في الخليج تعاليم للتبشير، حجب، إعتقالات، ومعارضة
أحمد البشري وهديل عبدالرحمن من الرياض - محمد هادي من دبي: حينما انطلق التدوين كظاهرة عالمية لم يتوقع الكثيرون أن يحقق هذا النجاح، لا سيما في العالم العربي، حيث تسيطر المنتديات على اهتمام معظم مستخدمي الإنترنت العرب، إلا أن اشتهار التدوين في أميركا وأوروبا في بدايات الألفية؛ وحصول مدونة عراقية على المركز الأول في مسابقة ثقافية بريطانية، عن مدونتها Where is Raid? التي تتناول يوميات عراقية في الحرب، ثم إخراجها في كتاب؛ كانا لهما التأثير الأكبر في تحول عدد ليس بالقليل من العرب إلى التدوين، ليكون عام ٢٠٠٦ هو عام الذروة للتدوين في العالم من خلال اختيار مجلة TIME للمدون كشخصية لذلك العام.
بدايات المدونين لم تكن تعدو أن تكون يوميات شخصية، وهموم خاصة يطرحها المدون، وبعض الصور التي يرفعها على صفحته، لا يطلع عليها في الغالب سوى أصدقائه، لضعف ثقافة التدوين آنذاك. عدد قليل من المدونين بدؤوا تجربتهم التدوينية في وقت مبكر نسبيًا، يعود إلى عام ٢٠٠٣، من خلال المساحات المجانية التي كانت توفرها بعض المواقع الأجنبية.
إيلاف تمسك القلم والمصباح، تكتب احيانًا عن حالة التدوين، وأحيانًا تضيء الطرق لمن سيكتب فيما بعد عن التدوين، تتماهى مع الأقطار العربية، لتصل الى الحقيقة، وإلى المبتغى.
التدوين السياسي.. يكسب الجولة
المستفيد الأكبر من التدوين هم ذوي الميول السياسية، فالمنتديات أصبحت مكانًا للغط والجدل، أو للحجب والحذف، بينما يرى المدونون السياسيون أن المدونات تمنحهم مكانًا مريحًا لطرح أفكرهم بوضوح، وبموضوعية، وأنهم يكسبون من الردود على مدوناتهم أفكارًا تعينهم على تطوير قدراتهم النقدية أكثر مما سيلقون لو أنهم يطرحون رؤاهم في المنتديات.
وهم أيضًا يرون أن التدوين ساعدهم في أن يكونوا أكثر مصداقية، لأنهم مسؤولون عمّا يكتبون مسؤولية مباشرة، وأفكارهم تمثلهم وحدهم، ولا تضيع في زحمة المشاركات والردود، أو في النسيان..
هكذا بدأت حكاية التدوين التي لم يصنعها أحدها، وصنعها الجميع، مكونة فصلاً أولاً لفصول لاحقة، لم يكن أحداً يتنبأ بها: حضور إعلامي مميز، اهتمام رسمي وشعبي. لكن حلاوة العنب لا تمنع الشوك... فكانت هناك اعتقالات وإيقافات، تنسج الظهر الخلفي من الحكاية، فاعتقلت السلطات السعودية المدون السعودي quot;سرجون مطرquot;، قبل أن تفرج عنه في وقت لاحق، فضلاً عن حجب العديد من المدونات السعودية، مثل مدونة حواء، ولآخر الاجراءات التي اتخذتها كان اعتقال المدون فؤاد الفرحان والذي لا يزال قيد الإعتقال.
إلى أين تمضي عربة التدوين ؟
لم يعد التدوين محصورًا بالتدوين النصي، ظهر التدوين الصوتي، التدوين الصوري، والمتحرك آخذ بالصعود، كل هذه مؤشرات على أن التدوين لن يتوقف حالياً على الأقل، وإذا أخذنا بالحسبان أن هذا العام شهد دخول أكبر نسبة من المدونين قياسًا بالأعوام السابقة، لأسباب مختلفة، يعزوها بعضهم إلى تردد أسماء عدد من المدونين في وسائل الإعلام بشكل متكرر؛ فإن هذا يدل على أن الظاهرة ستستمر لوقت ليس بالقصير
السعودية بالإنكليزي، ثم الفتيات يدونون..
بدأ التدوين بمسماه الفعلي، والمعروف بـ Blogging في ٢٠٠٤، من خلال بعض المطلعين على المواقع الأميركية والإنكليزية، ربما استهوتهم التجربة؛ فقرروا محاكاتها، وهكذا ظهرت أول المدونات السعودية، باللغة الإنجليزية. معظم المدونين آنذاك، اتخذوا من موقع Blogger التابع لـ Google محطة انطلاق لهم، إذ كان أشهر موقع يوفر هذه الخدمة، وأكثرها احترافية.
لم يطل الوقت بالمواقع العربية، قبل أن تستحدث هي الأخرى خدمات التدوين، وتوفير المساحات للمستخدمين، فاتحة بذلك باباً واسعاً لعدد كبير من السعوديين، ومعلنة عام ٢٠٠٥، عامًا عربيًا للتدوين!
مكتوب وجيران وأكتب، والعديد من المواقع العربية أصبحت تستضيف عددًا لا يحصى من المدونات السعودية، تعتمد على خصائص وأوامر في برمجتها ساعدت في تكوين مجتمعات تدوينية مصغرة، تحمل طابع البلد الذي ينتمي إليه أصحابها.
بعد فترة من التدوين، أفرزت هذه الظاهرة ظاهرة أخرى، وهي تملك النطاق، وهو أمر كان محدودًا في السابق، ويكاد أن يكون حكرًا على المشاهير والمعروفين. حاليًا تملك نسبة عظمى من المدونين مواقعها الخاصة، دون اللجوء لتلك المجانية، ذات الصلاحيات المحدودة، مبررين ذلك بعدم ثقتهم بالمواقع المجانية، أو تضايقهم من كثافة الدعايات، وبعضهم لم يخف بأنها (أوجه وأرز)!.
أصوات أنثوية تعلو..
قد تعد المدونات أكثر الاختراعات الإلكترونية أهمية، ليس حسب رأي المتابعين وحسب، بل حتى بالنسبة إلى الفتيات، فالمدونات كانت لكثير منهن متنفسًا، ومكانًا ملائمًا جدًا لـ (الفضفضة) وأحاديث النفس. بعضهن جعلت مدونتها خاصة لا يمكن الدخول إليها إلا برمز سري، وأخرى تضع رمزًا على تدوينة محددة، غير مانحة صلاحية قراءتها إلا لمن يملك كلمة المرور. بعضهن تركنها عامة للجميع، متكتمات على أسمائهن الحقيقية، وقليل منهن اللواتي كتبن بأسمائهن الصريحة، وإن كن يبدين بعض الندم حيال ذلك.
لم يعد من الممكن الآن السيطرة على العدد المتزايد يوميًا من المدونات السعودية، أصبحت أكثر من أن تحصى، واهتماماتها شتى. والتنوع فيها مستحيل الحصر.
النصيب الأكبر منها يميل للشخصي، الذي لا ينفصل عن هموم الشارع والمجتمع، وتلك تملك الحصة الأكبر أيضًا من الاهتمام، التقني لا يغيب، ويميل أصحاب المدونات التقنية إلى تخصيصها وقصرها على هذا الجانب، المطبخ له نصيبه، والتربية أيضًا، المدونات الفنية تحظي باهتمام لا بأس به كذلك، أما المدونات الدينية، والأدبية، فما زالتا الموضوع المفضل لأعضاء المنتديات أكثر من المدونين.
حينما تسأل مدونًا سعوديًا عن سبب تدوينه، لا يمكنك توقع نتيجة محددة، الكل يدون، والكل لديه أهدافه، إلا أنه يمكنك أن تستشف رغبة الجميع في أن يملكوا حريتهم عند الحديث، وهذا الأمر ليس بالمتاح إلا عن طريق المدونات. بعضهم استهوته التجربة التي خاضها من باب تزجية الوقت، حتى تحولت لفعل جاد، يتحمل تجاهه مسؤولية، فلم يعد يذكر متى بدأ، وكيف صار إلى هذا (الإدمان) كما يذكر أحدهم.
اتجاهات وحملات...
على الرغم من عدم وجود اتحاد للمدونين السعوديين، بعد فشل عدد من المحاولات، إلا أن ثمة ما يربط بين مدوني السعودية، فليس من المستغرب أن تجد المدون الشرقاوي، يعلق لدى ذلك الساكن في جدة، أو مدونة من الرياض، وضعت رابطًا لمدونة جنوبية، هذه الشبكة غير واضحة المعالم، ولا محددة الاتجاهات؛ كانت أكبر عون في انتشار عدد من الحملات الإلكترونية، بعضها يتعلق بالجانب الاقتصادي والمعيشي، وأخرى ذات طابع اجتماعي، وثالثة تدعو للثقافة والقراءة، وبعضها هزلي، وجزء منها جاد يتعلق بشأن ديني أو سياسي؛ كل هذه الحملات تبدأ بفكرة مدون أو عدد من المدونين، فيضعون لها شعارًا يأخذ بعدها بالانتشار حسب الاهتمام الذي تمثله للآخرين.
الإمارات وفضل التدوين العربي
يمكن نسب فضل التدوين العربي إلى المدونين الإمارتيين، حيث عملوا منذ البدء على تطوير التقنيات التدوينية، وقام المدون (سردال) بترجمة النسخة الأنجليزية من البرنامج الأشهر ( ورد بريس)، وجعله متاحًا للمستخدم العربي، ثم قام بعد ذلك بإنشاء سلاسل تعليمية من اجل نشر هذه الثفاقة الجديدة.
كانت سنوات الإمارات حافلة بالتدوين التقني، وساعد إنتشار مدونات التقنية التوجه السائد للشباب الإمارات في ظل وجود شركات التنقية الكبرى، العديد من هذه المدونات كان تعليميًا وبعضها الآخر جاء تنويريًا في محاولة لنشر الثقافة الإلكترونية.
الأحداث السياسية لم تكن حاضرة، ربما الاستقرار السياسي هو من قاد هذه التوجه في الدولة الخليجية الصغيرة، هذه الأصوات التي ظلت متوارية لفترة من الزمن، ظهرت على السطح مع قضية الشاب الفرنسي المغتصب من قبل بعض الشبان الإماراتيين، الأصوات طالبت الحكومة الإماراتية بإعادة النظر في النظام القضائي، وبالعديد من التشريعات التي أظهرت المحاكمة وخط سير القضية ضعفها، حسب رأي المدونين الإماراتيين.
الإمارات التي يوجد فيها عدد كبير من المدونين بحكم طبيعة المجتمع المنفتح ويُسر الارتباط بالانترنت، لم يسبق أن تمّ اعتقال مدونين، وحتى مدير موقع quot;مجانquot; محمد راشد الشحي، الذي قضت محكمة بسجنه 17 شهرًا، بسبب تعليق تمّ اعتباره quot;تشهيريًا،quot; إذ عادت الحكومة لتقرر إلغاء العقوبة المفروضة عليه.
هناك بعض المساهمات النسائية والتي يدونها طالبات الجامعة في الإمارات السبع، وهي غالبًا ما تتناول قضايا تقنية، وتتحدث عن تصميم الجرافيك والتصوير.
الكويت تكتب مجالس الأمة ..
مدونات الكويتيين بالغالب مدونات شخصية تعبر عن شخصياتهم ومنظورهم للحياة الكويتية وما حولهم من أحداث، ويحاكي الواقع بأسلوب بسيط وشبابي.
التدوين الكويتي مليء بالقضايا السياسية، فقد سيطر مجلس الأمة على أغلب القضايا المطروحة، ففي كل مرة يتم طرح التساؤلات حول مدى جدوى المجلس الحالي، ثم يتحور السؤال بعد حل المجلس، إلى هل تؤيد هذه الخطوة، وتعود حكايات الإنتخابات تظهر من جديد على سطح المدونات.
لذلك المدونات الكويتية نشيطة سياسيًا، وأنشط إجتماعيًا تتناول قضايا المجتمع الصغير، تغلب عليه القضايا المذهبية، وفي الأعوام الأخيرة تعالت أصوات المطالبين بالحريات الشخصية، والحريات الإعلامية، فظهرت مدونة تشرح المادة 36 في الدستور الكويتي، التي تتناول حرية الرأي والبحث العلمي، وبأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقًا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.
المدونات الكويتية، وجدتُ تفاعلاً كبيرًا من قِبل معظم المدونين الكويتيين مع الوضع الحالي لبلادهم والمتكرر، كما أن وسائل الإعلام أبرزت الدور القوي الذي يقوم به شباب وشابات الكويت، يقومون بالتنسيق فيما بينهم من خلال المدونات، أبرزها مدونة: ساحة الصفاة، وهي مدونة يقوم بتحريرها عدد من الشباب الكويتيين، وتلقى رواجا كبيرا بين مرتادي الإنترنت.
ساحة الصفاة تبذل جهدًا هائلاً هذه الأيام، من أجل محاربة المرشحين (الفاسدين)، وتقوم بالتشهير بهم، كما أنها تركز بشكل كبير على (شارين الذمم). لا تكتفي المدونة بذلك فقط، بل تحاول جمع كافة الأدلة (صور، فيديو) لإثبات الجرم عليهم.
كل ذلك كان له الأثر الكبير على توجهات الكثير من الشعب الكويتي، الذي تعوّد على (شراء الأصوات)، وربما لم يكن شيئا غريبا عنهم فيما مضى من جولات الانتخابات. لكنه الآن يحتل المرتبة الأولى في أولوياته، ويسعى إلى تطهير انتخاباته من كافة مظاهر الفساد، أولها تقليص العدد الكبير من الدوائر، الذي يساعد بشكل مباشر على تفشي هذه الظاهرة.
وسبق أن اعتقلت السلطات الكويتية العام الماضي، الصحافي والمدوّن بشار الصايغ، وأطلقت سراحه بعد مرور ثلاثة أيام على استجوابه والتحقيق في تهمة quot;إهانة شخص أمير الكويت بعد أن تولى الحكم،quot; حيث قام متصفّح إنترنت مجهول الهوية بنشر مقال انتقد فيه أمير البلاد، على مدونة http://www.aljarida.com.
البحرين صخب، ومعارضة
يمكن حصر النشاط التدويني في البحرين مؤخرًا بقضايا التجنيس المذهبي التي تتبناها الحكومة، وما كادت قضية المدون محمود اليوسف أن تنتهي بمصالحة حكومية في الساعات الأخيرة قبل المحكمة، حتى ارتفعت أسهم التدوين في الجزيرة الخليجية الوحيدة، وصار أرشيف المدونات البحرينية بالعشرات، بعد أن كان عدد المدونات البحرينية لا يذكر.
في المرة الثانية حجبت السلطات الرسمية الموقع الإلكتروني لمدونته إثر نشره تقريرًا يختص بـ laquo;التقرير المثيرraquo;، وأنتهى السيناريو الثاني بذات الطريقة بعد أن تم الصلح قبل المحاكمة بساعات.
الشباب البحريني اليوم وغدًا لهو مهووس أكثر بالتدوين، بعيدًا عن صيغته الإحترافية، وقريبًا من العمل المذكراتي الخاص، هناك محاولات للتطرق للجوانب السياسية، بوجهات نظر محايدة. الذي هو واضح لدينا حتى الآن أن مدونات عدة باتت تمثل مصدرًا معلوماتيًا مركزيًا، وبعضهم الآخر أصبح مجمل الحوارات والإضافات فيه محط جدل واسع.
حين منعت السلطات القضائية في البحرين النشر في قضية laquo;التقرير المثيرraquo;، كان للمدونات أن تفعل فعلتها، وأن تتصدر إلى جانب المنتديات الإلكترونية. الذي كان واضحًا هو أن اتجاهات تميل نحو خطاب laquo;المعارضةraquo; كانت تحكم سيطرتها على الحقل المدوناتي في البحرين.
المعارضة البحرينية إتخذت من المدونات منابر لهم، والأمور وصلت إلى حد اعتبار النسبة الأكبر من المدونات في البحرين مدونات معارضة، وفي الكثير من الأحيان تحولت إلى منابر نقد للوضع الداخلي.
قطر تتكلم السياسة والرياضة
المراقب للتدوين القطري يلاحظ ارتباطه الوثيق بقناة الجزيرة، التي تلقي بظلالها على التدوين القطري، فغالبًا ما يكون المدونون هم بالأصل أعضاء في منتديات الجزيرة توك، يتابعون القضايا السياسية بشغف كببير، ويحللون الأوضاع الخارجية، ويتابعون القضايا الداخلية.
المدونون القطريون هم أيضًا تقنيون، يتناولون القضايا التقنية، ومهتمين بمواقع الجيل الثاني ( WEB 2) و على الرغم من ان قطر حققت انتشارًا كبيرًا في مجال الانترنت، إلا أن ظاهرة التدوين بقيت اضعف مما هي عليه في بعض الدول الخليجية المجاورة، لكنه ظهر في ذلك الوقت ما يسمى quot;المواطن الصحفيquot;، الذي اصبح ينقل القضايا بين جنبات الإنترنت الكبير، وهو ما أتاح للقطريين الفرصة للإلتفات إلى هذا الجانب الجديد من العالم.
الكنيسة القطرية هي أكثر المواضيع التي ناقشها الشباب القطريين عبر مدوناتهم، الكثير من الآراء احدثتها النقاشات، والعديد من وجهات النظر خرجت من هذه الصفحات إلى أعمدة الصحف اليومية القطرية، هناك ايضًا الإهتمامات الرياضية والقضايا المتعلقة بتجنيس اللاعبين الأجانب، ومدى جدوى هذه الظاهرة الجديدة في الوسط القطري الصغير، والوسط الخليجي الكبير.
اهتمام المدونين بالواقع الذي يعيشونه وتناولهم للكثير من القضايا السياسية او الاجتماعية او الخدماتية وتركيزهم على المسائل الشخصية فانه يمكن القول إن المدونات القطرية وصلت الى حد تشكيل ظاهرة اعلامية
لا يوجد laquo;بلوغرزraquo; في عُمان
لا يزال أغلب العمانيون يفضلون غرف المحادثة على صفاحات التدوين، الشباب هناك يتساءل كيف تضع خصوصيتك وتكشفها على شبكة عالمية، في وقت تسعى فيه لتحمي هذه الخصوصية من سلطات الرقابة الرسمية المتعددة، ربما كان هذا السبب في عدم انصياع العمانيون لموضة التدوين.
مجتمع التدوين في الخليج، يبشر بتعاليمه..
معظم المدونين الأوائل سئموا من المنتديات، لم تعد تقدم لهم الجديد، وأصبحت تكرر نفسها كثيرًا. آخرون رؤوا أن سقف الحرية أخذ بالانخفاض، وأصبح تبعًا لهوى صاحب الموقع، أو المشرف عليه، يحجب ما يحجب، ويعدل ما يخالفه، ويوافق حسب قرابة الكاتب منه. يقول أحدهم: rdquo;لذا كان الاتجاه للتدوين اتجاهًا إجباريًاldquo;!
عدد من المدونين يضعون استفتاءات في مدوناتهم، تحمل مواضيع شتى، إلا أن من اللافت تكرر سؤال يحمل مغزى (هل لديك مدونة؟ وأن كانت الإجابة بـ لا، فهل تنوي افتتاح واحدة؟)، هذا السؤال، ليس حكرًا على الاستفتاءات، بل إن عددًا كبيرًا من المدونين يدعوون صراحة إلى نشر ثقافة التدوين بين مستخدمي الأنترنت، حتى قال أحدهم أرجو أن يأتي اليوم الذي يكون لكل مستخدم إنترنت بريد إلكتروني ومدونة!
هذا (التبشير) الذي يحمل المدونون هم تبليغه ونشره، يعزونه إلى أسباب ومبررات مختلفة، أهمها رغبتهم في حرية التعبير، وتنويع مصادر المعلومات، وحتى مجرد الارتقاء بالحس الصحافي واللغوي الذي يميز المدون عن كتاب المنتديات.
من الضابط، وأين الضوابط؟
السؤال الذي يردده أكثر العامة عن المدونين، والتدوين: هل هناك ضوابط للتدوين؟ ويجد كثير من المدونين أنفسهم في موقف المدافع عن التدوين، وأنه متهم حتى تثبت براءته، خصوصًا بعد عدد من الاعتقالات، والحجب، والمنع في بلدان عربية شتى.. يرد أحد المدونين: لسنا بحاجة إلى ضوابط توضع لنا، إننا ندون منذ زمن طويل، ولم نحتج إلى لائحة تخبرنا بنودها ما الذي علينا الالتزام به، وما علينا تجنبه، لقد صنعنا ضوابطنا باتفاق مع ضمائرنا وأعتقد أننا نجحنا في ذلك!
آخر يقول: ما تحمله المنتديات أشد هولاً مما ندونه، نحن ملتزمون أمام أنفسنا لأننا غالبًا ما نكتب بأسماء صريحة، ويسهل تتبعنا في حال مخالفتنا، أما أعضاء المنتديات فإنهم يختفون بطرق تقنية عديدة، تصعب من مهمة ملاحقتهم.
أين الصحافة والنشر؟
رغم اكتساح التدوين لكثير من صفحات الصحافة التقليدية، و انتقل إلى مرحلة النشر الورقي في العديد من البلدان؛ فإن التدوين لم يحظ بالاهتمام الصحفي والإعلامي الذي لقيته الظاهرة في أماكن وبلدان أخرى، ويكاد أن يكون مجهولاً أو (متجاهلاً) إلا من قليل من التغطيات الضعيفة، والبرامج غير المتخصصة، أو التي لا يعرف المعد ما هي حقيقة التدوين، ولا آليته.
يشكل التدوين الآن مصطلحًا جديدًا اسمه (الإعلام الجديد)، يبشر بظهور صحافة جديدة، لا تعتمد على الجهات الرسمية، ولا على أجندات ذوي الأرصدة المالية الكبيرة. الآن تعتبر المدونات أهم اختراع إلكتروني بعد البريد الإلكتروني في نظر بعض الباحثين، الذين يجدون أنها استطاعت التأثير والتغيير، بشكل لا مثيل ولا سابق له، فحتى متى سيصمد؟ وهل سيحمل لنا المستقبل ما يجعل التدوين حكاية تاريخية، وأثرًا بعد عين؟
التعليقات