بحب السينما...نموذجا


في الفن كما في الفكر والثقافة بشكل عام تتحدد نسبة او نسبيةالنجاح المتحقق لأي منتج ابداعي بمدى قدرته على تحريك الساكن فى المجتمع وخاصة في تلك المجتمعات التى تركن الى السكون لمدد قد تقصر وقد تطول.. وكذلك فى قدرته على استكشاف العوامل والطرق التى تفتح وتشرع
الطاقات والنوافذ التى تستشرف صورة المستقبل الذى يتماشى وسنة تتطور الحياة البشرية ومن خلال المساعدة فى كشف حقيقة وطبيعة الأمراض التى تنخر فيه وتلقى به فى غياهب التخلف...بمقاومتها اوحتى بألأصطدام معها كما شاهدنا ذلك مرارا فى قرائتنا للتاريخ وفى معايشتنا له...
وعبر هذا التاريخ الأنسانى فلطالما كان للمؤسسة الدينية (كإطار تنظيمى ) دور سلبى وصفحات سوداء فى مقاومة اى نشاط فكرى انسانى جديد..او اى منتج ابداعى او علمي تتحسس فى محتواه ما يمثل خطورة على موقعها ودورها التى حددته لنفسها فرضا على المجتمع.. معتمدة على ..:
- الأستغلال الأسود لفكرة وطبيعة الرسالة الحقيقية للدين والقراءة الخاطئة والمتحجرة لمضمونه واهدافه .
- اطلاق يد القائمين عليها وبطريقة دكتاتوريه من خلال فكرة التمثيل الألهى لرموزها ومنحهم سلطة تكفير ومعاقبة كل من يحاول الخروج على نواميسها وتأليب جماهير العامة ضده لبث الرعب فى قلب كل من يحاول ذلك وخاصة فى الفترات التاريخية التى تشهد تمددا وفورانا لسلطتها وقوتها وكما شاهدنا خلال العقود القليلة الماضية وحتى الآن ..ولعل اخر هذه المشاهد المطروحة هذة الأيام على واقعنا العربى ما يتعرض له فلم ( بحب السيما ) وحتى اكون صادقا مع النفس ومع قارئ هذه الكلمات فأنى اعترف بعدم مشاهدتى للفلم بعد ومن هنا فأن الفكرة والهدف من هذه الكتابة هو التأكيد على الفكرة التى امنت بها دائما وكتبت عنها وحولها عشرات الأعمدة والمقالات الصحفية وهى فكرة الرفض المطلق لتسلط المؤسسة الدينية على حياتنا الثقافيةوالفكرية...هذا التسلط الذى قادنا للحالة القاتمه السواد ووضع التشرذم المحيط بنا من كل جانب والذى ساعد اعداء هذه الأمة فى الوصول الى ما وصلوا له بحجة محاربة هذا الأرهاب الدينى الذى اصابنا منه قبلهم ما اصابنا واكثر....واذا كنت كمثقف من هؤلاء المثقفين العرب الكثر الذين رفضوا محاولات التسلط الأزهرىوجمعياته وتجمعاته المماثلة على امتداد الوطن العربى على فكرنا وثقافتنا..وهو مضمون ما كتبته قبل اسابيعفى الصحيفة التى اساهم فى تحريرها بسبب قرار الأزهر مصادرة ومنع كتاب الدكتوره نوال السعداوى الذى اعتبر مخالفا للقيم الدينية حسب تفسيرات المجمع الأزهرى.. فاننى اود ان اؤكد ان احتججاج المؤسسة الدينية الكنسية والممثلة برموزها الذين قادوا مجموعات وتيار الأعتراض على الفلم والمطالبة بأيقاف عرضه احتجاج مرفوض لانه يمثل صوره من صور التسلط والدكتاتوريه الدينيه... فبدلا من اللجوء للقضاء واصطناع مشكلة بأتهام الفلم بما ليس فيه ولا يهدف له..كان الأجدر بهم مناقشة مضمون الفلم ومحتواه لتبيان ما به من اخطاء ( اذا كان به اخطاء حقيقية) وبطريقة بعيده عن طرق الرقابة البوليسية
التى لاتهدف الا لوضع القيود على حرية الأبداع والخلقالتى هى قنديل الضوء فى مسيرة البشريةنحو المستقبل والتى يجب ان لا يطفئها احد..فهى الميزة الكبرى التى منحها الله الخلق لهذا الأنسان الذى خلقه....

شاعر وكاتب عربي كندي
عضو اسرة تحرير جريدة (اخبار العرب)الكنديه
تورونتو..كندا