محمد موسى من امستردام: لا يكاد يمر عام كامل، دون ان تقدم السينما الاوربية، فيلما يكون موضوع المهاجرين، وخاصة المهاجرين العرب والمسلمين محوره وسبب الدراما فيه. هذه الافلام لم تعد محلية، تتوجه الى جمهور معني بالمواضيع التي تقدمها هذه الافلام، افلام المهاجرين، بدأت في جذب جمهور اكبر، يراقب بقلق، قضايا المهاجرين في الدول الاوربية، ويفسرها ضمن اطار اوسع، عن التعايش الانساني الذي يتعثر لمشاكلتبدو احيانا مستعصية تماما على الحل.

بعد افلام quot;شوف شوف حبيبيquot; الذي عرض عام 2004، وفيلم quot;ضرباتquot; والذي عرض عام 2007، تقدم السينما الهولندية فيلما جديدا، عن المهاجرين المغاربة، والذين يعدون من الجاليات الاجنبية الكبرى في هولندا.التركيز على المهاجرين المغاربة، ليس فقط بسبب عددهم الكبير في البلد، هم الجالية التي تواجه الصعوبات الاكبر في الاندماج مع المجتمع الهولندي، وكما تبين كل الدراسات الرسمية الحكومية والمستقلة.

بطلات فيلم quot;دنيا وديزيquot;
الوجود المغربي في هولندا ، والذي بدا في الاتساع مع بدايات الستينات من القرن الماضي، بدأ مع مجاميع العمال الريفيين، والذين قدموا من قرى جبلية في المغرب، للمشاركة في بناء هولندا التي كانت لازالت تعاني من دمار الحرب العالمية الثانية. هذا الوجود مر بفترات يمكن وصفها بالاستقرار النسبي والعادية، حتى منتصف التسعينات، واتساع تاثير الحركات الاسلامية في داخل وخارح هولندا. على الشباب الهولندي من الاصول المغربية.حروب الشرق الاوسط وتفجيرات الحادي عشر من نيويوك، دفعت اسئلة الانتماء والهوية بين ابناء المهاجرين ، الى حدود غير مسبوقة من التوتر في تاريخ المجتمعات العربية والمسلمة الى هولندا.
فيلم quot;دنيا وديزيquot;، والذي يعرض الآن عرضا واسعا في الصالات الهولندية، يركز مثل الافلام الهولندية السابقة، التي اهتمت بنفس الموضوع، بالجيل الثاني من الهولندين من الاصول المغربية.الجيل الغاضب، او الجيل لضحية.المتارجح بين ثقافتين لا يشعر بالانتماء الكامل لكليهما.

quot;دنياquot; البطلة المغربية الشابة في فيلم quot;دنيا وديزيquot;، لا تختلف كثيرا، عن الصورة quot;النمطيةquot; لفتاة من الجيل الثاني لمهاجرين مغربيين،بقيا رغم حياتهما الطولية في هولندا، لا يجيدون اللغة الهولندية ، متمسكين بهويتهم الاصلية ، يشعرون بالقلق على مستقبل ابنائهم. عائلة quot;دنياquot; يملكون خطة quot;تقليديةquot; جاهزة، لتزويج ابنتهم من احد اقربائها الذي يعيش في المغرب.quot;دنياquot; التي قدمها الفيلم، لا تستطيع ان توجه كل جهدها، للوقوف بوجه هذ الزواج الذي ترفضه، هي مشغوله ايضا، بمساعدة صديقتها الهولندية المتحررة، التي تريد ان تعيش حياتها بالطريقة التي تراها مناسبة.. قصة الفتاتين التي جمعها الفيلم عنوة، تاخذ الفيلم منذ البداية الى وجهة فنية غير جدية.لا يقدم السيناريو، اي اسباب تجعل صداقة الفتاتين تبدو حقيقية او واقعية. الشخصيتان تختلافان عن بعضهما الى درجة لافته، تجعل من المستحيل التصديق بصداقتهما.

الفيلم الماخوذ عن مسلسل للاطفال قدم في التلفزيون الهولندي قبل سنوات، ياخذ ابطاله الى المغرب هذه المرة. العالئة المغربية تاخذ ابنتها لتزويجها، صديقتها الهولندية تلحقها الى هناك، للبحث عن والدها الهولندي الذي يعيش في المغرب.

صورة من الفيلم
الصورة التي قدمها الفيلم عن المغرب، تشير مرة اخرى الى عدم جديته في التعاطي مع الاختلافات بين الثقافات او حتى فهما. في احد مشاهد الفيلم، يجبر احد ضباط الشرطة المغاربة،الفتاتين لدفع رشوة له. هذه الصورة من الفساد الاداري لا تعرف عن ذلك الجزء من العالم. الفيلم للاسف مليء بالصور quot;المبسطةquot; وquot; الكسولةquot; عن المغرب، الصور النمطية لا توفر عائلة الفتاة الهولندية ومحيطها، الذي قدم ايضا بطرق مبالغة في عاطفيتها وتفائلها.

تبدو معظم افلام المهاجرين، بانها فقدت الثقة والامل بجيل المهاجرين الاول، هم يحضرون في تلك الافلام، وكأن قوة خارجية تحركهم، بعيدين تماما عن اي تفاعل مؤثر مع ابنائهم،او مع البلدان الجديدة، والتي قضوا فيها اكثر سنوات حياتهم.الجيل الاول هو ايضا من يفسد احلام ابنائهم وخططهم، ويخلق الكثير من الدراما، بسعيهم الذي لا يتوقف الى ارجاع ابنائهم الى quot;الاصولquot;، التي تركوها في بلدانهم، ليقضوا عمرهم كلهم في البحث عنها. رغم ان هذه الصورة ليست بعيدة عن الحقيقية دائما، لكنها تحتاج الى تقديم اعمق، يحاول ان يحلل عالم هذا الجيل، وفهم اسباب خوفه واخفاقه. وكما قدم بشكل رائع في الفيلم الكبيرquot;اسرار الكسكسquot; للمخرج التونسي الفرنسي عبد اللطيف كشيش.