أرسل لي المهندس رشيد الرشيد من الإحساء يقول هل الموسيقى حرام أم حلال؟وهو يذكرني بقصة السؤال عن اللعاب في الصيام؟ هل إذا بلع الرجل لعابه يفطر؟ أو هو مثل سؤال هل يجوز للدم أن يصل للدماغ؟
والمسألة إذا دارت حول الفتوى دخلت في نفق من النقاش لانهاية له، وحاليا ما حكم على الموضوع هو الواقع والنتائج.
والدايلي في جردية الاقتصادية السعودية أحيانا يذكر عن بعض الكلمات أن نطقها كذا خطأ والأصح أن يقال كذا وكذا، ولكن اللغة كائن يتطور، وما يحكم على اللفظ تطور الواقع..
وابن حزم منذ أيام دول الطوائف ناقش المسألة مع كل الطوائف، وقال لايوجد نص واضح يمنع سماع الموسيقى، والمسالة شائكة مع المتعصبين، وسهلة مع الذين يفتحون آذانهم للحوار.
ومن بنى لنفسه خنادق فكرية أعلن الحرب، ومن راجع نفسه وكف النفس عن الهوى فقد اهتدى..
ولكن بيننا وبين مراجعة النفس مسافة كبيرة لايخترقها الضوء بكل سرعته لأنها عالم خارج النور والضوء.
وقال لي الأخ رشيد إن هناك من يدلل بالآية من قوله تعالى من سورة لقمان أن الموسيقى حرام وهي (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان:6)؟؟
ويعقب الرجل وهو ملتاع محتار أنه من الواضح إن الآية هنا تتحدث عن الكلام وليس اللحن (لهو الحديث)، والفرق واضح بين اللحن والحديث، ولكن لو فتحت لهم طريقا في السماء فسلكوه، ولو بنيت لهم سلما فصعدوه، ولو قطعت لهم الأرض وكلمهم الموتى وبعث لهم كل شيء قبلا لقالوا إن هذا لسحر مبين.
والقرآن يقول عن نفسه ولكن الكافرين بآيات الله يجحدون. وقال عن الإنسان أنه أكثر شيء جدلا.


وما يحكم على الأشياء في النهاية هي النتائج، فالكل يدعي ولكن مايصح في الأخير هو الصحيح، والبشر يجربون أشياء كثيرة ثم تستقر الصورة على أشياء بعينها، فقد جرب الجنس البشري مثلا كل أنواع العلاقات الجنسية، كما ذكر ذلك بيتر فارب في كتابه عن الجنس البشري، ولكن ماثبت نوعان من العلاقة أحادية رجل لأمرأة أو رجل لأكثر من امرأة، وتعلل مجلة (P.M) الألمانية ذلك بالبذور، أي أن الرجل لو تزوج مائة امرأة لربما خلف 100 من الأطفال، ولكن المرأة لو ناكحت ألفا ما أنجبت إلا غلاما وحيدا، وإذا أنجبت التوأم فيمكن أن يحصل مع رجل أو ألف رجل، لأن قذفة المني الواحدة من الرجل الواحد فيها 100 مليون حيوان منوي كل حيوان يمكن أن يتحد بالبويضة وينجب مخلوقا سويا، فلا علاقة للتوائم لابفرط العلاقة الجنسية ولا بكثرة عدد الرجال، ويمكن للمرأة الواحدة أن تحمل خمس توائم من رجل واحد من جماع واحد.. ولكن أكثر الناس لايعلمون..
وفي الفيزياء بقي ماكس بلانك مذءوما مدحورا من العلماء مع أنه جاء بفتح الفتوح في تدشين ميكانيكا الكم، ويقول جاك بيرج في كتابه عندما تغير العالم أنه لم يكن ليعترف بماكس بلانك حتى مات جيل معاصريه وناقديه في معظمهم، وهو الذي كان يراهن عليه رسول الرحمة أنه سيخرج من أصلاب القرشيين من يعبد الله وحده، وهو ماحصل لابن أشد الناس عداوة للإسلام عكرمة ابن أبي جهل، فتربته في أرض اليرموك حتى اليوم..
النتائج هي التي جعلت السعودية تدخل التلفزيون والتعليم و(التيل) التلغراف الذي كان يظن البعض أنه طريقة للجن للاتصال بالبشر، وقبل أربعين سنة كانت مكبرات الصوت بدعة، واليوم بلغت من الحدة وارتفاع طبقة الصوت أن تقيم الأموات من مقابرهم، والمرضى من عنابرهم، كله بدعوى التدين، فهل من أحد يتجرأ فيعترض على أمر الله، وما أحد باله من طاقة؟؟
إلى درجة أن المرء يقول ليت ذلك التيار هو الذي بقي، وبقينا نعتمد على الصوت الإنساني، ولكنه التطور بمره وحلوه.. ولتعلمن نبأه بعد حين..

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية