القاهرة من جيهان الحسيني: رفض وزير الداخلية العراقي فلاح النقيب اتهام الحكومة الايرانية بأنها ضالعة في العمليات الارهابية، ولكنه قال ان هناك دلائل تشير الى ضلوع ايرانيين في بعضها، واستدرك قائلا «لكن لا أدري ان كانوا محسوبين على الحكومة أم لا».
واعتبر في حديث لـ«الشرق الاوسط» أن دور القائد الاميركي للقوات العسكرية استشاري، مؤكدا ان الاميركيين لا يتحركون الا بطلب من الحكومة العراقية.
وأكد وجود دلائل على اتصال بين «القاعدة» وصدام، مشيرا الى أن فاروق حجازي السفير العراقي في تركيا ابان حكم صدام كان ينسق الاتصال بين الجانبين. وقال ان للأكراد حرية اتخاذ قرارهم في الانفصال عن الدولة العراقية وقال انه على الرغم من أن هذا السيناريو غير وراد، لكن لهم مطلق الحرية في خيارهم.
* رغم الاتهامات التي توجهونها لبعض دول الجوار الا ان رئيس الحكومة وبعض الوزراء يقومون بجولة لدول الجوار، والعراق شارك في مؤتمر دول الجوار، فهل تعولون كثيرا على هذه الجولة في فتح صفحة جديدة للعراق مع دول الجوار وخاصة الدول التي تتهمونها بدعم الارهاب؟
ـ لقد ألقت الشرطة العراقية القبض حديثا على 270 عنصرا ارهابيا معظمهم من مواطني الدول المجاورة بينهم مثلا من سورية، ونحن نريد الانفتاح على كل دول الجوار ولدينا رغبة كبيرة في التنسيق والتكاتف مع هذه الدول ولا نريد الدخول في حروب، فمصلحة شعوب المنطقة تقتضي اقامة علاقات طيبة فيما بينها. باختصار ليس لدينا رغبة في معاداة أية دولة مجاورة، لكن هناك دلائل تشير الى ضلوع ايران في أعمال تضر بالمصلحة العراقية، ولكن لم نحدد بعد هل الحكومة الايرانية هي الضالعة في هذه الاعمال أم انهم مجرد أفراد أو جماعات غير محسوبين على الحكومة، لذلك لا يمكنني اتهام الحكومة الايرانية. لكن بوضوح تام اذا ارادت ايران اقامة علاقات حسن جوار فيما بيننا فلتضبط حدودها معنا، فالحدود العراقية الايرانية لم يتم السيطرة عليها، وسننتهز فرصة الاجتماع الذي سيشارك فيه وزراء داخلية دول الجوار الشهر المقبل في طهران لنفاتح الاخوة الايرانيين في كل الأمور وسنطلعهم على أدلة تؤكد تورط ايرانيين في أعمال تخريبية في العراق وسنطلب منها بشكل رسمي ضبط الحدود. نحن مع ايران ومع كل دولة مجاورة لنا تتبع سياسة الوضوح والشفافية في علاقتها معنا، وآمل أن نحقق نتائج ايجابية في محادثاتنا مع الايرانيين.
* ما شكل المقاومة المقبول بالنسبة لكم.. أم أنكم تحاربون المقاومة من حيث المبدأ؟
ـ المقاومة مرتبطة بوجود الاحتلال، وأنا عندما عدت الى بغداد بعد غياب سبعة وعشرين عاما، وشاهدت مدرعة عسكرية أجنبية تجوب شوارع بغداد حز ذلك في نفسي كثيرا، لكن الظروف التي مر بها العراق في عهد النظام السابق أدت الى انهيار البلاد، والاميركيون هم الذين اسقطوا نظام صدام حسين ثم احتلوا البلد وارتكبوا أخطاء كثيرة على رأسها حل الجيش. لكن لنكن واقعيين هل هذه الاعمال ستخرج الاميركيين من العراق؟ أميركا قادرة على البقاء في العراق، فهي القوة العظمى في العالم ويمكنها تحمل أي قدر من الخسارة، وقادرة على أن تستأجر الجيوش في حال اضطرارها لذلك، وبرأيي ان اعادة اعمار العراق كقوة عسكرية واقتصادية هو فقط الكفيل باخراج الاميركيين.
واتساءل ايضا من هي الجهة التي من مصلحتها استهداف العناصر الوطنية العراقية، بالاضافة الى المدنيين؟ لذلك أؤكد أن هناك ايادي خارجية ومن يقومون بهذه الاعمال مجرد أداة لمخطط كبير، فلا توجد اية جهة سياسية عراقية تتبنى هذه الاعمال التي هي مرفوضة تماما من الشعب العراقي. وعلى أي حال، عندما نتمكن من بناء قواتنا كعراقيين سنطلب من القوات المتعددة الجنسيات مغادرة العراق، فإن رفضت حينئذ فالأمر يتطلب وجود مقاومة.
* ومن يدعم مقتدى الصدر؟
ـ مقتدى الصدر ظاهرة سطحية ولا نريد اعطاءها أكبر من حجمها والظواهر تشير الى أن ايران هي التي تدعمه ورغم ذلك لا يمكنني أن أؤكد باليقين دعم ايران له.
* بصراحة هل تشعر بالامتنان للاميركيين وهل تتقبل باستمرار وجودهم في بلادك كقوة اجنبية؟
ـ اذا منح الاميركيون الشعب العراقي سيادته واستقلاله التام وسمحوا له باعادة بناء بلده من دون التدخل في شؤونه، وفرض سياسات معينة تسيئ للعراقيين، فسأكون ممتنا لهم. أما اذا أقحمت واشنطن نفسها في قضايانا وحاولت فرض سيطرتها وارادتها رغما عن العراقيين واساءت لهم فلن أكون ممتنا على الاطلاق. ونحن صريحون معهم للغاية، وقلنا في محادثاتنا مع مساعد وزير الدفاع بول وولفويتز إن العراق بلدنا ونحن الذين ندير شؤونه، ومسؤولية الأمن مسؤوليتنا نحن. والقوات الاميركية الآن لا تتحرك الا بطلب منا وبموافقتنا وقائد القوات الاميركية يعمل بصفته استشاريا.
* الى متى سيظل العراق يعاني من الانفلات الأمني؟
ـ ليس هناك انفلات أمني ومناطق عراقية كثيرة تم ضبطها خلال الفترة الماضية، قبل تسلمنا للوزارات كان الناس يقبعون في بيوتهم منذ الساعة السابعة مساء والشوارع خالية لكن في بغداد مثلا كان الناس يظلون خارج بيوتهم سواء في المطاعم أو تتجولون في الشوارع الى ما بعد منتصف الليل.
* لكن هناك معارضة كبيرة لكم في الشارع العراقي بصفتكم حكومة غير شرعية معينين من الاميركيين؟
ـ نحن حكومة شرعية، بالاضافة الى انه ليست هناك أى حكومة منتخبة في منطقتنا كي نوصم بأننا غير شرعيين، وأؤكد لو حدثت انتخابات فإن هذه الحكومة ستفوز بنسبة عالية جدا.
وبالنسبة لي جاء تعييني بطلب من الأخضر الابراهيمي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وأنا أرفض التشكيك في وطنية هذه الحكومة وتجاهل التاريخ العائلي والسياسي لمعظم الوزراء فيها والذين تركوا كل ما لديهم في الخارج من أجل العودة لخدمة بلدهم بمن فيهم رئيس الحكومة بالاضافة الى أن جميع الوزراء من التكنوقراط من حملة الشهادات العالية ولديهم خبرات كبيرة جدا في مجال عملهم.
* هل الزرقاوي موجود في العراق. وهل تعتقد انه بالفعل يقف وراء كل ما يحدث من ارهاب؟ ـ الزرقاوي يقف خلف عدد كبير من العمليات التفجيرية خاصة الانتحارية، لكن وجود الزرقاوي في العراق أمر مشكوك فيه. لا أحد يدري هل هو داخل العراق أم خارجه. لكن هناك زعيم عصابة يمارس اعمالا ارهابية يطلق على نفسه الزرقاوي. وهو موجود في العراق ولا أدري هل هو الزرقاوي الحقيقي أم لا، لكن الزرقاوي دائم التنكر، ويستعمل أسماء مختلفة ويستخدم أكثر من جواز سفر، ولديه هويات شخصية مختلفة.
ولكنني أعتقد ان الاعلام أعطى الزرقاوي حجما أكبر من حجمه، مع ذلك، فمن حق الشعب العراقي ان يرفض هذا الاسلوب الارهابي. وأؤكد لك أن 90 في المائة ممن قاموا بعمليات انتحارية غير عراقيين، وأعتقد ان عدم تجاوب العراقيين مع هذه الاعمال جعلهم مستهدفين سواء من الزرقاوي أو غيره. برأيي ان الزرقاوي مثل كارلوس في السبعينيات.
* ما حقيقة اتصال صدام بالقاعدة.. هل هناك أدلة لديكم؟
ـ لدينا معلومات استخبارية عن ان صدام استقبل الزرقاوي وجماعته عام 2000، وبعد ذلك أعدم بعضهم، وكان السفير العراقي في تركيا فاروق حجازي هو المنسق لهذه الاتصالات. صدام كان يتعامل بأسلوب زعيم العصابة وأكبر دليل على ذلك انه أطلق سراح 28000 من المجرمين وعلى بعضهم أحكام بالسجن تصل الى عشرين عاما، وقسم منهم كان محكوما عليه بالاعدام. هؤلاء جميعا يتزعمون الآن العمل الارهابي من قتل وخطف بالتنسيق مع تنظيم «القاعدة» وفلول النظام السابق.
* هل لديكم مخاوف من امكانية مطالبة الأكراد الانفصال عنكم؟
ـ الأكراد يتمتعون الآن بالحكم الذاتي في ادارة شؤونهم واذا اختار الشعب الكردي الا يكون شريكا مع الشعب العراقي فسنحترم اراداته ولن نفرض عليهم الاندماج معنا ولن نحاربهم. قمع شعب يريد أن تكون له دولته غير وارد، لكن هذا السيناريو غير مطروح على الاطلاق. لقد زرت اربيل والسليمانية مع رئيس الحكومة حديثا ومواقف الأكراد ايجابية للغاية وهم شركاؤنا في التاريخ النضالي.