الرباط : هل يقبل عدد من الوزراء بالأمر الواقع، ويمنحوا "جواز المرور" لمشروع القانون المالي، خلال اجتماعه الأسبوعي، غدا أو بعد غد؟ بالتأكيد، وفق ما أفادت "الأحداث المغربية" مصادر حكومية. أولا بسبب ضيق الوقت. وثانيا لأن الوزير الأول إدريس جطو، الذي قاد "مفاوضات" ماراطونية الخميس الماضي استمرت إلى مشارف منتصف الليل، أفلح في جبر خواطر حوالي ٨ وزراء طلبوا تحكيمه، بعد أن رأوا أن الميزانية المخصصة لقطاعاتهم غير كافية، ومن بينهم وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، حبيب المالكي (الاتحاد الاشتراكي)، ووزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري، امحند العنصر (الحركة الشعبية)، ووزير التجهيز والنقل، كريم غلاب (حزب الاستقلال)، ووزير التشغيل والتكوين المهني، مصطفى المنصوري (التجمع الوطني للأحرار). وقالت ذات المصادر إن عددا من الوزراء تحفظوا على الميزانية التي خصصها لهم وزير المالية والخوصصة، ووصفها أحدهم بـ »تقشفية«، ولا يمكن أن تفي بإنجاز إلتزاماتها. و أضافت أن الوزير الأول تدخل من أجل إدخال بعض التعديلات على المشروع، خاصة نفقات التسيير، التي يبلغ الغلاف المالي المخصص لها ١٠١٫٦ مليار درهم (زائد ٢٥في المائة مقارنة مع السنة الماضية). أما تحملات الموظفين فتبلغ ٥٩٫٥٧ مليار درهم (زائد ١٠٫٨٦ في المائة). وارتفع الغلاف المالي المخصص للتحملات المشتركة إلى ٢٣ مليار درهم (زائد ١٨٧ في المائة)، فيما انخفض الغلاف المخصص للنفقات الطارئة بحوالي ٣٠ في المائة، واستقر في حوالي ٣٫٤ مليار درهم. أما المبلغ الذي رصدته الميزانية للاستثمارفلا يتعدى ١٩ مليار درهم، ويرتفع هذا المبلغ إلى ٧٠٫٨٨ مليار درهم، باحتساب اعتمادات استثمار المؤسسات العمومية، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحسابات الخصوصية للخزينة ومرافق الدولة المسيرة بطريقة مستقلة والجماعات المحلية. ومن المتوقع، حسب مصالح وزارة المالية، ارتفاع مداخيل الدولة خلال سنة ٢٠٠٥ بحوالي ١١ في المائة لتناهز سقف ١٨٥ مليون درهم، تتوزع إلى ١٥٩ مليار درهم من الميزانية العامة و ٢٤٫٣ مليار درهم من الحسابات الخاصة ومداخيل أخرى. وسيمتص الدين الخارجي ١٠٫٣ مليار درهم بينما يأخذ الدين الداخلي ٢٩٫١ مليار درهم . ويبدو أن السلطات العمومية لم تفلح في الحد من تضخم كتلة الأجورالتي أصبحت تمثل ١٣٪ من الناتج الداخلي الخام لا سيما بعد التداعيات المالية لاتفاق الحوار الإجتماعي، متجاوزة بذلك المستويات المعمول بها في العديد من البلدان حيث لا تتعدى ٨٪، مما يعطي إمكانية لتسخير جزء لا بأس به من النفقات لإنجاز مشاريع البنيات التحتية. ومما يزيد من ثقل ميزانية التسيير على الميزانية العامة للدولة ضعف إقبال موظفي الدولة على برنامج »المغادرة الطوعية« هذا ناهيك عن إكراه خدمة الدين الداخلي الذي أصبح يتجاوز في السنوات الأخيرة الدين الخارجي. ويتجلى كذلك في أن مستجدات داخلية وخارجية أملت الزيادة في بعض نفقات الميزانية العامة، فمن جهة ثمة التداعيات المالية لزلزال الحسيمة، إذ تتحمل السلطات العمومية نفقات البنيات التحتية، وهناك من جهة أخرى نفقات صندوق المقاصة بعد الزيادة التي عرفها سعر البترول في العالم، والذي أدى إلى رفع قيمة فاتورة الطاقة، وهذا من شأنه أن يدفع بالسلطات العمومية إلى رفع السعر المرجعي للبترول الذي تبني عليه عادة توقعاتها. وما فتئت بعض مداخيل الميزانية تتراجع بفعل التحفيزات الضريبية التي تمنحها السلطات العمومية لبعض القطاعات الإنتاجية، منضافة بذلك إلى تراجع عائدات الجمارك التي تحول إلى الخزينة العامة وذلك نتيجة التفكيك الجمركي. مما دعا السلطات العمومية إلى البحث عن مداخيل جديدة عبر إضافة شركات عمومية جديدة لتلك القابلة للخوصصة، كما ينتظر أن يخضع قانون المالية ٢٠٠٥ التعاونيات التي تحقق أرقام معاملات تتجاوز مليون درهم أو ٤٠ مليون درهم، إلى الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة اللتين كانت معفاة منها إلى حدود الآن، وقد بدأ هذا الإجراء يثير ردود أفعال رافضة في صفوف التعاونيات التي تضغط وتذكر بدورها في الإستقرار الإجتماعي في العالم القروي.
- آخر تحديث :












التعليقات