كانت سارة تشبه الدمى بشكل عجيب.. شعرها ذهبي ووجهها دائري، وعيناها الزرقاوان تشبهان كريتين تلمعان، وقوامها دميوي ساحر عجيب، حتى يحتار الغريب الذي يراها إن كانت من البشر أو من الدمى المتطورة، وكانت أمها تحرص على تزيينها بطريقة الدمى الجميلة، بالعناية بتفاصيل تزيينها حتى أصبح ذلك الأمر هوايتها الأولى ولعبتها المفضلة، أما سامي شقيقها فقد كان يعشق اللعب ولا يتصور حياة بدون لهو، ولم تكن لعبته المفضلة إلا شقيقته الصغرى تلك، صاحبة الأربع سنوات، التي كانت تكبر مع الأيام وكأنها دمية كبر حجمها شيئا فشيئا بالنفخ فيها.
وفي يوم زينت الوالدة سارة، وهندمتها كدمية متجددة، ثم لعب بها شقيقها سامي وقتا طويلا ولم يمّل تلك اللعبة التي تتجدد باستمرار وتكبر مع الأيام، وتغيّر هندامها بطريقة لا يجدها في أي دمية أخرى في الدنيا، وعند منتصف اليوم، خرجت الوالدة وولدها سامي ولعبتهما الطفلة سارة، في جولة بين أروقة سوق اللعب المختلفة الأشكال والألوان، ولما صال الجمع بين تلك الأروقة حتى أصابهم الملل، لعلهم يشترون دمية جميلة للطفلة سارة، ولما كادت الوالدة وولدها سامي ييأسان من ذلك، وقع بصر الجميع على دمية من نوع خاص معروضة في متجر صغير بجانب ذلك الرواق الضخم المملوء بالدمى المستوردة من كل بقاع الدنيا.
كانت الدمية المعروضة في ذلك المتجر الصغير ذات شعر ذهبي ووجه دائري، وعينين الزرقاوين تشبهان كريتين تلمعان، وقوام ساحر عجيب، والأغرب من كل ذلك أنها تشبه سارة، تلك الطفلة الصغيرة التي تشبه الدمى حد التطابق، وكأن صانع تلك الدمية المعروضة في المتجر كان يقلد الطفلة سارة عندما فعل ذلك، ووصلت درجة التطابق إلى حد أنه لو وضعت تلك الدمية إلى جانب الطفلة سارة، لاحتار المشاهد أيهما الدمية وأيهما الطفلة.
لا يذكر أحد، من هو أول من وقعت عيناه على الدمية المعجزة المعروضة في المتجر، تلك الدمية التي اتفق الجميع ضمنيا على وجوب شرائها مهما كان ثمنها، ومن حسن الحظ أن والدة سارة وسامي كانت تمتلك الثمن الكافي لشراء دمية بمثل ذلك الثمن المرتفع، وبذلك أصبحت الدمية ملك الطفلة سارة التي ينظر إليها الجميع على أساس أنها دمية لا طفلة من لحم ودم، وعاد الجميع إلى البيت فرحين بذلك الفرد الجديد الذي انظم فجأة إلى الأسرة الصغيرة، تلك الدمية الجديدة التي سميت بشكل تلقائي سارة، وأصبحت للأسرة الصغيرة دميتان وسارتان في الوقت نفسه، وكان سامي يلعب بشقيقته سارة، دميته المفضلة وكانت سارة الطفلة الدمية تلعب بالدمية سارة، واستمرت تلك اللعبة المتعدية وقتا طويلا، وقد حرصت الأم على أن تزين ابنتها سارة بنفس الطريقة التي تتزين بها الدمية الصغيرة التي تسمى سارة هي الأخرى.. لون الملابس نفسه، نوع القماش نفسه، وحتى طريقة تسريحة الشعر متطابقة بشكل عجيب، واستمرت سارة بذلك الهندام إلى أن كانت نهاية تلك اللعبة، وقبل ذلك كانت الأم تفكر في طريقة تغيّر من خلالها طريقة تزيين ابنتها مع تغيير في ملابس وشكل الدمية حتى تظل متطابقة مع الطفلة، مع فارق واحد هو أن الطفلة كانت تكبر شيئا فشيئا وبمقابل ذلك ظلت الدمية سارة ثابتة على ذلك الحجم الذي لا يتغيّر.
وقبل نهاية اللعبة كان أفراد الأسرة يحرصون على إجلاس الدمية سارة بجانب دمية شقيقها سامي، فيحار المشاهد الأجنبي من هي الدمية الآدمية من الدمية المصنعية، ولو أن شكلهما بدأ يختلف قليلا ولا يعرف ذلك إلا أفراد الأسرة الصغيرة، وبدأ سامي يغرم بالدميتين معا وأحيانا يغار من الدمية الصغرى سارة، لأن الدمية الكبرى (سارة هي الأخرى) مغرمة بها، رغم أن سارة الكبرى هي دميته التي لم يشتريها بل أنجبتها له أمه، أما كيف انتهت تلك اللعبة التي بدأت بريئة وعجيبة، فقد قيل أن ذلك جرى بطريقة دموية بشعة، فقد كانت ساعتها الأم في الحمام المنزلي والأب غائبا، ولما عاد سامي إلى البيت وهو يبحث عن اللعبتين كالعادة، وجد أن شقيقته سارة لعبته الكبرى، كانت قد فككت بطريقة طفولية عنيفة، فيها رغبة داخلية دفينة في العنف دميتها سارة الصغرى، فلم يصدق سامي ما رأته عيناه، وكانت الدمية سارة الصغرى مقسومة بشكل لم يره من قبل، بل لم يخطر على باله.. فقد كان الرأس هنا بشعره الذهبي ووجهه الدائري وكانت الأطراف هناك، وبينما هو يتأمل المشهد بدهشة كانت شقيقته سارة نائمة، ولم تلتفت لوجود شقيقها.
ساعتها خطرت على بال سامي فكرة بشكل تلقائي، فذهب بدون تردد إلى المطبخ وجاء بسكين كبير اعتاد على رؤيته هناك، ثم أخذ يقطع أجزاء شقيقته النائمة، ففصل الرأس عن الجسد وهم بفصل الذراعين، قبل أن تخرج الأم من الحمّام وتكتشف تلك الكارثة.. لم يكن سامي يريد قتل أخته بتلك الطريقة البشعة، لكنه أراد أن يفعل بها ما فعلته هي بدميتها سارة الصغيرة.. كان يفكر في أن ما فعل بالسكين مجرد لعبة، كان يعتقد بأنه يلعب مع شقيقته مثلما لعبت بدميتها، وما غاب عن سامي أن ما فعله بذلك السكين الكبير الذي أتى به من المطبخ كان نهاية اللعبة.

ndash; الجزائر
[email protected]