التعليقات كرد فعل... لاغبار عليها، فهي نتيجة تلقائية للفعل الذي يتركه المقال أو التحقيق في فكر القاريء.
لكن ثمة مفارقة، في أن تتحول التعليقات الى سلوك مادي يتجلى في رسائل الى كاتب المقال تطلب منه ان يدل القاريء على مكان بيع دمى المضاجعة على سبيل المثال لا الحصر، كما في تحقيقنا الاخير عن ( دمى المضاجعة.. بديل للزوجة )، فصاحب الرسالة الذي سمى نفسه (احمد ) يقول مانصه :
( السيد عدنان البابلي المحترم
تحية...
ارجو تزويدي بعناوين محلات بيع دمى المضاجعة، وارجو ان تأخذ كلامي على محمل الجد، فانا تاجر وأنوي تسويق الدمى في البلاد العربية، ويمكن ان نتفق على صيغة تفيدك بنسبة من ارباح البيع... )
هكذا بكل سهولة يتصور السيد كاتب الرسالة ان بالامكان تحقيق ذلك، على رغم ان تجارة من هذا النوع تبدو مستحيلة في بلاد العرب، كما أن ماتطرق اليه التحقيق ليس بجديد، فدمى المضاجعة الجنسية معروفة في اوربا من زمن ليس بقريب،
ولم يكتشف التحقيق شيئا جديدا حول هذا الموضوع لكنه تطرق الى تنامي انتشار هذه الدمى بسرعة مذهلة في المجتمع الاوربي و لعمري هذا ماهدف اليه التحقيق.


وثمة قاريء اخر اسمه ( علي اليتيم ) يحذر إيلاف من نشر صور كالتي ارفقت في التحقيق محذرا إيلاف من ان تتحول الى ( بلاي بوي ).. فقد كتب القاريء مانصه :
(....لاأعرف ما فائدة إيلاف من هذا الموضوع هل هو لاثارة الناس جنسيا وإيلاف في طريقها لتكون بلاي بوي لا تعتقدون يا إيلاف وجود عدد من الردود ان قراء إيلاف موافقين على طرح ممثل هذه المواضيع الابحاية واذا كان محرري إيلاف يقبلوا ان ينشروا مثل هذه الواضيع يا ترى هل سوف يسمحون لانفسهم ان ترى عائلتهم مثل هذه المواضيع!!!!!!!!!!!!).

ويتسائل قاريء سمى نفسه ( روبوت كانديان ) : هل هذه الدمى بحاجة الى حبوب منع الحمل.

ولعله تعليق جريء يعكس قدرة ( إيلاف ) على تحريض القاريء في التفاعل مع الفكرة.

ولعل مايبعث على الارتياح السجال المقفل بين القراء في الفعل ورد الفعل، وهو سجال يقترب من الموضوع أو يبتعد عنه متحولا في احايين كثيرة الى جدال يبتعد كثيرا عن موضوع التحقيق، فالقاري (منير الهاشمي) يعلق على دمى المضاجعة قائلا (ماتعليق مراجعنا الدينية حول ذلك) مقحما (إيلاف) والمقال في قضية..الجميع في غنى عنها.

وهناك من يتهجم وهناك من يشتم إيلاف ( لفجورها!)، على ان هناك من يدافع عن إيلاف لصراحتها وواقعيتها.

فالقاريء ( نيرون ) يشيد بنشر هكذا تحقيق مدونا :
(اقسم ان 90 بالمائة من الذين علقوا على هذا الموضوع بالتفاهة او الخلاعة او شتى انواع الانتقاد هم في دواخلهم يتمنون لو يحصلوا على واحد او واحدة من هذه الدمى.......انه التناقض في الشخصية العربية الذي احد اسبابه هو الكبت جنسي......مساكين ).

ويضيف قاريء اخر جاسا نبض إيلاف والقراء :(عندي سؤال واحد عن المنتج واكيد الكاتب المهتم بهيك قضيه عمل ابحاث عن هل المنتج ولازم يجاوبني اذا بسمح ؟ هل يستعمل هذا الجهاز لغير الجنس ام انه فقط للجنس ؟ارجو النشر اذا سمحتي يا اروع إيلاف..... ).

وغير هذا هناك من يجد ان إيلاف لاتستحق الثناء فيدون (ابو شوق) في تعليقه (انحطاط في الموضوع...يعبر عن خواء..).

وعلى رغم ن الدمى بعيدة عن السياسة لكن القاريء يجر الموضع الى غاياته، فالقاريء ( العراقي المشاغب) يدون متسائلا : (وهل نكاح الدمية حلال أم حرام؟ وهل يجوز زواج المتعة من الدمية إذا كان الرجل شيعيا أو زواج المسيار مع الدمية إذا كان الرجل سنيا؟ أفتونا يارجال الدين قبل أن ندخل في المعصيات وأنتم السبب كونكم لم تعطونا الجواب ونحن بالأنتظار وهل يجوز دفع صداق للدمية أم لا؟ ).

لكن القاريء (ناجح الخيمي) يحرض على قراءة إيلاف مدونا : (... أنا أستغرب ممن يقرأ موضوعا ما وينهي قراءته تماما ثم يدلي بتعليق سخيف من مثل quot;لا تعليقquot; أو quot;ماهذه الموضوعات التافهة التي تطرحونها؟quot; أو quot; أنتم تروجون للفسادquot;.... إلخ إلى هؤلاء ياسيدي أوياسيدتي أمامك واحد من: إما أن لا تكمل قراءة الموضوعquot;السخيفquot; وإماأن تعلق تعلبقا حضاريا وإما أن تقرأ وتسكت خير من أن تنطق كفرا...).

ولعلنا في هذا الطرح مع ( الخيمي) ذلك ان إيلاف لاتروج للفساد قدر ماتضع الحقائق امام قرائها كما هي، فإغماض العين عما يدور حولنا هو جهل، والاخطر منه الاصرار على هذا الجهل.

ويرى الباحث الاجتماعي الدكتور ( سليم البياتي ) وهوباحث اجتماعي هولندي من اصل عراقي في مدينة ( فينلو ) ان التحريض الإيلافي ايجابي يلقي حجرا في سكون العقل العربي، ويضيف ان متابعته لما ينشر في ( إيلاف ) يستند على اسس علمية في الاعلام، ويرى ان (إيلاف ) تتصدر اليوم موقعا متميزا في الميديا العربية، وان المستقبل لها.

ولاتخلو التعليقات من الصراحة والسخرية كاشفة عن مدى تاثير إيلاف في تحريك مشاعر قراءها، فالقاريء (فيصل ) يكتب ساخرا : ( الحقيقة أتمنى لو أنني أستطيع الحصول على واحدة من هؤلاء النسوة يدفء القلب والشتاء طويل....ُ).

لكن مايبعث على الانتياه مايدعو اليه ( مؤيد ) الذي وجه نداءا عالي الصوت الى امة العرب حيث كتب :
(بإسم الشباب العربي المحروم من الجنس، والمحاصر بالعيب والحرام وشيوخ الدين والتقاليد، وكل ذلك مما أدى به إلى الإنقضاض على الحيوانات --------- لأنه عاطل عن العمل ولا يملك المال الكافي للزواج، بإسمهم جميعا نطالب من الجامعة العربية شراء أطنان من هذه الدمى، الأنثوية والذكورية، وتوزيعها على شباب وشابات الوطن العربي بهدف القضاء على التوتر والدوخان وشرود الذهن عن الجيل المعول عليه بناء الأمة.).
وبعد هذا كله يطلب قارئا من كاتب المقال مايلي : (شكرا للكاتب بس ممكن تزودنى بعنوان المحل. شكل الدميه تفتح النفس.....).
ولاشك في أن تعليقات (إيلاف ) اصبحت اليوم منبرا للافكار العربية، محوّلة النصوص الجامدة الى ادوات تفاعلية ترتقي بالفكرة الى اهدافها. والكاتب العربي اليوم يستطيع عبر هذه التعليقات ان يرسم تصورا واضحا للافكار التي يرسمها على الورق، وبهذا المعنى حولت ( إيلاف ) الكاتب الى (متلق) يترقب ردود فعل القراء لحظة بلحظة. ووفق الباحث الاجتماعي ( البياتي )، فان التعليقات تصبح بحد ذاتها استطلاعا غزيرا بالمادة عاكسة الرفض والقبول حول المواقف المطروحة.
وفي كل الاحوال، يتفق الجميع على ان ( إيلاف ) حولت الفكرة الى جدل متبادل، يرتقي بالفكرة ويهذبها، واضعة الكاتب والقاريء على طرفي معادلة متوازنة في الفعل ورد الفعل.

عدنان البابلي

[email protected]