العمل من أجل التغيير في أوساط قد لاتتقبله

نزار جاف من بون: عندما تم إعتقال رئيس تحرير صحيفةquot;ميدياquot;الصادرة في أربيل مع رئيس معهد کوردستان للقضايا السياسية على خلفية نشر الصحيفة لإستطلاع للرأي أجرته بالتعاون مع المعهد المذکور على عدة شرائح من الجماهير في محافظات أربيل و السليمانية و دهوكquot;أيام کانت هنالك إدارتين کورديتينquot; و أظهرت نتائجها أن وزارة البلديات في أربيل کانت الافضل فيما کانت وزارة الداخلية الاسوأ، أما في السليمانية فقد کانت وزارة الداخلية الافضل و وزارة البلديات الاسوأ، يومها بدأ هذا الامر يثير انتباه الکثير من الاعلاميين الکورد و طفقوا يتطلعون لوجود هکذا مؤسسات حيوية بعيدا عن کل أشکال الميول السياسية.

العلاقة بين الشارع الشعبي و السلطة ليست جيدة!
مع أن هناك قصور و إلتباسات عديدة في الکثير من المشاريع و البرامج الطموحة التي تنجز في إقليم کوردستان العراق، لکن مما لاشك فيه ان إنشاء مؤسسات و مراکز تعني بإرساء و تدعيم البنى التحتية للمجتمع المدني و تقوية المرتکزات التي يستند عليها النظام الديمقراطي سوف يعزز في النتيجة موقف العديد من التيارات المتطلعة للتغيير أو التي تبغي إصلاحا في العديد من المفاصل بالنظام السياسي ـ الاداري القائم في الاقليم. و لکي نسلط المزيد من الاضواء على الفعاليات المرتبطة بإستطلاعات الرأي في إقليم کوردستان، إلتقت إيلاف بداية بالسيد هيمن ميراني المسؤول الاعلامي في معهد کوردستان للقضايا السياسية وجهت له بضعة أسئلة بخصوص عملهم.

ـ متى تأسس معهد کوردستان للقضايا السياسية و من أين إنبثقت فکرة تأسيسه؟
هيمن: في الحقيقة معهد کوردستان للقضايا السياسيةquot;KIPIquot; تأسس في 29/6/2005، وإن إستطلاع الرأي واحدة من تلك المهام المتشعبة التي يقوم بها و خلال عامين و نصف من عمر المعهد قام بإنجاز أکثر من 30 عملية إستطلاع للرأي، و لمعلوماتکم فإن هذا المعهد هو أول معهد مدني غير حکومي يقوم بإنجاز ذلك الکم من عمليات إستطلاع الرأي و يأخذ شهرة في هذا المجال. بخصوص فکرة التأسيس فهو کما جاء في بياننا(نقل رأي المواطنين الى السلطة و توسيع دائرة المشارکة السياسية في کوردستان) وهي عبارة عن قناة أخرى لنقل آراء الجماهير و مشارکتهم في صنع القرار السياسي، وبطبيعة الحال فإن تفعيل ذلك الامر من وجهة نظر معهد کوردستان عبارة عن إستطلاع الرأي.

ـ کيف هي علاقتکم بالسلطة، وهل لديکم مشاکل بهذا الخصوص؟
هيمن: علاقتنا في إطار العمل المشترک و إفهام السلطة من ضرورة الاستماع و إيلاء الاهتمام بمنظمات المجتمع المدني، عدا أن هدفنا هو إثبات أن الإستطلاع و لغة الارقام في هذا العصر هي الالية التي يجب على السلطة أن تمنحها الاهتمام اللازم، ومن هذه المنطلقات نتعامل مع السلطة و يکون إتصالنا معها وفق ذلك.

ـ هل منحت السلطة الکوردية أي إهتمام لعملکم؟
هيمن: في السنتين الماضيتين، نشهد تغييرا و إستماعا و تجاوبا من قبل السلطة مع إنه لم يکن بالضرورة في مستوى تطلعنا إلا أنه يتم تکليفنا و بصورة رسمية من قبل عدة مؤسسات حکومية متنفذة کي ننجز لها عمليات إستطلاع للرأي و نتعاون معهم في تحديد مطالب الناس و نواقصهم وإذا ماقمت بالاشارة الى نموذج من تلك الاعمال فإنني أشير الى مشروع الاستطلاع الذي أنجزناه لديوان رئاسة إقليم کوردستان و لمحافظة أربيل وقد تم إيلاء إهتمام کبير بنتائج الاستطلاع من قبل الجهتين اللتين أشرنا إليهما آنفا وقد تم إتخاذ خطوات عملية بناءا على ذلك.

ـ برأي معهدکم، کيف هي العلاقة بين الشارع الشعبي الکوردي و السلطة السياسية في کوردستان؟

هيمن: ليست في مستوى جيد و هناك إنقطاع، وهذا ينعکس بصورى سلبية على شعبنا و على تجربته السياسية. تقريب الجماهير من السلطة و إيصال رأي کل منهما الى الاخر، واحدة من تلک المهام الملقاة على عاتق المنظمات غير الحکومية في کوردستان و يجب أن يکون لها دور في هذا المضمار و إن معهد کوردستان يرى في ذلك الامر واحدة من أولويات المهام الملقاة على عاتقه.

ـ الى أي حد تحظى أعمالکم بالثقة من قبل الاوساط الدولية و هل لديکم علاقة مع أوساط دولية معينة؟
هيمن: ببالغ السرور لنا علاقات وثيقة مع عدة منظمات دولية ذات إعتبار مثل ABF، FPD، IRI، NDI و جمعية کولان السويدية و عدة أوساط أخرى من تلك التي تعمل في کوردستان و جلها تقوم بأعمال إستطلاع الآراء. أعمالنا المنجزة تحظى بثقة تلك المنظمات و نحن واحدة من تلك المنظمات التي يتم إستشارتها و يستدعى ممثل لنا في عند إنجاز مشاريع مهمة لهم و قد إستفدنا بدورنا في مجال إستطلاع الرأي من خبرتهم و تجاربهم.

ـ يقال أن هناك ثمة تأثير لحزب معين على معهدکم، ألا يؤثر ذلك على مصداقية الإستطلاعات التي تقومون بإنجازها؟
هيمن: ليس واضح من سياق سؤالک ذلک المصدر تحديدا، لکن کتأثير ليس هناك تأثير من أي جانب علينا، لکن کميول و إحاسيس فذلك شئ آخر و في کل الدنيا مسألة عادية أن يکون هناك لأي قناة أو مؤسسة ما ميول محددة، ولست أؤمن في أن ميولي لحزب محدد تؤثر على مصداقية عملي خصوصا إدا لم يتم توجيهي من قبل ذلك الحزب أو الجهة التي أنتمي إليها مثلا، معهد کوردستان لا يتم توجيهها من قبل أحد و يتم تحديد خطوط عملها من قبل هيئة إدارتها(المکونة من ستة أعضاء شباب) و مسار الاحداث. وعمليات إستطلاع الرأي التي ننجزها، تقوم بإنجازها لجان خاصة غالبيتها باحثين و خريجي جامعات و عند أخذ العينات يقومون بتنفيذ مهامهم بشکل حيادي و بروح يغلب عليها طابع البحث العلمي، وسواء کانت النتائج سلبية أم إيجابية فإننا نقوم بنشرها کما هي بدون أن ننظر الى آثارها السلبية بأي إتجاه و على من ستکون.

مشروع الادلاء بالرأي في کوردستان يتقدم ببطء الى الامام
وقد علمت إيلاف أن هناك مرکزا جديدا لإستطلاع الرأي قد تم تأسيسه ضمن مؤسسةquot;وشهzwnj;quot;الاعلامية في مدينة السليمانية و للوقوف على نشاطاتها إلتقينا بمدير مرکز کوردستان لإستطلاع الرأي و و حاورناه عبر الاسئلة أدناه.

ـ ماذا يعني تأسيس هکذا جهاز في إقليم کوردستان العراق؟
مجيد: منذ سنين خلت و کوردستان تشهد تغيرات سريعة و مظطردة في کل المجالات و تخطو بإتجاه المجتمع المدني و للأسف فإن ذلك التغيير کان بوتيرة أقل في مجال الصحافة و المعلومات. إستطلاع الآراء إبتکار إجتماعي مهم للمجتمعات المتقدمة و تعتبر مؤسسات إستطلاع الرأي بذات أهمية بالغة للمجتمع المدني، لکن هذا الإبتکار لم يتم في کوردستان إيلاءه الاهمية المطلوبة. و قبل هذا وعلى سبيل التجربة و لأغراض متباينة تمت عدة عمليات لإستطلاع الرأي في کوردستان من قبل بعض الاوساط الاعلامية في کوردستان. إلا ان الذين قاموا بالاشراف على تلك العمليات کانوا على الاکثر تحت تأثير رأيهم الخاص و آراء الذين کانوا يعدون العملية لهم کما ان خبرتهم في ذلك المجال کان قليلا و لذلك فإن نتائج محاولاتهم لم تکن موثوقة و لم توليها الاوساط المسؤولة أهمية تذکر.
لأن حکومة إقليم کوردستان و مؤسسات المجتمع المدني مازالت في بداية طريق التطور و التقدم، لذلك فإننا نجد أن مشروع الادلاء بالرأي قد تقدم ببطئ الى الامام و تعرض أثناء التفعيل لأخطاء و هفوات متعددة. تجارب البلدان المتقدمة أثبتت أن مشاريع إستطلاع الاراء أن تمت بصورة علمية، فإنه بإمکانها أن تساهم في مد يد العون للحکومة و کافة مؤسسات المجتمع وذلك لکي تأخذ ذلك بنظر الاعتبار في أي مشروع تغيير قد تقوم به على أم أن يساهم ذلك في تقليل حجم الاخطاء و الاضرار المحتملة عند التطبيق. ومن أجل ذلك نرغب أن نضع إحصاءات حقيقية و دقيقة أمام أصحاب القرار لکي تتم بموجبها متابعات دقيقة.

ـ ماهو هدف مؤسستکم و ماذا ترغب أن تقدم لإقليم کوردستان العراق؟
مجيد: هدفنا الرئيسي هو عرض موقف الرأي العام الکوردستاني بکل شرائحه و مکوناته فيما يتعلق بکل المشاکل و الازمات الموجودة بناءا على أرقام و إحصائيات دقيقة. وبعد ذلك نريد عن طريق إيصال المعلومات والتي هي ذات موقف الناس، أن نضع مراکز إتخاذ القرار عل بينة من الامر. وهناك نقطة هامة، وهي ان الحکومة في أغلب الحکومة قد تتخذ قرارات بدون علـم الجماهير، ونحن نبتغي أن نصير حلقة وصل ما بين الجماهير و مراکز القرار. کما اننا نريد من خلال عرض الاحتمالات و التوقعات بخصوص التغيرات و الاحداث في مجتمعنا أن نقدم خدمة مفيدة له في هذا المضمار. کما إننا نسعى خلق وعي ثقافي بأهمية مسألة إستطلاع الرأي داخل الاوساط الجماهيرية و حثهم للإشتراك في کل عملية إستطلاع للرأي من أجل صالحهم.

ـ عملکم هذا تضطلع به شرکات کبرى متخصصة في البلدان المتطورة، ماذا عن مستوى خبراتکم من هذه الناحية و هل تمتلکون الکوادر و الخبرة اللازمة من هذه الناحية؟

مجيد: هذا صحيح، لکن التقدم التکنلوجي في هذا المجال قدمت خدمات کبيرة و إختصرت المسافات و تجاوزت الحدود، نحن أيضا نقوم مثلهم بإستخدام نفس برامج الکومبيوتر ومن الناحية العملية فإننا نقوم بإستخدام نفس المبادئ و الاسس التي يتبعونها، ومن ناحية الخبرة، فإن هناك أناس يعملون معنا کانت لهم سابقا خبرة نظرية و عملية و، عدا ذلك فإننا نقوم بالاعتماد على أشخاص ذوي خبرة و مختصين قامت(مؤسسة وشة)بتوفيرهم لنا کمشاورين هدا بالاضافة الى ان هناك في برامجنا المستقبلية فتح عدة دورات تدريبية لتطوير قدرات کوادرنا.

ـ هل لکم ان تحدثوننا عن نماذج من الاعمال التي أنجزتموها؟
مجيد: بموجب البرنامج الذي وضعناه لأنفسنا، فإنه هناك شهريا إستطلاع واحد أو إستطلاعان نقوم بإنجازهما، عدا بعض الحالات الطارئة التي تستوجب أن نقوم بإستطلاعات سريعة لها مثل قبل و بعد الانتخابات. و بإمکاننا الاشارة الى الاستطلاع الذي قمنا به بخصوص ذلك الاصلاح الذي قامت به وزارة التربية في حکومة إقليم کوردستان في بداية السنة الدراسية 2007 ـ 2008، وأظهرت نتائج ذلك الاستطلاع أن أکثر من 67% من المعلمين لم يروا مشروع الاصلاح و معلومات أخرى. کما اننا قمنا بإنجاز إستطلاع مع البرلمانيين الکورد، کما قمنا في الجامعات الستة بإستطلاع آراء الطلاب بخصوص علاقاتهم مع الجامعة و دروسهم و أساتذتهم و الاحزاب السياسية و التجمعات الطلابية.

ـ هل تتصورون أن المؤسسات و الدوائر التابعة لحکومة إقليم کوردستان ستتعاون معکم و تقدم لکم التسهيلات اللازمة؟
مجيد: لحد الان هناك بعض من المؤسسات التابعة لحکومة إقليم کوردستان تشکل عقبة کأداء أمامنا، لکن في کثير من الاحيان نجد تعاونا جيدا معنا من حيث التسهيلات. في الحقيقة أن ثقافة الاستطلاع في مجتمعاتنا مازالت في بداياتها ولهذا فإن مؤسسات المجتمع المدني قلما تطلب منا القيام بإستطلاعات خاصة لها. غير انه لابد من الاشارة الى إننا قد قمنا بإتصالات مع معهد غالوب و بعض الاوساط المشابهة لنا في مصر و فلسطين و نرغب في تطويرها مستقبلا.