كنا لا نعرف لصدام مواهب اخرى غير القتل الجماعي والتدمير والطغيان وغير ذلك مما يضيق المجال بعده. غير ان بختيار أمين وزير حقوق الانسان كشف النقاب عن مواهب مكنونة لدى صدام لم نكن لنعرفها لولا انه دخل السجن مكانه الحقيقي. السيد باختيار قال: ان صدام يقضي وقته بكتابة الشعر وقراءة القرآن وزرع بعض النباتات!

وهذه المواهب بالحقيقة لا نستطيع تصديقها بسهولة لان هناك مواهب لدى صدام مضادة تماماً لما ذكره السيد الوزير فصدام الذي يكتب الشعر الان قد قتل الشعر منذ زمن بعيد قتله بتهجير محمد مهدي الجواهري ومصطفى جمال الدين وعبدالوهاب البياتي الى ان قضى عليهم الموت في الغربة والمئات من ابناء الشعر، فاذا كان هذا سلوكه ازاء الشعر والشعراء كيف يستسيغ لنفسه ان يكتب الشعر الا اذا اراد ان يقتل نفسه لانها انخرطت في سلك اولئك الذين قضى عليهم وعلى مواهبهم ولكن استبعد ان صداماً يقتل نفسه اذ انه اجبن من ذلك.وصدام الذي يقرأ القرآن الان هو عين صدام الذي حرق القرآن وقتل حملة القرآن وحارب مفاهيم القرآن، كيف يقرأ كتاباً فيه ذم له وفيه فكر يكفر به هو و يعتبره رجعية وتخلفاً وهمجية؟ فهل صار صدام متخلفاً ورجعياً؟ وهو التقدمي وصاحب الفكر الحديث!وصدام يزرع النباتات! لقد عرفنا صدام سابقاً مزارعاً كبيراً لم يشهد له التاريخ مثيلاً ولكن كان لا يزرع النباتات بل يزرع الاجساد الحية في الفيافي والقفار ولذلك وجدنا كماً هائلاً من المزارع الجماعية الغاصة بالجثث بعد ان اطيح به.وعلاقة صدام بالنبات علاقة لم تتحسن في يوم من الايام اذ كان يزيح عن وجه الارض باشارة منه غابات كبيرة وبساتين زاهية وبساتين الدجيل في الخالص والسياحي في الحلة وبساتين البصرة شاهد عيان على ذلك.هذا ما نعرفه عن صدام بالفعل والقوة اما كيف صار صدام بهذه الصورة التي رسمها السيد الوزير؟ فهذا مالا نعرف كيف؟ولكن هناك ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي ان السيد الوزير كان يتحدث للاعلام الغربي وربما خطر في باله ان يرسم صورة جميلة للعراق الجديد الديمقراطي الذي يوفر فرص الراحة حتى للدكتاتور البائد وهذا يفهم في الغرب ان سجون العراق عبارة عن فنادق ان لم نقل من خمسة نجوم فلا تقل عن اربعة.

وما ان نشر الحديث في الاعلام الغربي حتى تلاقفته وسائل الاعلام العربية والعراقية خاصة دون تمحيص وتدقيق موفرة بذلك فرصة دعاية كبيرة للدكتاتور الذي بقدرة بختيار صار شاعراً فحلاً وصار من القراء العشرة وصار يزرع الحياة عن طريق زراعة النباتات، وكلها صفات رومانسية تعكس روحاً لطيفة وترفة وطيبة وودودة ولا تحمل الكراهية لاحد وانما تحمل كل مفاهيم الخير.اليس هذا هو المراد من هذه الصفات؟ كيف تقع الصحافة العراقية بهذا الفخ وتضفي على قاتل اطفال حلبجة والمقابر الجماعية والاهوار ومبيد الانتفاضة هذه الصفات التي تزيد من تعلق الجهال فيه؟هل نقول ان هناك عدم كفاءة لدى بعض صحفنا واعلاميينا او عدم فهم يحول دون معرفة ما بين السطور؟ وعلى فرض ان الوزير المعني بحقوق الانسان قد قال ذلك مع انه وزير لوزارة لم تكن لتوجد لولا جرائم الشاعر الجديد صدام، اقول وعلى ذلك الفرض اليس من الواجب على صحافة العراق ان تركز على فهم اخر للتصريح يبقي الصفات الحقيقية على حالها في شخص صدام او ان تنتقد الوزير على تصريحه هذا حتى لو كان ما صرح به حقيقياً ونحن لا نستبعد ان يوفر له الامريكان سجناً مرفهاً جداً.ولكن ان تجري صحافتنا على المنوال نفسه فتتسبب بايجاد الم شديد لدى ضحايا صدام وهم اغلبية الشعب وتسوق الطاغية بثوب البريء الموهوب الذي لم يرتكب اية جريمة في حياته حتى انه لم يقتل نملة واحدة!هل مازلنا نختلف في شخص صدام بعد ان كشف النقاب عن الخفايا والبلايا وبعد ان زدنا معرفة فوق معرفتنا التي سبقنا بها اخرين بل اننا مع صدام ينطبق علينا قول الامام علي (عليه السلام):(لو كشف لنا الغطاء ما ازددنا يقينا) لاننا ومنذ وصول البعث الى السلطة كنا نعرف البعث وشخوصه ونعرف البكر وصدام ونعرف صدام على وجه الحقيقي.على صحافتنا ان تراعي جماهيرها في ما تنشر وتحلل وان تكون حذرة مما يروج وينصب من افخاخ اعلامية فجلاد الامس لا يمكن ان يكون ملاك اليوم.

كاتب عراقي

[email protected]