احمد عبد المنعم : بتناقض غريب _شأن كثير من أمورنا الحياتية_ تراجع مشهد الطالب الذي يحلم بالانتهاء من الامتحانات للحصول على اكبر قدر من الراحة الى خلفية الصورة بعد أن احتل مقدمتها نوعية أخرى من الطلاب الذين ينتظرون آخر أيام الإمتحانات بفارغ الصبر ليس بحثا عن الراحة والاستجمام شأن بعض الزملاء ولكن لان الاجازة بالنسبة لهم فرصة ذهبية للحصول على عمل يمكنهم من توفير بعض المال اللازم لاستكمال مسيرتهم فى التعليم .
ورغم أن أعداد هذا القطاع من الطلاب ليست معروفة على وجه الدقة الا أن الاحاديث المتبادلة بين الطلاب فى نهاية الامتحانات عادة ما تكشف عددهم الهائل ، حيث بات السؤال المتداول فيما بينهم هو .. أين ستعمل خلال الاجازة ؟ لا .. كيف ستقضى الاجازة ؟ .
فالعمل بات من المسلمات المفروغ منها ولكن الموضوع محل النقاش هو ماذا ستعمل وبالطبع الاجابة تختلف من طالب لآخر، فهناك من يفضل العمل فى التجارة وهناك من يفضل العمل كمندوب مبيعات وآخرون اعتادوا العمل فى المطاعم والكافيتريات السياحية بينما ركز غيرهم فى الحرف اليدوية التي يطلق عليها المصريون اختصارا " الصنعة" والتي قد تكون سباكة او نجارة او العمل بلميكانيك وغيرها من المهن التي تتطلب وقتا أطول لمعرفة أسرارها . وغالبا ما يكون الطلاب الذين اختاروا هذه المهن قد قرروا مسبقا مصير شهادتهم الجامعية مكتفين بتعليقها على الحائط فى غرفهم والاستمرار فى " الصنعة" التى غالبا ما تكون أكثر ربحا، بينما يبقى النوع الأول الذي يختار الاعمال الموسمية التمسك بأمل الحصول على مهنة تناسب المؤهل الدراسي وفي الحالتين يمتلئ سوق العمل المصري خلال موسم الاجازات الدراسية بالاف الشباب الباحثين عن عمل .
ربما كان تآ كل مجانية التعليم عاما بعد عام هو السبب الأول في ظاهرة عمالة الطلاب خلال الاجازات ولكنها بالطبع ليست السبب الوحيد ، فالضغوط الإقتصادية على الاسرة المصرية جعلت من المستحيل على رب الأسرة تحمل نفقات جميع الأبناء وبالتالي بات من الطبيعي اعتمادهم على انفسهم والخروج مبكرًا الى سوق العمل .
اجازة نصف العام هذه المرة ستكون مختلفة بعض الشيء عن الاجازات السابقة لأنها بدأت مع إجازة العيد وبالتالي لن يملك الطلاب الوقت الكافي للحصول على العمل .. فالاجازة في هذه الحالة باتت اجبارية .. لعله ترتيب القدر ليمنح هؤلاء المطحونين هدنة يتبادلون خلالها التهنئة بالعيد وأذهانهم _على غير عادة _غير مرهقة بالتفكير فى المناهج الدراسية أو حتى العمل !!
التعليقات