قررت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع المصادقة على قرار مقاطعة صحيفة هآرتس، إذ تتهم الصحيفة بأنها "تسيء لإسرائيل" في أخبارها ومقالاتها التي تنشر باللغتين العبرية والإنجليزية.
يشمل القرار حث وزارات الحكومة المختلفة على عدم إجراء أي اتصال مع الصحيفة، كما قررت الحكومة عدم وضع أي إعلانات أو مناقصات على صفحاتها ومواقعها.
وتعتمد الحكومات الإسرائيلية على الصحف في نشر الإعلانات والمناقصات المختلفة مقابل مبالغ مادية معينة.
لماذا اتخذت الحكومة هذا القرار؟
صوتت الحكومة لمقاطعة الصحيفة لأنها وصفت المقاتلين الفلسطينيين بـ"الباحثين عن الحرية"، مشيرة إلى ضرورة محاسبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبعض وزراء الحكومة. ويأتي القرار أيضاً بسبب افتتاحيات الصحيفة التي تعتبرها الحكومة "مضرّة بشرعية إسرائيل عالمياً".
ووصف ناشر “هآرتس” عاموس شوكان خلال مؤتمر في لندن قبل ثلاثة أسابيع الفلسطينيين بأنهم “مقاتلون من أجل الحرية”، ما أثار غضب الوزارات الإسرائيلية. وأشار شوكان إلى أن الأذى المتعمد للمدنيين “غير مشروع”، وأن العنف لتحقيق أهداف سياسية أو أيديولوجية هو “إرهاب”.
تقول “هآرتس” إن نتنياهو يعرف أن وسائل الإعلام المستقلة هي ضمانة للديمقراطية، مشيرة إلى أن نتنياهو يريد القضاء عليها وأكدت الصحيفة أنه "لا ينبغي السماح له ولائتلافه بالنجاح في هذا الأمر".
وتسعى الصحيفة لتقديم التماس إلى المحكمة العليا لمواجهة قرار الحكومة، الذي جاء عقب مقترح وزير الإعلام شلومو قرعي بعدم التواصل مع الصحيفة من قبل الحكومة أو أي جهات تمولها.
وتصف “هآرتس” القرار بمقاطعتها بأنه خطوة أخرى باتجاه تفكيك الديمقراطية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن نتنياهو يحاول إسكات صحيفة مستقلة ناقدة. وأكدت أنها لن تتراجع ولن تتحول إلى منشور حكومي.
ما الذي تعنيه مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت والضيف؟
توصية بـ"إعادة النظر" في منصب بن غفير الوزاري وسط اتهامات بـ"تسييس الشرطة"
" جزء من خطة كبيرة "
تقول عنات ساراجوستي، مديرة قسم حرية الصحافة في نقابة الصحفيين في إسرائيل، إن الحكومة تهدف إلى إضعاف وتدمير الإعلام المستقل.
وترى أن العقوبات ضد “هآرتس” غير قانونية، وأن الحكومة تريد إضعاف حرية الصحافة وإغلاق البث العام لتقليص التمويل وفرض السيطرة السياسية.
وكشفت ساراجوستي أن الصحفيين الذين يتابعون محاكمة نتنياهو يتعرضون للهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكدت أن النقابة تقف بقوة إلى جانب حرية الصحافة وتدرس تقديم استئناف إلى المحكمة العليا.
" قرار غير ديمقراطي "
قال وزير العدل الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلن ل"بي بي سي" إن قرار مقاطعة صحيفة هآرتس ليس مفاجئاً بالنسبة له.
واعتبر أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي "حكومة يمينية متطرفة وأنها ستعمل كل ما بوسعها لإسكات الأصوات الأخرى في الديمقراطية الاسرائيلية، ما يعرض مستقبلها للخطر"، على حد تعبيره.
ويخشى بيلين أن يشكل هذا القرار سابقة خطيرة لحرية الإعلام وعلاقات الحكومة لها في المستقبل، واعتبر قرار الحكومة بمقاطعة الصحيفة "قرارا غير ديمقراطي".
ما هي صحيفة هآرتس؟
هي واحدة من أقدم وأبرز الصحف اليومية في إسرائيل، تأسست عام 1919 في مدينة القدس وتعتبر من الصحف اليسارية في البلاد.
وغالباً ما تتخذ الصحيفة مواقف نقدية تجاه الحكومة الإسرائيلية وسياساتها، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق الإنسان.
تصدر الصحيفة باللغة العبرية، ولديها أيضاً نسخة إنجليزية تصدر على الإنترنت وتستهدف القراء الدوليين المهتمين بالشؤون الإسرائيلية والشرق الأوسط وتغطي مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك السياسة والاقتصاد والثقافة والقضايا الاجتماعية.
وعلى الرغم من أنها ليست الصحيفة الأكثر انتشاراً في إسرائيل، إلا أنها تحظى بتأثير كبير في الوسط السياسي والأكاديمي والإعلامي حيث تأتي في المرتبة الثالثة بعد صحيفتي “يديعوت أحرونوت” و”معاريف” من حيث الانتشار.
تواجه “هآرتس” انتقادات من التيارات اليمينية في إسرائيل بسبب مواقفها التحريرية التي يعتبرونها معادية للحكومة والجيش. وفي المقابل، تحظى بتقدير واسع من المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، نشرت الصحيفة تحقيقات تشير إلى مقتل وإصابة وتعذيب العديد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية فضلا عن توثيق اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
التعليقات