المثليون بالعراق سخر منهم نظام صدام واغتُصبوا من بعده

بغداد: شوارع بغداد ليست آمنة، لا يمكن للرجال والنساء من مختلف الطبقات والانتماءات السير فيها دون مواجهة المخاطر. غير أن الوضع يبدو أكثر سوداوية للمثليين والشاذين جنسيا. فإلى جانب تعرضهم للسحق الاجتماعي من قبل سائر الفئات، مع انتشار الأفكار الدينية، ورسوخ التقاليد الاجتماعية المحافظة، يمكن لهم بسهولة أن يكونوا ضحايا اغتصاب أو تصفية جسدية لا ترحم.

وتشير التقارير إلى أن المثليين من رجال ونساء، والذين كانوا موضع سخرية في ظل نظام الرئيس الراحل، صدام حسين، تردت أوضاعهم بشدة - لسخرية الأقدار - من بعده، وباتوا هدفاً للمسلحين المقربين من اتجاهات دينية، وإن كان بعضهم قد أشار إلى علاقات جنسية سرية تجمعه بالمسلحين أنفسهم، بعيداًَ عن الأنظار.

ويروي كمال، وهو أحد المثليين العراقيين، وقد استخدم خلال المقابلة اسماً مستعاراً، أنه تعرض عام 2005، عندما لم يكن سنة يتجاوز 16 عاماً، للاختطاف من قبل مجموعة مسلحة، عمد أفرادها إلى سحبه داخل سيارتهم من أحد شوارع العاصمة العراقية للمطالبة بفدية.

غير أن الرعب الحقيقي بالنسبة لكمال لم يبدأ إلا في وقت لاحق، عندما طلب منه المسلحون خلع قميصه، ليكتشفوا أنه شاذ جنسياً، من خلال حلاقة شعر صدره.

ويروي كمال، وهو يبكي، تفاصيل حكايته قائلاً: quot;طلبوا مني نزع كل ملابسي وإلا سيقتلونني في الحال.. وكانت هذه أتعس لحظات حياتي.. راقبتهم يخلعون ملابسهم لاغتصابي.. فلم أعرف ماذا أفعل.. فبدأت أصرخ قائلاً: أرجوكم ألا تفعلوا هذا.. سأطلب من عائلتي منحكم ما تريدون.quot;

لكن استغاثات كمال لم تلق آذاناً صاغية.

وعرّاه المسلحون بالقوة، ويقول بعدها إنه quot;شاهد ثلاثة حيوانات وسخة تحاول افتراس جسدي.quot;

واحتجز كمال لمدة 15 يوماً، ولم يطلق الخاطفون سراحه إلا بعد أن دفعت عائلته 1500 دولار فدية.

ويقول المثلي العراقي الشاب، إنه تعرض للاغتصاب كل يوم، ولم يتمكن من مخاطبة عائلته خلال اختطافه سوى مرّة واحدة، قال خلالها إنه يتعرض للضرب، لأن الخوف والخجل من quot;العارquot; منعاه من الإشارة إلى تعرضه لاعتداء جنسي وحشي.

وتحدثت CNN إلى كمال، وصديقه رامي، الذي يبلغ من العمر 21 عاماً، عن تفاصيل حياتهما، وقد قالا إنهما يتجنبان تماماً إظهار مشاعرهما تجاه بعضهما أمام الناس، ويقضيان أوقاتهما في مقاهي الانترنت للتعرف على مثليين آخرين ، عبر غرف الدردشة العراقية والاتصال بهم.

ويعيش رامي وكمال حياتهما الجنسية بصورة سرية في بغداد، لإبعاد ما يقولان أنه quot;عارquot; عن عائلاتهما.

ويشير رامي إلى أنه quot;يفضل الانتحار على أن تعرف عائلته أنه لوطي.quot;

كما يلفت إلى أنه يحرص على ارتداء ملابس لا تفضح هويته الجنسية، ويتظاهر أمام معارفه بأن له صديقة يواعدها.

ولدى سؤاله عمّ قد تفعله عائلته إذا علمت بهويته الجنسية يقول: quot;سيحاولون إقناعي بالتخلي عنها، وهذا أمر لا يمكنني فعله.. الأسوياء يعجزون عن العيش في العراق، فتصور كيف ستكون حياة الشواذ؟quot;

ويكشف رامي أنه وقع ذات مرّة quot;في غرامquot; رجل كان ينشط ضمن عناصر جيش المهدي، المقرب من الزعيم الديني الشيعي، مقتدى الصدر، غير أن العلاقة بينهما انتهت بعدما هدده المسلح بقتله أمام عائلته.

وتتلخص أحلام رامي وكمال حالياً في السعي من أجل مغادرة العراق، كي يتمكنا من العيش معاً بسلام.

وتشكل مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، المعروفة بأنها quot;عاصمة الشاذين جنسياquot; مقصدهم الرئيسي.

وفي هذا السياق، يشير عدد من المهتمين بحقوق الإنسان، إلى إن الوضع بالنسبة إلى الشاذين جنسياً في العراق، من رجال ونساء، تدهور كثيراً بعد زوال نظام حزب البعث السابق عام 2003، الذي كان يكتفي بوضعهم موضع سخرية، غير أن التصفيات الجسدية لم تظهر على السطح سوى في الأعوام القليلة الماضية.

وقد حاولت CNN معرفة رأي الشارع العراقي بالمثليين والشاذين جنسياً، فتنوعت الإجابة بين اتهامهم بمخالفة الدين، وتصويرهم على أنهم أخطر من quot;المجرمين والإرهابيينquot;، وسط شبه إجماع على المطالبة بتوقيفهم.

ولا يعرف على وجه التحديد عدد أفراد تلك الفئة الذين قتلوا من قبل عناصر المليشيات في شوارع العراق المضطربة، إلا أن بعض مواقع الانترنت الخاصة بالمثليين العراقيين والسحاقيات تتناقل صوراً لجثث، تقول إنها عائدة لشاذين quot;من ضحايا الشرطة وفرق الموتquot; قتلوا بسبب هويتهم الجنسية.

ويشير تقرير للأمم المتحدة صدر نهاية عام 2006، أن القانون العراقي يحمي المثليين، إلا أنهم يتعرضون مع ذلك quot;للعنف والوحشيةquot;.


ويؤكد التقرير أن عناصر بعض التنظيمات المسلحة تبعث برسائل لعائلات المثليين تهدد فيها باستهداف أفراد من العائلة، إذا لم يصار إلى تسليم الشاذ إليها أو تصفيته.

من جهته، يقول سكوت بورتمان، الناشط في جمعية quot;هارتلاند ألاينسquot; التي تهتم بحقوق الإنسان إن المجتمع العراقي ينظر إلى اللوطيين والسحاقيات على أنهم quot;مستورد غربيquot; وليسوا من نسيجه، الأمر الذي يجعلهم عرضة للاستهداف من الجماعات التي ترفض ممارساتها وتربطها بالغرب المكروه من قبلها.