القاهرة : بعد ستة أشهر فحسب من أداء الحكومة المصرية الجديدة اليمين الدستورية كسبت إلى صفها قطاع الأعمال بسلسلة من الإصلاحات الاقتصادية بل أنها بدأت تكسب ثقة المدخرين الذين أقبلوا على تحويل ودائعهم الدولارية إلى الجنيه المصري.

ومنذ منتصف يوليو تموز خفض مجلس الوزراء الرسوم الجمركية وأعلن عن خطط لخفض ضرائب الدخل والشركات بنحو 50 في المئة وأحيا برنامج الخصخصة المتوقف.

وكانت أحدث خطوة سوق الصرف الأجنبي بين البنوك التي كانت عاملا في رفع قيمة الجنيه مقابل الدولار للمرة الأولى منذ محاولة فاشلة لتعويم العملة عام 2003 في ظل الحكومة السابقة.

ويقول الاقتصاديون ان وراء الإصلاحات حاجة ملحة لتشجيع القطاع الخاص وخفض البطالة التي تبلغ رسميا تسعة في المئة وان كان الاقتصاديون يقدرون أنها أسوأ من ذلك.

وقال جيمس ماكورميك من وكالة فيتش للتصنيفات ان الحكومة المصرية "تدرك ما هي المشاكل وتبذل ما هو أكثر من مجرد الحديث عنها. وقد شهدنا بالفعل بعض الإجراءات."

لكن الإصلاحات لم تتناول حتى ألان مشكلة مؤرقة تتمثل في العجز الضخم في الميزانية الذي يقول الاقتصاديون انه سيتزايد في الأجل القصير بسبب خفض الضرائب والرسوم الجمركية.

ولاقتراب الانتخابات البرلمانية التي تجري هذا العام لا يتوقع كثيرون أي محاولة جادة من جانب الحكومة لتنفيذ تخفيضات كبيرة في الأنفاق تتجاوز الخفض المتواضع الذي أعلن مؤخرا في دعم وقود الديزل.

وقالت الحكومة الجديدة انها تتوقع تعويض التراجع الذي ستشهده الإيرادات نتيجة للتخفيضات الضريبية والجمركية سريعا من خلال رواج حركة الأعمال والنشاط التجاري وتحسن تحصيل الضرائب. ويقول اقتصاديون ان التوقعات الحكومية ربما تكون مبالغة قليلا في التفاؤل.

وقال ماكورميك ان من المتوقع أن ترتفع الإيرادات الضريبية مع تحسن الالتزام بتقديم الإقرارات الضريبية وأبدى اعتقاده أن الإيرادات ستنخفض في الآجل القريب.

ووفقا لبعض التقديرات سيزيد العجز في الميزانية عن سبعة في المئة في السنة المالية 2004-2005 لكن ماكورميك قال ان الرقم انخفض إلى 3.3 في المئة عندما يدرج فائض صندوق التأمينات الاجتماعية وهو مستوى ليس مقلقا بدرجة كبيرة.

ورغم تأجيل الإصلاحات الخاصة بالإنفاق في الوقت الراهن فقد حصلت الحكومة على إشادة من المستثمرين الأجانب وخاصة من منطقة الخليج الذين ساهموا في رفع المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم أكثر من 60 في المئة منذ يوليو تموز.

لكن الاقتصاديين يقولون ان المستثمرين الساعين إلى تحقيق مكاسب سريعة في البورصة ليسو وحدهم الذين يتطلعون إلى مصر.

وقال دانييل هانا الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط ببنك ستاندرد تشارترد "الشركات الكبرى التي تتطلع للاستثمار وإقامة نشاط لها في مصر في الأجل المتوسط ... تنظر بجدية."

وأي تدفقات مالية جديدة من الخارج ستمثل نبأ طيبا لمصر التي لم تجتذب سوى 407.2 مليون دولار من الاستثمارات المباشرة في السنة المالية 2003-2004 وفقا لبيانات البنك المركزي.

لكن المصريين بدأوا يكتسبون الثقة.

فحتى عهد قريب كان أصحاب الودائع الدولارية يرفضون تحويلها الى العملة المحلية التي ترتفع أسعار الفائدة عليها حتى مع زيادة إيرادات النقد الأجنبي من السياحة والصادرات وغيرها.

وتغير ذلك الوضع عندما بدأ عمل سوق جديدة للصرف الأجنبي بين البنوك في 23 ديسمبر كانون الأول مما أتاح للبنوك بيع ما بحوزتها من الدولارات واثقة أنها ستتمكن من إعادة شرائها اذا احتاجت إلى ذلك.

وارتفع الجنيه بنحو خمسة في المئة مقابل الدولار ودفع ذلك عددا متزايدا من المدخرين الى تحويل دولاراتهم الى الجنيه المصري.

ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد بأكثر من خمسة في المئة هذا العام ليسجل أفضل معدل له منذ منتصف التسعينات وبما يقترب من المستويات التي يقول الاقتصاديون عنها ضرورية لزيادة فرص العمل للشباب وتحسين مستويات المعيشة.

وتحقق جانب كبير من الزيادة في النمو من ارتفاع الصادرات ونمو حركة السياحة اذ بلغ عدد السائحين ثمانية ملايين للمرة الأولى في 2004 بفضل انخفاض الجنيه أمام الدولار منذ تعويمه عام 2003.

لكن الاقتصاديين يقولون ان السياحة والصادرات لن تتأثر كثيرا بارتفاع الجنيه أمام الدولار لان عددا كبيرا من السياح الوافدين لمصر من الأوروبيين ولان أوروبا هي الشريك التجاري الرئيسي لمصر وان ارتفاع اليورو الأوروبي يدعم هذين القطاعين.