الثوب يترك ثوباً للطيبين يغسوله كطرحة عرس وينثروا البابونج على الراحل
بلا أي موعد ماتت الكاتبة حنين نبيل القمر عن عمر لا يتعدى 21 ربيعاً
خلفت ورائها طريقاً لم يكتمل
وأحلام لم ترى النور وقصائد لم تعتدي بها على أحد وسطور لم تقص عنق أحد
نسمع في كل يوم أسم عشرات الإرهابيين وأسماء خلايا الموت والتحريم، ونحفظ ألقابهم ربما خوفاً وربما كرهاً وسخطاً لجرائمهم

إسمها حنين نبيل القمر
حفظت الأسم
كاتبة بعمر الفل
كفراش الربيه الذي لا يعيش أكثر من ثلاثة أسابيع (21)يوماً تقريباً
كان العدد نفسه ربما تعتبر الفراشة يومها عام

في تاريخ 14-10_2004 كتبت الراحلة الشابة اخر نصوصها وكأنه تحس برحيلها نحو القمر
النص احمل عنوان (الحاسة السادسة ورحيل زهرة الفل) والذي نشرته في موقع أفلاكنا الذي تشرف إحدى زوايه وهذا هو الرابط
http://www.aflakna.com/ib/index.php?showtopic=3602amp;st=0amp;#entry33168

المساءات دائما تظل حزينة.. ولا مطر يرطب عزلتي.. والوحشة تعيش في فضاءات صمتي..
موتك أيتها الفلة العطرة طوح ذاكرتي المتعبة على تلك الليلة الكحلية
السماء غاضبة منتفخة الأوداج تقذف حممها الباردة في كل اتجاه.. تزعق كعويل
الذئب عند هضبة القمر.. تلبسني ثوب الرهبة والوجل.. الرياح تئن..تنوح تعلن
النبأ.. لكل بدااااية نهاية.. وآن أوان الرحيل..اهتزاز النوافذ.. رجفة

أي صمت لبس الفل ليعلن نهاية الموت المتكرر غربتها في كندا وشوقها إلى عراقها الدامي
أخمد نبض القلب

.. هذه كندا بلد العواصف والغربة والثلوج والصقيع.. أي حزن جاء بنا هنا
وأي أمل بقيّ لي بالعودة إلى نهري ومدينتي التي شقها دجلة لتحتويه ويحتويها..
آاااااه يا موصل.. يا عراق.. يا كل العراق
هل هي قراءة المستقبل
أم روح الكاتبة والحاسة السادسة ورحيل كنوم الفل كانت تبحث عن عزاء وعن من يعزي حزنها وشوقها فكانت رد الأم عليها حين أستيقظت من حلمها
بنيتي استودعتك بيد الله.. يالله دخيلة عليك أن تحفظ حنين.... هممت
بمقاطعتها.. أشارت علي بالسكوت.. فسكت.. هنا أحسست أيضا إني مفارقة لها
يا الله كيف نعلم؟.. وما سرهذه التي تسمى الحاسة السادسة؟.. لا أدري لماذا
تذكرت لوركا.. كانت أمي تحب قراءته.. وكانت تحدثني بدهشة عنه وكيف عرف أنه
سيموت قتلا.. وأنهم لن يجدو جثته..

هكذا تخيلت حنين أن أمها ستقرأ الله على صدرها حين تستيقظ من حلمهالا يمكن للمرء أن يسمي ما كتبته قبل رحيلها
اكثر من قراءة للمستقبل ورسم للرحيل
. عرفت أني قتلت
فَتشوا المقاهي والمقابروالكنائس و
فتحوا البراميل والخزانات
استباحوا ثلاثة هياكل ليسلبوا أسنانها الذهب ا
لم يجدوني.
أتراهم لن يجدوني أبدا؟
نعم. لم يجدوني أبدا

فعلاً لن نجدها بعد الأن

كابي حنا شاعر سوري
www.aflakna.com