من عمان: بعد اصداره سبع مجموعات شعرية منذ عام 1989 هي: (خيول الدم، أصابع التراب، معاقل الضوء، أقل مما أقول، قنص متواصل، يدك المعنى ويداي السؤال، وشجر اصطفاه الطير)، أصدر الشاعر الأردني عمر ابو الهيجاء مختارات شعرية حملت عنوان quot;أمشي ويتبعني الكلامquot; ضمن منشورات أمانة عمان الكبرى.

ويعد الشاعر ابوالهيجاء من جيل الثمانينات، فقد بدأ حياته الشعرية مع قصيدة التفعيلة ثم كتب قصيدة النثر ليس عجزا عن كتابة القصيدة المموسقة وانما لايجاد فضاءات واسعة للتحليق بعيدا عما سائد.

والشاعر عمرابو الهيجاء من الاصوات الشعرية التي استطاعت ان تحظى بمكانة مهمة على خريطة الابداع الشعري الاردني والعربي من خلال اغنائه للمكتبة العربية بالعديد من الانجازات الشعرية، ومشاركاته في الملتقيات والمهرجانات الشعرية والعربية، وقد ترجمت بعض قصائده الى غير لغة اجنبية.

في هذه المختارات قدم الناقد الشاعرد. راشد عيسى دراسة لهذه المختارات بعنوان (رمانة الرؤيا) ذهب من خلالها إلى أن نصوص صاحب المختارات quot;تخلو من الخطابية والمباشرة، وتصعد نحو التجريد بصفته أَلْيَقَ الأساليب المخيالية لقصيدة النثر، وهو تجريد لصيق بالمعمار السوريالي الذي تصبح فيه اللغة نظاماً رمزياً وإرشادياً مستنداً إلى الانزياح اللغوي الدلاليquot;.

أما لغة أبو الهيجاء وفقا لـ د. راشد فهي لغة quot;نشطة ومنسجمة مع الدفقة الشعورية الحادّة، فبالتوقف عند مفردة الرنين تذهب بنا الاستعارة إلى الجرس جرس الرغبة والظمأ والعشق، رنين جسد يتحرى اللذة عند اقتحام بوابة الشهوات للعبور إلى ما خلف أبواب المرأة التي غدت أجمل ما في رصيف الحلم من فاكهة، تلك المرأة التي لم تُنِلْه منها سوى الظل العابرquot;.

ومن خلال quot;المختاراتquot; نلمح تنوعاً فائضاً بالمضامين والرؤى الشعرية الوطنية والاجتماعية والذاتية كقصائد الشخصية (علي أبو الهيجاء) وبعض المقاطع المتعلقة بالحنين إلى الأم والطفولة وقصائد حنظلة التي تشتبك مع نبض الراهن المرحلي بحسب الناقد د. عيسى الذي يستطرد quot;وتكاد تقدّم هذه النصوص صورة شمولية لملامح الشعرية الحديثة بدءاً من توظيف التراث وتدوير النص الموروث والزمن الطفولي وانتهاء بقصائد الشخصية والحفر العمودي في كينونة الذات المتشظية بسؤال المرأة أما على صعيد البناء التشكيلي فثمة تنويع في الأوزان التفعيلية والتداعي النثري الغالب على أبنية النصوصquot;.

ويلفت د. عيسى إلى أن صاحب المختارات quot;يعيش أجواء الشعرية المعاصرة ويجتهد في محاكاة أساليبها بحثاً عن خصوصيةquot; مشيرا إلى أن قصيدته (للريح أوتار قصيدة تشبهني) من أكثر القصائد تمثيلاً لشعريته حيث التداعي الحر عبر جدلية الأنا والكائنات، وموقف الشاعر من مشاهد الوجود، وحيث الصورة الفنية التجريدية المفتوحة على التأويل، والاستعارة الفائقة.


ويخاص الناقد والشاعر د. عيسى إلى أن المختارات التي حملت عنوان (أمشي ويتبعني الكلام) quot;ذكية من مجمل التجربة الشعرية عند صاحبها، ولعل عنوان هذه المنتخبات ينبىء بجوهر الفضاء الشعري الذي يقوم على إخلاص عميق بـ جـدلية الشاعر والشعر، لكأنما الشعر عنده جزء من كينونته وظل ملازم لشجر روحه، فالشعر سحابة، والشاعر ريح، والعمر مطر، يُعزي سؤال الذات ويثرّي عن علاقتها الجمالية بضرورة الحياةquot;.