ربما كان عنوان هذا المقال مزعجاً بعض الشيء، لكن ثمة علاقة ولتكن طردية بين الأحدب بطل رواية الروائي العالمي (فيكتور هيغو) المعروفة بـ "أحدب نوتردام"، وبالذات ذاك الصراع المحموم بينه وبين كاهن الكنيسة الذي يتجسد عند نهايات الرواية لحظة التشابك فيما بينهما حيث يعبر الكاهن عن فلسفته الخاصة في هذا الصراع على أنه موجود بفعل قوى الحب والجمال، وسيطرة مشاعر الحب تجاه المرأة الغجرية الحسناء، التي لولا وجودها في الرواية لما اكتملت حبكة الصراع، ولما اكتمل السيناريو إلى نهايته.
وعلاقة الثقافة الأردنية تتمثل في وجهة نظر الأحدب الذي أصمّته أصوات أجراس الكنيسة القوية الضخمة عبر السنوات الطويلة التي عاشها منذ طفولته بينها إلى أن اصبحت تشكل مركز ذاته من الاعماق، وهذا ما قد يكون حاصلاً إن جاز التعبير والمقارنة، بين مركز ذات الأحدب ومركز ثقافة الشعب الأردني، حيث عاش هذا الشعب ومنذ نعومة اظفاره على أجراس الشعوب المجاورة له وذلك منذ أمد التاريخ، عندما كان الأردن في مختلف العصور والأزمنة وانقلاب الثقافات، ممراً استراتيجياً للدين والعلوم والثقافة والتجارة وغيرها من أشكال الحياة الواقعة على الأرض، ولا زال يعيش بين تلك الأجراس رغم تبدل حالاتها وانقلابات أحوالها.
أما المفارقة اللافتة في هذه المقارنة الأدبية مع الأحدب ، فتكمن في محور طرح الكاهن حول مركز الصراع، حيث يجيبه الكاهن "سلوكياً" أكثر منه "لغوياً" بأن هنالك داعية كاذب، خدع احترامه لأخلاق الشعوب الانسانية من أجل الوقوف أمام امرأة حسناء باسم الحب، وهذا الداعية وبحسب الرواية هو الكاهن فعليه أن يقتل أو أن يلقى جزاءه جرّاء ما ارتكبه أمام الكنيسة وأمام شعبها، وفي ثقافة المجتمع الأردني، فإن هناك دائماً من يجب أن يقتل جرّاء نفس المنطق ونفس الفلسفة في رد الأحدب "السلوكي" أمام رجل الداعية، احد أضلع "مثلث الصراع" في الرواية العالمية.
فالقارئ لفكر المجتمع الأردني يجد أن هناك دائماً من يجب أن يقتل، والمقتول هنا أو المقصود ليس شخصاً أو إنساناً بل هو حادث أو فكرة، أو حالة ملحّة للقتل العمد من أجل أمر واحد فقط، من أجل الحياة.
وثقافة المجتمع الأردني المليئة بالحكايات، قد تجيز هذه المفارقة اللحظية خاصة عندما يتعلق الأمر بعناصرها، والتي وضعت كلماتها بين كلمات هذا المقال بين شرطتين أو قوسين علويين، وهي في النهاية تشكل صفة الثقافة الأردنية في وقتنا الحاضر، وهي، السلوك (حضارة) كمطلب أساسي، واللغة (تاريخ) في وحدة انتماء مختلف اللغات للأرض، ومثلث الصارع (الحوار) كثقافة ديمقراطية للوصول إلى برّ الأمان، وكل هذه العناصر تجتمع من اجل أمر واحد فقط ايضاً، هو ذاته في خلاصة رد الأحدب، من اجل "الحياة"....!!


[email protected]