قبل يومين تواردت الانباء عن المخاوف السورية، فسوريا اصبحت امام مرمي المدفع الدولي، وبرغم تبريرات سوريا، التي تدعي انها مستهدفة، لكونها قد وقفت بالضد من تقسيم العراق، وتحقيق السياسة الامريكية في المنطقة، الا ان الانباء والتحليلات تصب في خانة ان سوريا نفسها اصبحت مهددة بالاحتلال ومن ثم بالتقسيم، انها اشارة واضحة لموقف سوري جديد، فلانقاذ سوريا من الاحتلال والتقسيم، يجب اللجوء الى اهون الشرين، وهو التنازل عن الامتار القليلة على الضفة الشمالية لبحيرة طبرية، اعتقد ان الاخراج بهذا الشكل هو عين العقل، فسوريا متهمة ايضا بايوأها للمنظمات الارهابية ودعمهم بالضد من ارادة شعوب المنطقة وقياداتها، وبالتالي ان سوريا بعكس ما تدعي هي عامل عدم استقرار في المنطقة، كما ان تحالفها الوحيد مع ايران يجعل الدول الكبرى ترتاب في مسلكها.

ان خيار سوريا للتوجه نحو الحل السلمي مع اسرائيل امر محمود ومقبول ومطلوب، ولكن المشكلة في مثل هذه الانظمة المغلقة، هو صعوبة اجراء التغيرات في توجهاتها الا بتكاليف باهضة تدفعها شعوب المنطقة وبعض قياداتها، لكي تتمكن من المحافظة على رؤوسها فوق الرقاب، لان هذه الانظمة الزمت نفسها بالمستحيلات، وبالكرامة المفقودةى وبالشرف المهدور.

نعم من الواضح ان سوريا اتخذت قرارها بالسلام مع اسرائيل، وهو سيكون ايضا سلام الشجعان، سلام من اجل الحفاظ على الاجيال القادمة وثرواتها وسلام للحفاظ على تقسيمات سايكس بيكو التي اصبحت الان مقدسة ومطلوبة، بعد ان ظل العروبيون يذموها طيلة القرن الماضي، فالحفاظ على هذه الحدود غاية لاتدركها غاية.

ولكن كما قلنا بما ان السلام هو للخروج من النفق الذي دخلت فيه سوريا جراء سياساتها المغامرة، و التي ظلت تحسب بالمقاييس السابقة لسقوط الاتحاد السوفياتي، بحجة خصوصية المنطقة وثقافتها، انظروا ان ثقافة المنطقة وضعت عمدا امام فوهة المدفع، لكي تستميت الجماهير في الدفاع عنها، لان هذه الجماهير لم تعد تؤمن لابالوطن ولا بالقادة الاشاوس، وهكذا خسرت الثقافة ايضا رونقها وقداستها، لكثرة استعمالها في كل الامور.

ولذا فالتحول السوري نحو السلام، بحاجة لعملية اخراج فائقة الدقة، تشد اعصاب المشاهدين، وتجعل انفاسهم تلهث ترقبا للقادم من الامور، ومن هنا اليس من حقنا ان نتسأل، اليس مقتل الحريري خطوة على هذا المسار؟ وكم من الاغتيالات والانفلاتات الامنية سنشهد؟ وهل سنشهد ضربة اسرائيلية مبرمجة لتجميل وتقوية اخراج عملية السلام، كل شئ جأز من قبل هذه الانظمة، التي اغلقت ابواب الحوار الحقيقي مع شعوبها، وجعلت هذه الشعوب تعيش اواهم الشعارات.

تيري بطرس