قد سبق أن كتبت عن الأصابع الخفية للمحنة القبطية وأوضحت أسباب المحنة سواء الخارجية أو الداخلية إلا أننا اعتمدنا وركزنا على الأسباب الداخلية فقط مع عدم ذكر الأسباب الخارجية.
و ألان وجب على أن اشرح أن ما يعانيه الأقباط في مصر من الألأم والمشكلات والاضطهاد نتيجة عوامل متعددة الجوانب ألا أنها أولا و أخيرا لها منبع واحد ثابت وهى الأمراض السيكولوجية للنفس العربية و غياب العقل العربي عامة والمصري خاصة هذا المرض الذي دام 14 قرنا من الزمان بلا دواء ولا أمل في الشفاء.
وسوف نوجز هذه الأمراض بكل صدق وأمانة لعل ذكرها يأتي بمعجزة ويقوم الجسد الراقد المتحلل من سبات دام قرونا من الزمان لعل وعسى يصلح حال العالم العربي الغير محصن ضد الأمراض التي أنهكت هذا الجسد الغنى بالمال الفقير بالأخلاق والمحروم من القيم بفعل فقهاء السلطة ومشجعي التطرف وشيوخ المصاطب وسوف نذكر هذه الأمراض واحدة تلو الأخرى لعلها تجد صدى للإصلاح إن أمكن.

أولا : التعالي والكبرياء وانعكاسه على الأقباط
إن من سمة الشخصية العربية التعالي والزهو بدون سبب مقنع سوى اعتمادهم على الآية (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون ‏بالله ولو أمن أهل الكتاب لكان خير لهم منهم المؤمنون وأكثرهم من الفاسقين) ‏ البقرة 2 آيه 11 )‏ ومن هذا المنطلق اخذ العرب مفهوم خير أمة على عكس ما ينبغي اعتمدوا علي أنهم الأعلى والأولون ومن هنا اصبح كل ما هو غير مسلم هو من أحط الطبقات ويجب القضاء علية وان الله جل جلالة سيفدى كل مسلم بأخر يهودي أو نصراني ويقول هذا فداك من النار ودائما تجد البرامج التليفزيونية و الصحف والمجالات تقلل من شان الأخر ومن أدميتهم ومن حقهم في الحياة الكريمة ومن هذا التعالي عانى ويعانى الأقباط (حتى أن هناك شيوخ مسلمين يطالبون المسلمين بعدم التحية أو إلقاء السلام على الأقباط على اعتبار أن هذا رجس من عمل الشيطان ومن مبدأ التعالي والأفضل ) و طالما أن هذه النظرية لم تجد من يصححها حتى يدركوا كيف تكون أخلاق ومبادئ خير أمة أُخرجت إلى الناس سيظل هذا المرض المزمن في المجتمعات العربية عامة ومصر خاصة.

ثانيا : نظرية المؤامرة وما يعانيه الأقباط
إن آلامه الوحيدة التي وقعت فريسة المؤامرة هي الأمة العربية ومن هذا المنطلق فان كل يحدث لها من مصائب وأحداث هي مؤامرات خارجية ولابد من البحث عن متآمر سواء صهيوني أو نصراني كافر ولابد من التنكيل بهم وبأمثالهم ومن هنا تظهر ردود الأفعال على الأقباط المسالمين فعند غزو العراق للكويت صاحت الدنيا في العالم العربي وفى المساجد وفى خطب الجمعة الويل للأمريكان الويل للكفرة المتآمرين والويل للصليبين وبالطبع عانى ويعانى الأقباط دائما من العقد العربية التي تنعكس على الأقباط داخل مصر في الشارع والعمل والإذاعة والتليفزيون وكأنهم هم الذين غزوا الكويت وغير ذلك من المصائب العربية التي تكون من إنتاج و إخراج وتمثيل النجم العربي المسلم والضحية هو القبطي المسالم الوديع.

ثالثا : الشيزوفرنيا العربية في شيوخ الفتاوى
إن مرض الشيزوفرنيا في الأمة العربية مرض صعب العلاج ( Hopeless Case )
ومتوفر في 99.9 % من شيوخها ومفتيها وحكامها فهم أول من يشعل نار الكراهية للآخر و أول من ينفث في الكراهية الحقد للآخر وحينما تحدث مصيبة تهدد كراسيهم تجدهم على النقيض تماما هم اول من يستنكروا ويهددوا ويحكموا على القائمين بهذه الاعمال بأنهم كفرة ومرتدين و أعداء للوطن والدين مع نسيانهم تماما أنهم السبب في هذا الارتداد والكفر وتجدهم في مقدمة المستنكرين كمثال ( الشيخ القرضاوى وتفجير المدرسة البريطانية في قطر والمسيرة التي قادها ) وبكل أسف إن الشيزوفرنية العربية متمكنة من كل الحكام 100% (ما يقال سرا ليس ما يمارس علنا) بل على العكس تماما يعطون أنفسهم أسماء لا تتطابق مع عملهم مثل الرئيس المؤمن (السادات) (هو كافر بكل مواثيق حقوق الإنسان وهو الذي قنن اضطهاد الأقباط في الدستور في المادة الثانية) ويوجد وزراء أسمائهم على عكس عملهم وهذا يتطابق مع الشيزوفرنيا العربية تماما.

رابعا : الأنانية
إن نسبة هذا المرض تتفاوت من شخص لأخر داخل المجتمعات العربية ولكنه مرض صعب الشفاء في الحكام وفى الشيوخ المبجلين ولذا تجدهم أول من يضحي بغيرهم فها هو القرضاوى مشجع الإرهاب والتفجيرات والقتل والذبح تحت اسم الجهاد ولكن من يقوم بهذا ليس أحد من أبنائه بل أشخاص جهله استغلهم الاستغلال السيئ وهذا أيضا انعكس على الأقباط فتجد الآخرين يتصارعون في اضطهادهم و خطف نسائهم وبناتهم و قتلهم والفتك بهم وهذا بإيعاز من شيوخ الفتنة وطالما مرض الأنانية موجود في هؤلاء الشيوخ والحكام فلا يهمهم من الذي يضطهد و من الذي يقتل طالما كل ذلك بعيد عنهم و عن آسرهم وتجد لسان حالهم يقول مثال جحا ( إن كان بعيد عن... مش مهم ).

خامسا : غياب النقد الذاتي والبحث في أساطير الماضي
المثل المصري الدارج ( التاجر لما يفلس يبحث في دفاتره القديمة ) ينطبق دائما على الأمة العربية وبكل أسف فهي منذ مئات السنين تبحث عن الدفاتر القديمة متوهمة أنه كان يوجد عصر خلفاء راشدين و أنة كان في ذاك الوقت يعم العالم الإسلامي ( الحب والعدل والوفاء وعدم الغدر وغير ذلك من الصفات المنقرضة في هذا العصر بسببهم ) ونتيجة لغياب النقد أو البحث ولا أكون متجنيا لغياب العقل أيضا لأنة لو كان هناك عقل يبحث وينقد لعرفوا أن هذا الزمان كان ملئ بالغدر والقتل والحرب بدليل ثلاثة من أربعة خلفاء اغتيلوا غير ذلك من حروب بين معاوية وعلى بن أبى طالب وبكل أسف ما يطالبون به ينعكس على الأقباط لأنهم يريدون العودة بنا إلى 1400 سنة للخلف و ما بها من أساليب وحشية لا تساير هذا العصر من رجم وقطع أيدي وقتل وقوانين أخرى عفي عليها الزمن وان طبقت على من ستطبق؟ على الأقباط بالطبع طبقا للمثل القائل (اللي له ظهر ما ينضربش على بطنه ) وبكل أسف الأقباط ليس لهم ظهر فسيكونون هم الضحية كما كانوا دائما و ما يزالوا
أخيرا لا ادعى إنني الوحيد الذي يحلل هذه النفسية المريضة بغرض شفائها بل أنة يوجد كتاب أفاضل أمناء حاولوا ويحاولوا لهذه الآمة أن تقوم من أمراضها ( مثل الدكتور سيد القمني المستشار سعيد العشماوى الأستاذ نبيل شرف الدين الأستاذ سامي البحيري الأستاذ نبيل عبد الفتاح والأستاذ العفيف الأخضر والأستاذ اشرف عبد القادر) حتى تترك التعصب والكراهية للأخر ويعيش الأقباط والنوبيون في وطنهم مصر بجانب إخوانهم المسلمين في أمان وحب ونقاء بعيدا عن شيوخ الفتة و استعلاء الأصوليين الفارغ من الجوهر المدمر في المظهر.
[email protected]