يحاول سياسيى ومثقفي الكرد في كردستان العراق على قدم وساق كما يقال، شرح مفهوم الفيدرالية ليس فقط للشارع العربي بالعراق فحسب، بل لحكومات الدول المجاورة ايضا التي تؤكد وتكرر دائما تخوفها من ان قيام فيدرالية كردية، هي الخطوة التمهيدية للانفصال. البعض من اولئك الساسة او المثقفين يقولون بان الفيدرالية وسيلة لتوحيد البلد وتمتين العلاقة بين كرده وعربه، وآخرون يؤكدون انها اي الفيدرالية ليست اكثر من اتحاد اختياري تقوم على اساس الاتفاق، وقسم آخر منهم يعتبر الفيدرالية بمثابة حكم ذاتي تعطي بعض الصلاحيات الادارية لاهالي المنطقة التي تطالب بالفيدرالية. لكن المهم هنا كيف تتقبل الشارع العربي العراقي التي تشكل الاغلبية لهذا المفهوم؟
يبدو ان الجهود الحثيثة التي بذلتها الاوساط الكردية السياسية والثقافية والاعلامية بشكل خاص، لتوضيح المفهوم وازالة المخاوف من تقسيم العراق، لم تصل الى مبتغاها الا لدى القليل من الساسة والمثقفين وحتى المواطن العربي العادي، فمثلا جزء من شعارات وهتافات اغلبية المظاهرات ان لم نقل كلها التي تشهدها مدن العراق المختلفة، تخصص دائما للوقوف ضد التقسيم والفيدرالية، واغلبية المواقف التي تتخذها الاحزاب والمنظمات العربية في العراق، بنفس الشكل هي ضد المطلب الكردي، المسؤولين والقادة السياسيين في بغداد، تتردد حتى الان في استعمال كلمة الفيدرالية، لما تسأل طفل عربي في الشارع، لديه نفس موقف الكبار، بينما الحال في الشارع الكردستاني مختلف جدا، فالمواطن العادي فيها ومعهم بعض الاحزاب الصغيرة يطالب بالاستقلال والانفصال، لكن القيادة السياسية الكردية يرى في هذا الطلب شبه مستحيل في هذه المرحلة على الاقل، لذا ولان صوت المواطن العادي الكردي لا يصل الى الاوساط الاعلامية الدولية ولم يستطع في الداخل ايضا خلق رأي عام لهذا المطلب، فأستطاع المسؤولين الكرد من صياغة مطلبهم الخاص التي هي الفيدرالية وتعميمها على الشعب الكردي بشكل عام وحاولوا في نفس الوقت كثيرا لتبديد مخاوف الاخرين من الانفصال. وفي الحقيقة يبدو الواقع عكس ارادة الشارع الكردي، بينما تميل ولو كان قليلا الى ما يراه المسؤولين انسب لهذه المرحلة. لذا ان ما يراه القيادة السياسية الكردية أكثر واقعية وتعقلا من خيار الانفصال والى ذلك، لكن المشكلة تمكن في كيفية قبول وتفهم الشارع العربي العراقي لهذا.
برأي عدم هضم واستيعاب مطلب الفيدرالية الكردية لدى عرب العراق، هي بالاساس تعود الى سبب رئيسي وهو لان المطلب كردي، فلو نادى الشيعة بالجنوب قبل الكرد في الشمال بهذا المطلب، لكان تطبيقه في العراق اكثر احتمالا ان لم نقل حتميا. فاللشيعة جارة تساندها وتمولها الى اقصى احد، بينما للكرد اكثر من جارة تعاديهم وتحاربهم الى اقصى حد.
- آخر تحديث :
التعليقات