كشفت بعض الصحف العراقية خلال الأسبوع الماضي نبأ اعتراف أحد المجرمين السابقين في قيادة البعث المنحل المدعو خضر الدوري بوجود 3 صواريخ تحمل رؤوسا نووية كان يحتفظ بها نظام صدام كجزء من سعي ومحاولات نظامه المخلوع للاستحواذ على أسلحة الدمار الشامل.

النبأ مر مرور الكرام ولم تثر ضجة إعلامية حوله لأسباب عديدة ليس اقلها أهمية خطورة الموضوع وربما تداعياته السياسية والجهات التي وفرت لصدام ونظامه الحصول على هكذا أسلحة. وقد تحفظت وزارة الداخلية على الخبر ولم تعلق عليه في البداية لكنها اضطرت لتكذيب الخبر لاحقا في محاولة لعدم استباق الأمور ربما أو لترك الفرصة للخبراء في التعرف على هذه الصواريخ وتأكيد فيما إذا كانت تحمل رؤوسا نووية أم لا.

ولكن خبرا صغيرا ظهر على صفحات الجرائد لاحقا ربما اكد خطورة الموضوع وسعي الحكومة العراقية للتحقق من صحة المعلومات التي أدلى بها الدوري. فظهور خبر دعوة السيد هوشيار زيباري لخبراء من وكالة الطاقة الذرية لزيارة العراق وعلى عجالة يؤكد نوعا ما على وجود صواريخ يشك في احتمال حملها لرؤوس نووية، وربما جاءت هذه الدعوة بعد فشل الخبراء العراقيين من التحقق فيما اذا كانت الرؤوس التي تحملها الصواريخ رؤوسا نووية أم رؤوسا حربية تقليدية.

أما السؤال المطروح حاليا هو، لماذا تتم دعوة وكالة الطاقة الذرية ولم تتم دعوة خبراء أسلحة تابعين لمنظمة الأمم المتحدة؟. اعتقد بان الجواب الأكثر احتمالا والأقرب الى التصديق هو وجود شئ ما له علاقة بالطاقة الذرية أو بوجود اسلحة نووية يحتاج كشفها والتحقق من صحتها الى خبراء دولين تابعين لهذه الوكالة.

ولمن لا يعرف خضر الدوري، فهو احد المجرمين والذي شغل مناصب حزبية وامنية كبيرة و اعلن عن وفاته بعيد سقوط النظام واصدرت له شهادة وفاة مزورة، و قد تم اعتقاله في المنطقة الواقعة بين العوجة والدور.وقد تم الوصول الى خضر الدوري واعتقاله بعد استراق رسالة عبر شبكة الانترنيت من الدوري حدد فيها ساعة الصفر ومكان اللقاء في تكريت.وقامت الاجهزة المختصة بتحليل الرسالة وبعد التأكد من صحتها تم اعداد خطة تحرك امني محكمة، ونصب كمين بقوة عراقية تمكنت من الايقاع بخضر الدوري وبابنه، وقد قام الدوري بالارشاد عن مهجع الصواريخ النووية الثلاثة،كما تم خلال العملية ضبط عدد من قطع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة فضلا عن كميات متنوعة من الاعتدة والمبالغ المـالية

لماذا جرى التكتم على خبر هذه الصواريخ وبهذه الطريقة، وحتى النفي على لسان وزارة الداخلية العراقية لاحقا لم يتطرق الى ما قاله الدوري وهل اعترافاته كانت تخص اسلحة جرثومية أم كيمياوية أو نووية؟.

وكانت الحكومة العراقية قد طلبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في خطوة لم يعلن عنها مسبقا وبالتزامن مع أنباء اعترافات خضر الدوري بوجود صواريخ تحمل رؤوسا نووية مع اعطاءه تفصيلات ومعلومات دقيقة حول هذا الموضوع حيث اكد لمحقيقه (أن الصواريخ ذات الرؤوس النووية موجودة في نفق تحت الارض بطول ستة امتار، تم تحصينة بطبقة من الخرسانة بسمك ستة امتار.وقال ايضا ان سمك الطبقة الخرسانية صمم بشكل يسمح بتضليل اجهزة الكشف العلمية المتطورة المخصصة للكشف عن الاشعاع الذي تطلقه الرؤوس النووية واضاف ان النفق الذي اتخذ مهجعا للصواريخ الثلاثة يرتبط بفتحة بالشارع العام بين الدور والعوجة)، اعادة ارسال مفتشيها الى البلاد، وفق ما اعلنه مدير الوكالة التابعة للامم المتحدة محمد البرادعي الثلاثاء. وتولت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يرأسها البرادعي التفتيش عن برامج نووية بينما تولت لجنة الامم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش البحث عن اسلحة كيماوية وبيولوجية وعن صواريخ محظورة. وقال البرادعي للصحفيين بعد وصوله الى مطار القاهرة "تلقينا طلبا رسميا من (وزير الخارجية العراقي) هوشيار زيباري بعودة المفتشين الدوليين الى العراق خلال الايام القادمة". ولم يوضح البرادعي ما اذا كان الطلب موجها الى الوكالتين أم للوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط. ولم يحدد موعدا لعودتهم الى العراق الا انه أكد بانهم سيعودون قريبا وخلال الأيام القليلة المقبلة، مما يؤكد على أهمية الأمر وحساسيته.

والأن نحن ما بين روايتين مختلفتين، الأولى تؤكد وجود صواريخ تحمل رؤوسا نووية وتدعم هذه الرواية اعترافات الدوري والتكتم ومن ثم النفي الفاتر الذين أحاطا بنبأ اعترافات الدوري، الرواية الثانية وهي ضعيفة جدا وتتحدث عن ان زيارة خبراء الوكالة الدولية للطاقة زيارة دورية و تأتي لغرض الاطلاع على وضع المواد النووية الموجودة في العراق متناسية تصريحات المسؤولين في الادارتين الامريكية والعراقية من أن هذه المواد قد نقلت الى الولايات المتحدة الامريكية وبعلم الحكومة العراقية. اذن لماذا الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى بغداد وليس الى واشنطن للتحقق من طبيعة المواد النووية التي نقلت الى هناك.

الكثير من الاسئلة حول هذه الموضوع تبقى من دون اجابة وربما سنشهد فضيحة جديدة تهز المجتمع الدولي على غرار فضيحة بيع الاسرار النووية الباكستانية وتكنولوجيا صنع القنبلة الذرية الى ايران. لكن السؤال الأكثر اهمية في حالة التأكد من صحة اعترافات الدوري هو من هي الجهات التي باعت هذه الصواريخ وهل ستتجه الأنظار الى الباكستان مرة اخرى وهو احتمال ضعيف جدا أم إن انظارنا ستتوجه نحو كوريا الشمالية أو جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق؟


ناشط سياسي عراقي مقيم في السويد