تتواجد على الساحة العراقية العشرات من الاحزاب، تمتد اتجاهاتها الفكرية مابين اقصى اليمين الى اقصى اليسار، ومنها ما يمثل التوجهات القومية وغيرها التوجهات الدينية، ومن هذه الاحزب من هو هو جزء من الحكومة وغيرها يدعم الحكومة وهو خارجها، وبعض الاحزاب تعارض الحكومة، ودرجات المعارضة ايضا محتلفة، الا ان ما يسجل للحكومة انها لم تقم بقمع اي جهة اتبعت الطريق الديمقرلطي في المعارضة، بمعنى الجهر بالمواقف، وتحليل اسباب المعارضة وكشف الاخطاء، ولكن من واجب الحكومة واي حكومة ان تكشر عن انيابها، عندما ترى ان جهات تستغل الديمقراطية والحريات الفردية لتتجاوز على القانون وتقوم باقتراف الجرائم الكبرى.

نقلت الانباء عن استقبال (التجمع السوري للجان دعم العراق) لمجموعة من العراقيين ممن سموا انفسهم بالمعارضين، وهم مثنى الحارثي الناطق بأسم (هيئة علماء المسلمين)، وصفاء العجيلي من (الجبهة الوطنية لتحرير العراق)، وعبد ستار رؤف و نظلة الجبوري، وبالطبع حلل الوفد وشرح حسب ما يشتهي، وحسب ما يريد الاخر سماعه، ففي بلداننا اصبحنا خبراء في معرفة ما يريد الاخر سماعه، ونتيجة لجهد حكامنا الميامين، فنحن خبراء في النفاق، وهل عملوا غير انهم حولونا من اناس بشر الى طبول تطبل لهم؟

ان يعارض الوفد الحكومة فهذا شأنه، وهو حر في ذلك، واعتقد ان الحكومة ستحترم رأيه ولن تقف منه موقف العداء، وهذا ما ينتظر من اي حكومة تدعي الديمقراطية، ولكن ان يدعوا افراد الوفد الى ضرب الحرس الوطني العراقي والشرطة العراقية، وحتى القوات المتعددة الجنسية، التي لها الان صفة رسمية وتنتظر الانتخابات والحكومة المقبلة لتحديد الموقف منها، اقول ان دعوة الوفد هذه تعتبر اجراما بحق العراق وشعب العراق ومستقبل العراق، كما ان هذه الدعوة تعتبر اجراما في القانون الجنائي العادي، لانها دعوة للقتل، اما تخفيفها برفض قتل المدنيين واتهام الموساد وغيرها بهذه العمليات، فهذا للتضليل الاعلامي.

وقد ذكرت الايلاف في خبرها عن هذا الوفد العجيب الغريب بأنه سيقوم بزيارة الى جامعة عمرو موسى، ليقدم شرحا عن انجازات الذبح والقتل التي يقومون بها، وليتمتع ببركات عمرو موسى، الذي لم يستقبل لا هو ولا جامعته اي معارض عراقي ابان حكم صدام البعثفاشي، برغم ان صدام لم يكن يقبل بوجود معارضة في العراق، اي ان المعارضة كانت اما في المقابر او في المهاجر، فهل استمع اليها عمرو موسى يوما ليعرف معاناة شعب العراق، ولكنه اليوم وبرغم من وجود التعددية في العراق، يهرع لاستقبال مجموعة من القتلة او ممن يدعمهم بأسم المعارضة، فهل اصبحت العراق وحكومته بهذا القدر من قلة الاهمية والمكانة، لكي يقوم عمرو موسى وجامعته بالتدخل في شؤونهما، ولماذا لم يستطع ذلك في عهد صدام، ام ان اهوائه الشخصية كانت تميل لصدام وتوجهاته المعلنة، بالرغم من الكل يدرك ان صدام لم يكن مؤمنا بأي شئ، فايمانه كان بمصلحته فقط، وبما يوطد هذه المصلحة.

اليس من حق شعب العراق ان يتسأل اليوم عن الجدوى من التواجد في مثل هذه المؤسسات المهترئة والتي لم تقدم لقضيته الحقيقية يوما اي
شئ، غير انها كانت مستعدة للعق مؤخرة صدام، وزبانيته ومستعدة لننأ جراح العراقيين بكيل المديح لقاتل العراقيين.

اننا نتسأل اين كانت هذه اللجان التي تدعى دعم العراق، اين كانت هذه الجامعة، عند اقتراف المقابر الجماعية، عند اقتراف حملة الانفال، عند تدمير الالاف من قرى الاكراد والاشوريين والتركمان، عندما تم ضرب مراقد الائمة وتم تدمير كنائس يعود عمربنائها ا لاكثر من الف واربعمائة سنة، اي انها كانت تراث وطني، فهل تكلمت ونطقت هذه اللجان وهذه الجامعة.

ولكن من الواضح، ان هنالك اطراف اتحدت برغم من انها كانت على عداء، وذلك لخوف هذه الاطراف على مصالحها، او لخوفها على وجودها، فها هي بعض الحكومات العربية التي كانت في حالة عداء مع شعوبها، وتكم افواهها وتذيقها المر وتعيشها في خوف دائم، تفتتح التواصل مع الاطراف الاكثر رجعية والاكثر عداء للتغيير الديمقراطي، والاكثر طائفية، لكي يتم قتل الوليد العراقي في مهده، لان هذه الحكومات وهذه الاطراف، باتت ترتعش من كلمة الديمقراطية، ولكننا نقول لهذه الحكومات ان نجحت في مسعاها ( وان كنا نستبعد ذلك) فأن هذه الحكومات ستكون ضحية تحالفها مع هذه الاطراف، فالاطراف المغرقة في الرجعية والافكار الطائفية لن ترتضى الا بسيادتها وحدها، والا بسيادة منهجها التكفيري، ولكن الحكومات العربية ممن لا ينظرون الى المستقبل، فلسان حالها يقول ومن بعدي الطوفان.

تيري بطرس