دامعة العينين بنظرة تخطف صور معلقة بالبال إ بتسمت رغم حزنها الفائض
بدت لي وكأن شاشة التلفاز منديل يمسح بي خديها
أجابت بكل هدوء على محاورها الذي سألها كيف تتجاوز محنتها
قائلة:
(إنها الموسيقى التي تقويني وتفتح لي طريق أمام كل هذا العذاب المتكرر يومياُ منذ عشرين عام حين خرج أبني ذو الأعوام العشرة ولم يرجع إلى البيت).


أحسست أن الزمن أصيب بالشلل يقف أمام نفسه كالمرآة
صور نساء يسحقون كل يوم في البلدان العربية وصور متكررة لإنتظارات تأكل من الروح مقدار قبضة هو قلب
ما تأكله هذه الديكتاتوريات القائمة على سحل المرأة في كل مكان وإن كان العراق الأن يمر بما يمر به من الفوضى يذوق فيه رجاله ونساءه وأطفاله أصناف من العذاب والقهر المتكرر تزداد شوكتها يومياً بتصاعد وحشية أصحاب الفتاوي المريضة التي تزيد من قهر الرجل و المرأة معاً
لا يخلف الوضع إلا قليلاً عن البلدان العربية التي شبع شعبها بالشعارات الصدئة التي لا لم تتجاوز اللوحات التي تكتب عليها
وأخر الفتاوي التي ظهرت في العراق هي تكفير المغنين وإجبار النساء على الحجاب حتى ولو كانوا من ديانات أخرى
هناك يخاف الشاعر/ة على نفسه/ا من شقيقة روحه/ ا ألة العود مثلاً أن تصبح شاهداً يحكم بإطلاق رصاصة الإعدام من عقول هؤلاء الإرهابيين
في وقت مقبل فيه البلد على إنتخابات ربما تقوده نحو السلام

بعد أن إسترجعت نفسي دفعتني كل هذه الأفكار للبحث عن( أستاذة الموسيقى السويدية التي ذكرتها المرأة في المقابلة المتلفزة)

وفعلا بعد عذاب تمكنت من إجراء لقاء معها
وهذا مختصر الحوار الذي جرى بيننا هذا هو إسمها=Birgitta Thalen=
( حازت المرأة على حقها في الإنتخاب عام 1917.م وهي الأن تشغل نصف مقاعد البرلمان ولها حقائب وزارية كوزارة الخارجية
المرأة هنا تعمل وقادرة على إعالة عائلتها كأي رجل وتغني وتلقي الشعر وتمثل وتبني وترسم وتزرع وتحصد بذلك فقط يرتقي المجتمع نحو الأفضل بذلك تتحق العدالة التي تضمن للجميع الحقوق و والواجبات
كان حلمي أن أعمل بالموسيقا وقد تحقق الأن
ومن المهم لي كإنسانة ( وليس من مبدأ إمرأة أو رجل) أن أقدم شيئاً للمجتمع أن أعمل بما أحبه وما أمتلك الموهبة للقيام به لكي يكون ناجحاً ويستفيد منه أكثر عدد ممكن من أفراد المجتمع
وهكذا كانت الموسيقا هدفي للتواصل مع البشر
وأصبحت معلمة موسيقا وذلك بعد دراسة ثمان سنوات
وبعدها بدأت بالبحث عن عمل يناسبني والذي هو قراري الخاص دون تدخل من أحد فالأختيارالحر مهم جداً)

كان سؤالي لها عن نظرتها للمرأة العربية سؤال صعباً علي
لأنني أعرف تماماً المعاناة التي تعانيه المرأة العربية

كان جوابهاواقعياً
(المرأة هناك تعاني بصمت والسبب أن أغلبية النساء لا تقرر طريقها وأحلامها
ونيجة عملي بالموسيقا وجدت أنها تؤثر بشكل إيجابي على المتلقي إذ تهدء نفسه ويزداد إنفتاحاً وإستماعاً على الأخر
وتلبسه حالة من السلام الداخلي،طبعاً ذلك يعتمد على نوع الموسيقا

وقد أكدت التحليلات والإحصاءات على الإنسان يتمتع بصحة نفسية عالية في حال إستماعه إلى الموسيقا
حتى أن الحيوانات كالبقر تعطي حليباً أكثر في حال سماعها الموسيقى ونفس الشيْ ينطبق على الدجاج وكذلك النباتات).
هكذا إنتهى الحوار بيننا.

أما هؤلاء الدمويين الزرقاويين وكل المدافعين عنهم يريدون إرجاع المنطقة إلى عصور الظلام بسبب الخوف من الإنفتاح والتطور الذي يكشف للشعب مدى الحاجة إلى العدالة وإلى التحرر من الأفكار المتخلفة التي تقف عائقاً أمام سعي المجتمع لخلق ظروف تتساوى فيه جميع الفئات و يكون فيه العقل هو الحكم
والقانون هي الرئيس يضمن الحقوق والواجبات

هذه الظاهرة الزرقاوية وجدت طريقها إلى شوارع البلدان العربية ليس إلا بعد أن إختمرت في عقول أشخاص نرجسيين وكثير من البلدان العربية ترفع شعار محاربة الإرهاب ونسمعبين حين وأخر عن أخبار تفجيرات كما يحدث في السعودية
مع أنه يمكنك أن تشتري من باعة الأرصفة أي قرص ليزري لأي عملية ذبح بل يمكنك الإطلاع عليها عبر الأنترنت بينما قامت هذه الدول بحجب الكثير من المواقع الأخبارية أو الأدبية مثل موقع الحوار المتمدن بينما روابط الذبح والتكفير فهي متاحة لأصحاب العقول المريضة ليمتعوا أنفسهم برؤية الدماء التي تسيل من رقاب الأبرياء
بينما المرأة تعاني ماتعانيه من القهر والذل حتى فكرة قيادتها للسيارة ماتزال في بعض الدول العربية موضع جدل
بل وفكرة دخولها البرلمان أو حق الترشيح للإنتخابات ماتزال تثير زوبعة من المشاكل في مجتمعات يسود فيها عقلية التمييز الجنسي أكثر من سيادة الفكر الحر المعتمد على العدالة.


الأخطر هو أن بعض الأرهابيين يحتمي بظل الدول الأوربية التي وفرت لهم الحرية والسلام فما كان منهم من رد الجميل غير دعم الإرهاب وتكفير الحكومة وشعبها والتي أعطتهم حق اللجوء و البقاء على أراضيها
كما نسمع بين فترة وأخرى عن أحد الدعاة للجهاد في أوربا أو إنكلترة خوفاً عليهم من السجن في بلادهم
لم تصل هذه الدول الغربية إلى هذه المرحلة من الرقي إلا بعد أن ساد القانون الذي يحكم الجميع فلا فرق بين رجل أو أخر أو بين رجل أو إمرأة، بل يد العناية تشمل الجميع ليرتقي الجميع بعمله وفنه على حد سواء

أما ما يحدث في العراق والذي يتحمس له الكثير من المتعصبين هو مثال لوضع العصى بين العجلات لكبح جماح الركب السائر نحو الضوء

(الملكة شاميرام وي في إحدى المعارك)
بعد أن كانت المرأة تحكم البلد مثل ( شاميرام الأشورية) التي حكمت نينوى أيام الأمبراطورية الأشورية وأدرات شؤون بلادها
كما يديرها أي ملك بل وقادت المعارك كأي قائد عسكري
حتى في إطار الفن من يخفى عليه (أورنينا ) أول مغنية عزفت وغنت في عصر السريان الذهبي
تلك كانت حال المرأة
تعمل وتغني وتحارب وترأس بلادها
أين شاميرام الأشورية الأن لتنظف بلادها من الزرقاويين؟
أين هي لتمسح دموع نساء العراق؟

20-12-2004
كابي حنا شاعر (سوريا/ السويد)