تناقلت وكالات الأنباء والفضائيات والإذاعات العالمية والعربية – بالخاصة- ووكالة سانا للأنباء بخصوصية أكثر؛ وحصرية أشد نبأًً مفاده أن الأستاذ الكاتب رئيس إتحاد الكتاب العرب "علي عقلة عرسان" قد أصدر أمراً بعد تشاوره مع رهطه بطرد أي كاتب من رحمة الإتحاد؛ إذا تعاطى بطريقة ما مع فضائية الحرة.
ورغم أن نائبته "الدكتورة بثينة شعبان" قد نصحته ألا يكون قراره أمراً؛ بل توصية؛ إلا أن حمأة اندفاعه كانت أبعد مما قدرت فأصر على أمره بحكم اللحظة الحاسمة من تاريخ أمتنا المجيد.
بالنسبة لعامة شعبنا فمتدينون حتماً لا يشاهدون الحرة، بل الجزيرة الجهادية، وقوميوه لا يطيقون حتى سماع هذا اللفظ وأمثاله، والبقية الغالبة الصامتة فمدمنة على استماع "إذاعة لندن" لمعرفة أحوال الطقس السياسي والمعرفي رغم ما هو مشهود لهذه الأغلبية بضعف البصر والسمع واللسان.
الأستاذ علي عقلة عرسان يطرد الكتاب العرب من جنة الديمقراطية إلى جحيم الحرة الدكتاتوري. أيها الكتاب العرب المطاريد مبروكةٌ عليكم سجون العولمة المتوحشة وهانئةٌ بكم أطواق العبودية المتأمركة. ولأن الأستاذ طردكم من رحمته فجائزة نوبل أصبحت بعيدة عنكم بعد السماء عن الأرض، وإذا رآكم أدباء حارتنا السورية فسيشيحون بوجوههم عن وجوهكم، وليس أمامكم غير صحبة "تأبط شراً" و"طرفة" و"جان جينييه" وباقي المغضوب عليهم. أكاد أتقطع حزناً على كتاب حارتنا السورية المهللين في حلقة الذكر "العلية العاقلة العرسانية" فليس بينهم وبين إبداع الحقبة الديناصورية والناموس المتوحش إلا بضع سنوات إلى الوراء. كتاب حارتنا السورية دراويش؛ أنيقهم أسماله من البالة؛ وإذا ابتسم له الإتحاد العتيد أو الزمن الرديء فسيشتري طقماً شتوياً لا يزيد ثمنه عن الألف ليرة لأن ما تدفعه وسائل الإعلام عندنا لهؤلاء الكتاب لا يتجاوز الفتات وقد نجد أن لوسائل الإعلام بعض الحق؛ فما يكتبه مبدعو حارتنا السورية الإتحادية لا يتجاوز فتات الإبداع أصلاً فهم مخنونقون برهاب الإتحاد وسطوة قادته الأشاوس وقد سقطت كلمة الحرية من معجمهم منذ عشرات السنوات. لا أدري كيف يبدع الغارقون في العبودية عندما يطبع الإتحاد عبقريات كتّابه لا يتجاوز عدد النسخ الأف نسخة أو الألفين مع العلم أن سكان الوطن العربي 300 مليون، ودائماً الطبعة الأولى هي الطبعة الأخيرة، وبارك الله بالأحباب والأصحاب توزع عليهم هذه الألف التعيسة بالمجّان؛ وإن تكرم النقاد الأحباب والأصحاب فسيتصفحون الأثر الأدبي بدافع الإحراج أو الإشفاق.
من ثلاثين عاماً لم أسمع باسم مبدع حقيقي تخرج من جامعة إتحاد الكتاب العرب الغارقة في جهل العصر والعريقة في التخلف عن ركب الزمن المعاصر. أما جمهرة القراء السوريين المعنيين أصلاً بقراءة تلك العبقرييات فلا يتجاوزون عدد الأصابع لدى خمسين رجل وامرأة. إتحادكم يا أستاذ عليّ أتقن شيئاً واحداً فقط وما زال يتقنه وسيتقنه حتى ذهابكم ببركة الله من هذا الإتحاد؛ ألا وهو الرقابة أولاً؛ والرقابة ثانياً؛ والرقابة أخيراً. وكلما أمسك كائن بشريٌّ سوريٌّ قلماً بهدف أن يتحول إلى كاتب بشري ينبهه الرقيب الداخلي القابع في رأسه وأنامله أن مندوبيك يا أستاذ عليّ على كتفيه كالملائكة فلا كلمة زائدة ولا فقرة ناقصة وويحه إن لم يفهم عقلكم الفاضل وتوجيهات رهطكم الكريم، ويكلّم نفسه قائلاً "ألف جبان في حمى إتحاد الكتاب العرب ولا وقفة خارجه تؤدي إلى غضبة عسسكم وسطو عقابكم".
ما لمع في سماء الأدب السوري وأفق الكتابة السورية من ثلاثين عاماً - وهي مدة رئاستك للإتحاد- إلا من كان خارج الإتحاد لا داخله؛ إلا العاقون والضالون وكاسروا أصفادهم وقيودهم وهم راضون بلعناتكم وسعداء بفراقكم ويدعون الله أن يكفيهم شر كل ذي شر. أدونيس طردتموه؛ والماغوط اغرقتموه في اليأس؛ ونزار قباني لم يسمع بإتحادكم، وهؤلاء أسماءُ تفخر بهم سورية على كل العرب. لماذا يا سيدي عليّ وقد تقدم العمر بك وبرهطك تدفع نفسك وكتاب حارتنا السورية إلى صِدامٍ مع الحرة؟ وهل نحن قدها؟ هل نحن قد أمريكا؟.
عد عن قرارك ودع الخلق للخالق ودع القرارات الصعبة لأصحابها ولأولي الأمرولأهل الحل والعقد.
أنقذك الله وكتاب حارتنا السورية من هذه الورطة الحرزانة، والسلام على من اتّبع الهدى وسمع أحسن القول.
د.أديب طالب