ملابس.. ماكياج.. محمول و كمبيوتر
بيزنس طلاب الجامعة

أحمد عبدالمنعم : التجارة ليست من المهن التى احترفها المصريين القدماء ، فالنهر العظيم الذى يخترق أرضهم بطولها فرض عليهم الزراعة كنشاط رئيسى لالاف السنين . وبمرور الوقت تغيرت الأحوال وتبدلت الأجيال ولم تعد الزراعة وحدها تكفي للوفاء بمتطلباتهم ، فبات من الطبيعي الاتجاه الى أنشطة اقتصادية أخرى تكون أكثر ربحا وأقل تكلفة ولا تتطلب مجهودا كبيرا.. وربما كانت التجارة هى النشاط الاقتصادي الذى يجمع كل تلك الصفات وهو ما جعلها ملاذا للكثير من المصريين بل ان الأمر تعدى ذلك فصارت التجارة أيضا ملاذا للكثير من طلاب الجامعة الذين استغلوا وجودهم وسط هذه الأعداد الضخمة من الشباب والفتيات وأخذوا يشترون ويبيعون ، يخسرون حينا ويربحون أحيانا .
فاذا ساقتك الصدفة يوما الى احدى الجامعات المصرية فلا تتعجب عندما تشاهد طالبا يحمل حقيبة ضخمة على كتفيه ، فهذه الحقيبة تمتلئ بالملابس التى يسعى لبيعها داخل الجامعة ، واذا وقعت عيناك على طالبة تحمل حقيبة ماكياج كتلك التي تحملها الفنانات فلا تسخر منها فما تحمله من أدوات ماكياج للبيع وليس للاستخدام الشخصي. واذا اطلعت على دفتر محاضرات أحد الطلاب ووجدته يعج بالأسماء والمبالغ المالية فلا تظن أنها عمليات حسابية كما تبدو للوهلة الأولى لأنها ليست سوى تدوين للمبيعات والأقساط التى تم تسديدها .
فطلاب الجامعة ليسوا بحاجة للتجول فى المحلات بحثا عن متطلباتهم ، وليسوا بحاجة للتفاوض مع صاحب المحل وصولا الى السعر المناسب ،كما أنهم ليسوا بحاجة الى امتلاك مبلغ كبير من المال لشراء كافة احتياجاتهم . فبامكانهم شراء هذه الاحتياجات بتسهيلات كبيرة فى السداد ، فلن يكون عليهم سوى سداد جزء بسيط من المبلغ على أن يسددوا الجزء المتبقي على أقساط شهرية وبدون فوائد . تلك التسهيلات المقدمة من جانب الطلاب التجار خلقت سوقا رائجا داخل أسوار الجامعة ما دفعهم للتوسع فى هذه التجارة ،لم تعد ملابس جاهزة وأدوات زينة فحسب بل شملت الهاتف المحمول وأجهزة الكمبيوتر والهدايا وغيرها مما قد يحتاجه الشباب والفتيات فى هذه المرحلة العمرية .

أسس وقواعد مختلفة

والعلاقة بين البائع والمشتري ليست علاقة تاجر وزبون تنتهى بنهاية الصفقة لأنهما معا طوال سنوات الدراسة كزملاء وبالتالي لا مبرر للعلاقات المهنية الرسمية بين الطرفين ، فلا داعي لتوقيع ايصالات أمانة بالمبالغ المتبقية لأن المشتري بالتأكيد لا يضمر نية سيئة، والبائع أيضا لا يتجرأ على خداع المشتري بسلعة رديئة لأنه لن يتمكن من الافلات بفعلته في هذه الحالة . فقواعد البيع والشراء المتعارف عليها فى الحياه العادية لم تعرف طريقها الى الجامعة التى أنشأ لها تجارها قواعد وأسس ذات طابع مختلف الى حد كبير .
يحتاج طلاب الجامعات الى رأس مال يكبر أو يصغر وفقا لحجم التجارة التى يحلمون بها وهو مبلغ عادة ما يصعب على طالب واحد توفيره خاصة اذا ما أخذنا في الاعتبار أن غالبية الطلبة التجار هم من أبناء الطبقة محدودة الدخل التي بالكاد تتمكن من توفير جزء من نفقات دراسة أبنائها وتطلب منهم العمل لتوفير الجزء المتبقي . تلك المشكلة التى تواجههم عادة ما يتم حلها من خلال اشتراك أكثر من فرد فى التجارة وربما كان بعضهم من خارج الجامعة ويسعى لاستثمار أمواله في هذا النوع من التجارة بعد أن سمع عن أرباحها المضمونة .
وتجار الجامعة لا يستمرون فى نشاطهم فترة طويلة وربما لا تزيد عن أربع سنوات وان حاول البعض زيادة تلك المدة حتى ولو اضطر للتضحية بعام أو عامين من عمره بتعمد الرسوب فى الامتحانات لضمان بقائه فى الجامعة لأنه ببساطة يدرك جيدا أن وظيفته بعد التخرج لن تدر عليه نصف ما يربحه من تجارته بالجامعة .. هذا في حال حصوله على وظيفة .