ان الحرب على الارهاب هي معركة صليبية ضد الشيطان، هذا ما صرح به اللفثنانت جنرال وليام بويكين الضابط الكبير في الاستخبارات العسكرية الاميركية، وهذا ما كشفه تقرير المفتش العام لوزارة الدفاع «البنتاجون» الذي وصف بويكين بأنه تجاوز قواعد وزارة الدفاع في خطبه الثلاثة والعشرين ذات الطابع الديني التي القاها بعد كانون الثاني عام 2002 ولم يحصل على موافقة البنتاجون عليها مسبقا، ويبدو ان هناك تناقضا واضحا في أقوال هذا الضابط حين يصف الحرب ضد الارهاب بأنها صليبية، وأن اميركا مستهدفة لأنها امة مسيحية، فإذا كانت الحرب ضد الارهاب. الذي اتفق العالم على أنه دفاع عن النفس والدين والوطن، صليبية فإن ذلك يذكر بالحروب الصليبية فعلا، واذا كان موجها ضد المسيحية كما يقول بويكين فإن ذلك يعد تضليلا متعمدا وتخبطا في العتمة واصطيادا في الماء العكر وهواجس سيطرت على اميركا ليل نهار وحبست أنفاسها مع كل انذار برفع درجة الاستعداد القصوى حتى ليخيل الى المرء ان الأمهات الاميركيات اصبحن يخفن ابناءهن الصغار بأسامة بن لادن واشباح الارهابيين ذوي الملامح الشرق اوسطية كما تزعم وسائل الإعلام الغربية والاميركية بعد كل حادثة تفجير او اطلاق نار.
اما ديفيد كاي رئيس مجموعة الخبراء الاميركيين الذين كلفوا البحث عن اسلحة الدمار الشامل العراقية فقد أعلن ان عالم الاستخبارات في الولايات المتحدة يمر «في أزمة» اضعفت قدرة البلاد على الدفاع عن مصالحها القومية. فإذا كانت اساطيل اميركا وقوتها لا تستطيع حماية مصالحها القومية، فكيف بالشعوب الضعيفة التي تحتلها اميركا وتدوس على مصالحها القومية ان تدافع عن هذه المصالح؟ ولعل كاي الخبير في الاسلحة يشير الى من سبقه من المفتشين والعملاء الذين كانوا بينهم والتقارير المزيفة التي كانت تؤكد امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ليكون ذلك مبررا لاحتلاله مثلها في ذلك مثل تقارير جون بولتون عن اسلحة سوريا للدمار الشامل التي لم تستطع وكالة الاستخبارات المركزية أن تؤكدها ما يزيد في كراهية اميركا خاصة في المنطقة العربية التي تتعرض دائما للتجني والظلم من الغرب واميركا ويشجع على العنف المضاد، وقد فضل ديفيد كاي الاهتمام بمصالح اميركا الداخلية على المصالح السياسية للادارة الاميركية ايا كانت واعطاءها ذات الاهمية التي كانت تعطى للاستخبارات «التجسس» ايام الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي «سابقا» والكتلة الشيوعية التابعة له. كما ضرب أمثلة على فشل الاستخبارات الاميركية حين عجزت عن اكتشاف اعتداءات 11 ايلول 2001 وعدم العثور على اسلحة دمار شامل في العراق، فكان بذلك منصفا تميز بالصدق مع النفس وهذا نادر في اميركا الا من بعض المستنيرين امثاله.
ومهما اعلن بوش عن نيته سحب سبعين الفا من جنوده من اوروبا «ألمانيا خاصة» واسيا لمحاربة الارهاب بشكل افضل داخل الولايات المتحدة فإن ذلك يدل على عجز الاجهزة الامنية في اميركا على مكافحة الارهاب المزعوم، كما تعجز عن مكافحته خارج بلادها مثلما تفعل في افغانستان حيث ترابط القوات الاميركية والحليفة لها قرب قواعدها وتسلم الأمن الى شركات أمنية، واشخاص مأجورين امضوا فترة من حياتهم في السجون بتهم الاحتيال والخروج على القانون أمثال جوناثان ايديما وزمرته الذين احتجزوا ثمانية افغان وعذبوهم دون وجه حق وزعموا ان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد على علم تام بذلك وأنهم قد عملوا تحت امرته وهم يحاكمون الآن في أفغانستان كمرتزقة مأجورين كانوا يلاحقون اشخاصا وهميين من تنظيم القاعدة لاصطياد المكافآت الاميركية المرصودة لذلك فأين قدرة الاستخبارات الاميركية المزعومة التي دفعت «كاي» لوصفها بأنها تمر في أزمة؟ وهذا ما يؤيد اتهامات منظمات حقوق الانسان للقوات الاميركية في افغانستان كما في العراق لاساءة معاملة المحتجزين لديها الذين يموت بعضهم تحت التعذيب الوحشي.
وتمثل حملة الدعاية التي تقوم بها السعودية الآن داخل الولايات المتحدة على شكل اعلانات دعائية اذاعية لاقناع الاميركان بأن لا علاقة للسعودية بمنظمات الارهاب نوعا من التخلص من الضغوط التي تمارس ضدها بدعوى تمويل الارهاب بصور مختلفة تشمل حتى الصدقات والزكوات وكل اشكال الاحسان في الاسلام التي يقوم بها افراد مسلمون او مجموعات او جمعيات خيرية او غير ذلك.
وليس غريبا ان تقوم المملكة السعودية بالدفاع عن نفسها تجاه اتهامات لجنة التحقيق في اعتداءات 11 ايلول 2001 والتي انتهت فيما بعد بتبرئة السعودية حكومة ومسؤولين ولم تجد اللجنة المذكورة دليلا على أن الحكومة السعودية او مسؤولين سعوديين افرادا مولوا تنظيم القاعدة.
وتريد السعودية كما قال المتحدث باسم سفارتها في واشنطن ان تتأكد من ان الاميركيين يعرفون ذلك بالرغم من رصد السلطات السعودية مبلغ ثلاثة ملايين ونصف دولار تقريبا على شكل مكافآت لمطاردة ستة وعشرين مطلوبا لسلطات الأمن السعودية والإخبار عنهم.
ولهذا فالحرب على الإرهاب ليست معركة صليبية موجهة ضده فقط، وليس الإرهاب، موجها ضد اميركا لأنها امة مسيحية كما ادعى الجنرال «بويكين» ولكنه موجه ضد الجميع في هذا العالم من قبل حكومات كاميركا واسرائيل.