كامل الشيرازي من الجزائر - إسماعيل دبارة من تونس - محمد سعيدأحجيوج من المغرب: الحالة في المغرب العربي ليست أهدأ من شرقها تحديدًا في الخليج، فقد حظي بالبداية نفسها إن لم يكن الأسبق، بالعودة إلى تاريخ التدوين العربي تحديدًا في عام 2004 وهي سنة دخول المدونات للعالم العربي، بما في ذلك المغرب. في تلك السنة، وبالضبط في النصف الثاني منها، كان عدد المدونات في دول المغرب العربي قليل جدًا، إن لم نقل إنها كانت نادرة الوجود. بعضها كان لأبناء تلك الدول الذين يقيمون خارجها، ولم تكن من بينها أي مدونة باللغة العربية،كانت الفرنسية اللغة الأكثر إنتشارًا في ذلك الوقت، مع ظهور بعض المدونات باللغة الانكليزية. ثم عادت مدونات اللغة العربية في الظهور بشكل متعثر في النصف الأول من العام 2005، ثم بعد أشهر قليلة بدأت مدونات أخرى في الظهور.
إيلاف تواصل تسليط الضوء على مسيرة التدوين العربي، هذه المرة في المغرب العربي الكبير، وتحاول تقريب الحقائق، بعد السنوات الثلاث التي عاشها التدوين العربي، ونبحث عمّا يمكن أن يكون منجزًا عربيًا. والبحث في المدونات العربية عن التاريخ الحديث.

الجزائر... مكاسب ضئيلة في رحلة الألف ميل
على الرغم من حداثة تجاربهم، إلاّ أنّ جمهور المدونين في الجزائر كرّسوا تموقعهم كطلائع الفكر الشبابي الجديد في البلاد، وفي ظلّ التضييق الذي يطبع الحريات والعمل الصحافي هناك، تعزّز ولع الجزائريين بثورة المدونات، وصارت الأخيرة المتنفس والملاذ بالنسبة إلى الشباب الجزائري التوّاق للتعبير عن نفسه، ما جعل الظاهرة تتنامى وتدفع شرائح عديدة من المجتمع الجزائري للتفاعل مع ما بات يُعرف محليًا بـ quot;منابر الفكر الحرّquot; أو quot;الإعلام الشبابي البديلquot;، كما بدأت هذه المدونات تؤدي دورًا في كسر التابوهات السائدة هناك.
9 آلاف مدوّن... والعدد إلى ارتفاع
تفيد بيانات حديثة في الجزائر، إنّ الأعوام الخمس الأخيرة شهدت ظهور ما يربو عن تسعة آلاف مدوّن جزائري، زار مدوناتهم نحو خمسة ملايين شخص، ويتوقع مراقبون لشأن المدونات في الجزائر، أكثر انتعاش وحركية للمدونين، سيما مع اتساع عدد الجزائريين المالكين لخدمة الإنترنت بمنازلهم.
ويظهر الرقم الاهتمام الذي صار يوليه الجزائريون لهذه الطريقة المبتكرة كتقنية اتصالية، ما جعل المدونون يتحولون إلى قوة اجتماعية ضاغطة، برز دورها في مختلف المحطات السياسية والانتخابية التي شهدتها الجزائر خلال الفترة الأخيرة، حيث شكل هؤلاء أدوارًا عدّة غطت على ما قامت به قوى سياسية.
في الحقيقة لا يوجد موضوع لا يتطرق إليه الجزائريون عبر مدوناتهم الالكترونية، علمًا أنّ كثيرًا من المدونات تهتم بالمسكوت عنه في الجزائر، فحمى السياسة تظل مسيطرة على مدونات الجزائر، حيث وجد فيها بعضهم فرصة للتنفيس عن مكبوتاته تجاه النظام القائم، في حين اختار ساسة ورؤساء جمعيات، التسويق لطروحاتهم، كما هي حال مدونة quot;بلاديquot; المخصصة بنسبة 99 في المئة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى أخرى متصلة بنشاطات جمعيات خيرية وأخرى طلابية وحتى دينية مثل quot;يا رب'' التي تسرد أقاصيص عن مؤمنين صبروا وواجهوا الرزايا والمحن والموت بكل شجاعة وعزة نفس''.
هذا ما قدموه منذ البدء
هناك من مدوني الجزائر من اختار التمرد وتحطيم التابوهات شعارًا له، فهناك من لا يتردد في الكشف عن أسراره الشخصية، أو الإسهاب في وصف سهرات المجون والخلاعة، فيما لم تتحرج مراهقة، في وصف علاقتها مع والديها، وأشقائها وزملائها بنوع من التجرد والاندفاع.
اللافت للانتباه في عالم المدونات في نسخته الجزائرية، هو الضربة الموجعة الموجهة لعدد من الأعراف والتقاليد، كما لا يتردد الكثير من الحديث عن حياتهم الشخصية، التي كانت في ماضٍ ليس ببعيد عن أكبر الطابوهات، حيث يتحدث أحد أصحاب المدونات بشغفه للسهرات الليلية برفقة أصدقائه.
ويرى متابعون أنّه وسط العدد الكبير جدًا للمدونين الجزائريين، إلاّ أنّ ما يقدمونه متفاوت ويختلف من حيث القيمة، فضلاً عن صعوبة فرز المدونات المميزة عن المدونات التي هي أقرب إلى فقاعات صابون يلهو بها بعض الأطفال، وتؤدي دورًا موقتًا.
قوة التغيير الهادئ
يصرّ العديد منالمدونين الجزائريين الذين استجوبتهم quot;إيلافquot; على أنّ رهانهم الأساس كان ولا يزال حمل مواطنيهم على التفاعل مع مدوناتهم، وهو ما تحقق بشكل ما، بحسبهم، استنادًا إلى ما صار عالم المدونات في الجزائر يحفل به من تضاعف الزوار المتصفحين لمضامينها.
المدونون يتباهون بأنّ من اعتنقوا فن التدوين، على حد تعبيرهم، اصبحوا quot;قوة ضغط إعلاميةquot; لها مفعولها في تشكيل خطية الرأي العام، ويستشهد بما يفعله المدونون حاليًا بشأن النقاشات حول مراجعة الدستور الجزائري، وكذا الدور الذي لعبه المدونون في المواعيد الانتخابية الأخيرة في الجزائر، حيث لعبوا أدوارًا عدّة غطت على ما قام السياسيون وقوى المجتمع المدني والصحف المحلية، مع الإشارة إلىأنّ التدوين في الجزائر، لم يستهوِ لا الطبقة السياسية أو الطبقة المثقفة، فعدا حالات نادرة، ليس هناك من مدونات لرجال سياسة أو شعراء وروائيين بارزين، وهو ما يشكل مفارقة غريبة هناك.
لكنّ هذه المعارضة التدوينية المبتكرة باتت مهددة بالتضييق، فعلى منوال الصحافيين، لم ينج جمهور المدونين من المطاردات التي يقودها بعض المسؤولين لتجريم كل من يبدي رأيًا، وعبثًا يحاول المدونون إقناع دوائر القرار بأنّ النقد هو جزء من مسار بناء حرية التعبير في البلاد، إلاّ أنّهم يجدون أنفسهم عرضة للمضايقات، ويقول أحدهم لـquot;إيلافquot;:quot;عندنا بعض المسؤولين يرون في العدالة الوسيلة التي يضغطون بها من أجل الترهيبquot;.
ويعدّ المدون الجزائري quot;عبدالسلام باروديquot; (38 عامًا) صاحب مدونة quot;تلمسان ليست للبيعquot;، أول مدوّن تمت محاكمته في الجزائر، حيث وجّهت له محكمة محافظة تلمسان (800 كلم غرب العاصمة) يوم 17 سبتمبر/أيلول 2007، تهمة القذف إثر رفع أحد المسؤولين المحليين دعوى قضائية ضدّه واتهمه بالقذف، على خلفية موضوع quot; السيستاني يظهر بتلمسانquot; المنشور في شهر فبراير/شباط من السنة ذاتها.
وإذا كان المدوّنون في الجزائر يمثّلون ظاهريًا جزءًا من الأسرة الإعلامية، فإنّ الواقع يظهر أنّ هؤلاء ليسوا محميين ولا يتمتعون بأي إطار قانوني، عدا ما يوفّره اتحاد المدونين العرب كمظلة شكلية.
كرة القدم تلقي بظلالها على المدونات
تتركز أحاديث كثير من المدونين في الجزائر على اللعبة الأكثر شعبية عالميًا quot;كرة القدمquot;، فمنهم من يختار الخوض في الجانب المحزن للعبة، حيث يسرد واقعة مباراة كروية شهدت مقتل أحد المشجعين، وتعرّض آخر للإهانة لأنّه حمل علم الفريق الخصم، وهو ما لم يستحسنه فريق من الشوفنيين، فكانت المأساة.
وإن كان ثمة مدونات لا يتم تحيينها وتزويدها من قبل أصحابها بمختلف المقالات سواء شخصية أم مقالات الصحف، فإنّ آخرين يلجأون إلى فتح النقاش على مختلف مواضيع الساعة على غرار أزمة ارتفاع أسعار المواد الأكثر استهلاكًا، وحملة الدعاية للاقتراع المقبل في البلاد.

المغرب... المدونات تنضج أسرع من زهر التوت
جاء نضج المدونات المغربية سريعًا، فخلال أقل من عام إستطاع الكثير من المدونين المغاربة فرض تواجدهم على الساحة العربية، ودفعوا الصحافة المغربية للحديث عن المدونات وأهميتها المستقبلية.
البداية كانت في الأسبوع الأول من أبريل 2006، حين نشر رشيد جنكاري المدون والصحافي العامل آنذاك في البوابة الإخبارية التابعة لشركة إتصالات المغرب، مقالاً يوضح فيه فساد أحد المسؤولين الحكوميين ونشر فاتورة توضح التبذير الحاصل. مدير رشيد تحرك بسرعة وهدد هذا الأخير بالطرد إن لم يسحب ما نشره في مدونته. اضطر رشيد لحذف مقاله، لكن الموضوع كان قد وصل لباقي المدونين الذي تحركوا كما يجب لدعم رشيد، فقام بعضهم بإعادة نشر الموضوع نفسه. وصل الأمر للصحافة فتمت إقالة ذاك المسؤول، وسجلت المدونات المغربية نصرها الأول.. والأخير!
كانت تلك بداية الإلتفات الجاد من الصحافة للمدونين، فبدأت بعض المقالات في الظهور وحوارات مع المدونين، مما ساهم في التعريف أكثر وأكثر بالتدوين وسط الشباب المغربي وبدأت المدونات الجديدة في الظهور. هذا الإهتمام والحماس توجا في شهر أكتوبر الموالي بتأهل مدونتين مغربيتين للمسابقة العالمية للمدونات التي تنظمها المؤسسة الإعلامية الألمانية دويتشه فيله. وهو تتويج دفع الصحافة إلى مزيد من الإهتمام بالمدونات، ومن ثم بدأ المجتمع التدويني في التوسع أكثر وأكثر.
التأثير الغائب
النصر الذي حققه المدونون بفضل مدونة جنكاري كان هو التأثير الإيجابي الوحيد للمدونات المغربية. وعلى الرغم من التزايد الكبير والمتواصل لعدد المدونات خلال سنة 2007 (وصل آنذاك الرقم حسب بعض التوقعات إلى 30 ألف مدونة)، فإن المدونات لم تحقق التأثير الذي كان منتظرًا منها. فعلى عكس أميركا، إيران ومصر، التي عرفت تأثيرًا للمدونين خلال فترة الإنتخابات، مر الحدث المنتظر في المغرب (الإنتخابات البرلمانية، سبتمبر 2007) مرور الكرام.
لغياب هذا التأثير المنتظر أكثر من قراءة. لكن السبب الرئيس هو أن السياسة في المغرب نهر راكد لا يحركه شيء، وحتى الإنتخابات لم تعد تهم أحدًا، فهي لعبة أصبحت مكشوفة للمواطنين، لدرجة أن الإنتخابات المنصرمة عرفت نسبة مقاطعة مفجعة تتجاوز النصف بكثير. كما يؤدي التضييق على الحريات دوره في كبح جماح المدونين.
الفرنسية... العربية
قبل أزيد من سنة بقليل كان من الواضح أن اللغة الفرنسية هي المهيمنة على المدونات المغربية. لكن حاليًا بعد توفر خدمات تدوين مجانية بالعربية وبدأ الصحافة المغربية (المكتوبة بالعربية) في الحديث عن التدوين والمدونات بدأت اللغة العربية تفرض نفسها. هذا يبقى على المستوى العام، لكن من الصعب تحديد الأمر بدقة دون دراسة مسبقة، وللسبب نفسه من الصعب تحديد التوجه الموضوعاتي الغالب على كل إختيار لغوي، خاصة أن عدد المدونات حسب أقل التقديرات لا يقل عن ثلاثين ألفًا. عمومًا هذه المدونات تظهر وتختفي سريعًا، قليلة جدًا هي المدونات التي تفرض نفسها وتحصل على قراء دائمين، وعددها تقريبًا يتوزع بالتساوي بين العربية والفرنسية. العربية منها يطغى عليها الجانب السياسي والقومي، والفرنسية يطغى عليها الجانب الشخصي والإجتماعي وكذلك التقني.

الملاحظ هنا هو نوع من القطيعة بين من يدون بالعربية وبين من يدون بالفرنسية. المدونون بالفرنسية يغلب عليهم الطابع الإحترافي، لذلك نصبوا أنفسهم ndash; ربما ليس بإختيارهم- متحدثين رسميين بإسم التدوين المغربي. وصار لهم تجمعاتهم وإحتفالياتهم. على عكس المدونين بالعربية الذي أتوا معهم بسلبيات التجمعات الحزبية وصاروا يتصارعون حول تأسيس ورئاسة التجمعات والإتحادات، من جهة، ومن جهة أخرى التسابق نحو إطلاق الحملات التدوينية على شاكلة quot;حملة لدعم الأقصىquot;، quot;حملة لدعم غزةquot;... إلخ. فقط كلام دون أي فعل. مع ضرورة التنويه إلى وجود مدونين بالعربية سموا عن هذه التجمعات ونجحوا في إبراز مدوناتهم وتحقيق المصداقية والموثوقية لها.
المستقبل الغامض
بعد نضجها المبكر كان ينتظر من المدونات المغربية أن تكون مؤثرًا فعالاً على قرارات صناع القرار، بإعتبارها صوت رجل الشارع، لكن كما كان النضج مبكرًا جاءت الشيخوخة كذلك.
الآن هناك حالة من الركود والإستقرار يمر بها التدوين المغربي. لا شيء يظهر في الأفق يمكن أن يشي بشيء مختلف. في أميركا منذ البداية تمارس المدونات دورها بجانب الصحافة في التأسيس لأشكال إعلامية جديدة. في مصر، على الرغم من محدودية التأثير، إلا أن المدونين صار لهم صوتهم المسموع. وفي المغرب؟

يرى الدكتور يحيى اليحياوي، الخبير الإعلامي، أن المدونين المغاربة لا يحتكمون إلى مرجعية جماعية في الفعل السياسي حتى يكون بمقدورهم المساهمة في صنع القرار أو التأثير فيه. فكل واحد منهم يشتغل لوحده دون تنسيق مع الآخرين. يمكن للمدونين، يضيف اليحياوي، أن يكونوا فاعلا مجتمعيا إذا نحت مدوناتهم أكثر نحو الطابع العام السياسي والشأن العام للمواطنين بدلاً من القضايا ذات المنحنى الفردي. بل يمكن أن تصبح المدونات قوة ضغط (لوبي) إن كان للمدونين خلفيات حقوقية ومشاريع سياسية، خاصة أمام ضعف الأحزاب السياسية، تردي أحوال النقابات وإستلاب المثقفين.

يمكن للمدونين المغاربة، إذن، التأثير مستقبلاً، لكن الأمر لن يكون سهلاً. هناك أولاً شروط لا بد من أن تتحقق، من قبيل: دمقرطة المؤسسات، تيسير الوصول لمصادر الخبر، إصلاح القضاء، الرفع من هامش حرية التعبير، توسيع شبكة الربط بالإنترنت... إلخ. وإلا فإن التدوين سيبقى في حال ركود دائمة
مدوّنو تونس... شباب طامح ومتحرّر
يخطو المدونون الشبّان في تونس أولى خطواتهم في هذا الميدان الحديث والمتنفس الجديد الذي يمثل بالنسبة إليهم بوابة للعبور إلى العالم الخارجي وإيصال أصواتهم وآرائهم إلى نظرائهم في بلدان عربية وغربية.
داخليًا عالم التدوين يتخذ بعدًا آخر لم تعهده الرقابة السياسية والدينية من قبل ، فالحجب لم يمنع هؤلاء المدونين الشبّان من رجم الدين وركل الساسة والسياسة بلا رقيب ولا وصيّ.
وفي بلد يبلغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة غالبيته من الشباب اليافع من المفروض أن نجد فيه سوقًا رائجًا للتدوين والبلوجات. إلا أن الإحصائيات تشير إلى 1000 مدونة تونسية فحسب 75 في المئة من أصحابها من الشباب الذي يجيد استعمالات الانترنت المختلفة.
تعدد الأسباب .. والتدوين واحد
تختلف أسباب الإقبال على التدوين عبر النات من شاب إلى آخر في تونس ، فمن ضيق مساحات إبداء الرأي والتعبير إلى الرغبة في التطاول على quot;المحرّماتquot; مرورًا بالتشفي من الرقابة التي لطالما سيطرت وهيمنت .
منذ سنة تقريبًا، حجبت مدونة أحد الشباب، لتخصصها في الكتابات الجنسية ونشر الصور الخليعة وتطاوله على رموز مختلف الديانات السماوية يقول ابو لهب صاحب المدونة لإيلاف: لأن المجتمع يرفض الحديث في كل ما يتعلق بالجنس والدين بتعلة quot;حرام عليك quot; و quot;ستحشر في جهنمquot; و لأنني مقتنع بترّهات السلطويين و quot;الرّكع السّجود quot; فقد أردت أن أجعل من مدونتي الشخصية سلاحًا بسيطًا أحارب به استبدادهم ووصايتهم على عقول الشباب التائق إلى التحرر من أكاذيبهم وسخافاتهمquot;.
العديد من المدونين التونسيين يرى أن حرمانهم من حقوقهم في التعبير عن آرائهم بكل حرية في المنابر الشبابية و الصحافة الوطنية بسبب انتمائهم إلى حزب سياسي أو آخر او بسبب معارضتهم لسلوك أو تيار، اونشاطهم في إحدى المنظمات الحقوقية المعروفة هو ما جعلهم يبحثون عن طرق أخرى لا تخضع لرقابة السلطة، مثل الصحافة الإلكترونية او الكتابة في عالم التدوين، وانشاء صفحات تخصهم.
يوم التدوينة البيضاء
quot;يوم التدوينة البيضاء quot;مصطلح تونسي بامتياز ، أضحى يوحي مباشرة إلى التحركات الرمزية التي حاولت مجابهة الرقابة والحجب المتواصلين في تونس .
ففي يوم الاثنين 25 ديسمبر 2006 تمت دعوة المدونين إلى الاحتجاب لمدة 24 ساعة احتجاجًا على حجب عدد من المدونات التونسية الجريئة.
وقد لبت أغلب المدونات التونسية الدعوة، إضافة إلى عدد كبير من المدونات العربية والفرانكفونية التي تضامنت مع المدونين التونسيين الغاضبين .
ولمدة 24 ساعة قام المدونون المحتجّون بإدراج تدوينات فارغة لا تحوي أي مضامين. وقد حاولت الحملة التركيز على التناقض الذي يقوم عليه خطاب السلطة في تونس الذي عادة ما يركز على ضمان حرية الرأي والتعبير والجهود المتواصلة لتعزيز هذه القيم السامية وبين الواقع الذي يعتبره المدونون في تونس مخالفًا للخطاب الرسمي بشكل لافت. خصوصًاأن مدونين معروفين قد تعرضوا للمضايقات والسجن على غرار ما حصل مع الصحافي عبد الله زواري والمدون سليم بوخذير المعروف بجرأته والذي يقبع حاليًا في السجن .
ويتناولquot; بوخذيرquot; عادة في كتاباته مواضيع سياسية وتقارير عن أوضاع حقوق الإنسان في تونس إلا أن التهم التي وجهت له في محاكمته كانت بخصوص تطاوله على أعوان الأمن والاعتداء على الأخلاق الحميدة.
المدون quot;هاري بوترquot; انتقد بشدة يوم quot;التدوينة البيضاءquot; و اعتبرها ذات دوافع سياسية ويقف وراءها معارضون بارزون يحاولون تصفية حساباتهم مع الحكم على حساب تجربة التدوين التونسية الحديثة .
ويقول هاري بوتر الذي لا يكتب سوى في قضايا بسيطة تهم العلاقات الطلابية وحياته الشخصية والقليل من الرياضة لـquot;إيلافquot;: quot;الحجب تواصل بل تفاقم بعد هذا اليوم الملعون ، لم يركز أغلب المدونين في تونس على انتقاد الوضع السياسي والحقوقي في تونس؟ هم ليسوا موضوعيين في هذا المجال فتونس تحوي الكثير من الايجابيات التي يتغافل عدد كبير من المدونين عنها عمدًا .
انتصارات بالجملة
وفق عدد من المدونين تتحقق الانتصارات لما تعجز شرطة الانترنت على وضع اليد على الواقفين وراء المدونات التي تنشر بلا رقيب ولا حسيب مواضيع تندرج في خانة المحرمات. وعدد كبير من المدونين يعيش خارج تونس وينشر إدراجاته من هناك .عكس معز الجماعي من محافظة قابس الجنوبية الذي يعتبر نشر مقالاته الجريئة حول فضح انتهاكات حقوق الإنسان و مصادرة الحريات والتعريف بالمعاناة الاجتماعية للشعب التونسي جوهر الانتصار في معركة التدوين.
لم يترك المدونون التونسيون ndash;على قلة عددهم ndash; موضوعًا يهم مجتمعهم إلا وتطرقوا إليه ، فمن المواضيع الدينية والاجتماعية مثل ماهو الحال بالنسبة إلى مدونة quot;فتاة الإسلام quot;على موقع مكتوب العربي، إلى مدونة quot;غدوة نحرق لصاحبها Clandestino والمتخصصة في quot;الحرقة quot; وهو مصطلح شبابي تونسي يعني الهجرة غير المقنّنة إلى الغرب.