المنعطف التاريخي الذي تعيشه الدولة العراقية والذي يمثل ابرز المراحل الزمنية اهمية وخطورة بنفس الوقت في تاريخ العراق السياسي بحكم التحولات الكبيرة التي يعيشها البيت العراقي في طبيعة النظام السياسي وما ينتج عن ذلك من تفاعلات متلاحقة على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي على حد سواء تلك الحالة خلفت
( بشكل منطقي ) دوامة من الصراعات السياسية وتنافر فوضوي بين العديد من اقطاب القوى السياسية المستعدة ان تنقسم على نفسها في كل لحظة فتنتج صراعا آخر اكثر تعقيدا من السابق وان ما ابدته القوى العراقية على الصعيد السياسي ( رغم ما ذكر ) من تماسك هو حالة ايجابية جدا لكنها قد لا تدوم طويلا اذا ما ابتعدت او ابعدت بعض القوى السياسية عن المحاصصة المناصبية حينها ستكون العاصمة العراقية مفتوحة لمعارك سياسية بين اطراف الطيف السياسي الواسع والمتنوع والتي نتمنى ان تبقى في دائرة النزالات الدبلوماسية حتى وان كان سيناريو نهايتها مماثلا لما حصل مع الباججي الذي رغم التحفظ على ما بدى منه من خطوة غير منطقية سياسيا الاانها بالنتيجة افضل بكثير من تصعيد الموقف الى مناوشات عسكرية قد تحدث في اية لحظة طالما كانت الاحزاب العراقية في غالبيتها الساحقة مدججة من الداخل بفكر مسلح وآيدلوجيا مستفحلة في اروقة الاحزاب ثم انها ليست بعيدة عن التسليح الفعلي على الارض واذا ما كان الباججي مستقلا وليس له تنظيم او تكتل سياسي فأن غيره يمتلكون ذلك وقادرون على تصفية الحسابات ... اضف الى ذلك دخول بقايا المرحلة السابقة على الخط من اجل بعثرة الاوراق هنا وهناك وخلق فتنة بين هذا وذاك.
واذا كانت بغداد بحكم كونها المركز السياسي للعراق مفتوحة فيها الجولات الدبلوماسية على جميع الاحتمالات فأن هناك مدنا اخرى لا تقل شأنا من ناحية التاثير السياسي في العراق كمدينة النجف ... التي ظمت تيارات دينية تتطفل على السياسة في الكثير من الاحيان بحيث تتجاوز مساحة جماعات الضغط والياتها المعروفة حيث ان البعض هناك يتعامل مع الحدث السياسي على طريقة الفتوى في رؤية الهلال حتى من قبل اؤلئك الذين عرف عنهم مناوئتهم للميدان السياسي كما عهدناهم في السابق ، اضافة الى من ورث جاها ونفوذا عائليا كبيرا فاصبح رمزا سياسيا يناطح السحاب، وكل من هؤلاء يبحث عن مقعدين واحد في السياسة .. وآخر في الزعامة الدينية مما يعني سيطرة ثالثة ( بطبيعة الحال ) على شريان اقتصادي ناضح ... فتكتمل الركائز الثلاثة ...عندها يصبح صنما مقدسا يورثها مجتمعة لمن يليه فترجع الكرّة من جديد .
ذلك وغيره جعل حلبة الصراع على الملعب النجفي ملتهبة الى درجة عالية جدا تجعل مستقبل العراق رهينة التناطح بالفتاوى التي اصبحت هذه الايام تباع في الاسواق ... وهذا ما خلف ارباكا كبيرا في اوساط الشارع العراقي الذي تحول فيه اختلاف وجهات النظر الى خلاف ونزاع قد يتحول الى كارثة سياسية في اية لحظة يتشكل تعارض ولو شكلي بين الفتوى والقرار السياسي ارجو ان لا يكون قد تبقى في ايدينا حينذاك امنيات يتيمة فقط.


[email protected]
كاتب عراقي