هل‮ ‬يمكن صياغة برنامج عمل وطني‮ ‬ليبرالي‮ ‬ديمقراطي‮ ‬حداثي‮ ‬مستنير‮ ‬يكون رافعة ودافعة لمشروع الاصلاح بوصفه مشروعا حداثيا تجديديا اصلاحيا ديمقراطيا لا‮ ‬يجد حتى الآن‮ »‬برنامج العمل الوطني‮ ‬الشعبي‮ ‬المعبر عنه‮« ‬في‮ ‬الوسط الاجتماعي‮ ‬او الفضاء الاجتماعي‮ ‬الشعبي‮ ‬العريض؟
ثم هل تستطيع القوى المعبرة عن الليبراليين وعن الديمقراطيين وعن الطبقة الوسطى وعن المستنيرين أن تأتلف ثم تتفق لصياغة هذا البرنامج؟
وهل هذه القوى المتوزعة هنا وهناك‮ ‬يمكن لها أن تلتقي‮ ‬الآن حول هذا البرنامج؟ وهل هي‮ ‬مؤهلة لذلك ذاتياً‮ ‬وموضوعياً‮ ‬وقادرة على تجاوز المنطقة الرمادية وحالة اللاحسم التي‮ ‬تعيشها وتقيد خطواتها وتعيق فاعليتها العملية وتنقلها من مرحلة التمنيات والأقوال الى مرحلة الأفعال؟؟
هذه الأسئلة وغيرها تدور وتثور الآن في‮ ‬اوساط الليبراليين والديمقراطيين والمستنيرين وفي‮ ‬الطبقة الوسطى،‮ ‬لكنها أسئلة ما زالت محصورة في‮ ‬الأوساط المغلقة أو المحدودة النطاق بين الاصدقاء وبين الأفراد ولم تعبر عن نفسها الى ما هو أبعد من ذلك أي‮ ‬لم تنتقل الى المشهد الاجتماعي‮ ‬السياسي‮ ‬بشكل مباشر وصريح ربما نتيجة تشتت وتبعثر التيار الليبرالي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬المستنير القادر في‮ ‬حال ائتلافه على طرح هذا الموضوع بشكل أشمل‮ ‬يتجاوز اطاره المحدود من الرقعة الاجتماعية النخبوية الخاصة به الى ما هو أبعد وأعمق اجتماعياً‮ ‬وبشكل قادر على تحريك او تفعيل وبلورة الأسئلة لتطرح في‮ ‬النهاية برنامج عمل وطني‮ ‬ليبرالي‮ ‬ديمقراطي‮ ‬حداثي‮ ‬مستنير واضح وقادر ايضاً‮ ‬على التعبير عن تيار معين له وجوده المحسوس والملموس والمتفاعل مع الحالة السياسية والاجتماعية البحرينية الحالية البطيئة‮.‬
بطبيعة الحال الدعوة الى صياغة برنامج معبر عن التوجهات الديمقراطية الحديثة الليبرالية المدنية المستنيرة ليس دعوة الى تأسيس جمعية أو مؤسسة بقدر ما هو‮ »‬البرنامج‮« ‬دعوة لتوحيد رؤى وأفكار ومشاريع تيارات موجودة في‮ ‬الواقع ومتوزعة هنا او هناك سواء في‮ ‬الجمعيات السياسية القائمة او في‮ ‬الجمعيات الأخرى او موجودة في‮ ‬أوساط المجتمع وبين الأفراد والمجاميع التي‮ ‬لا تنتمي‮ ‬الى جمعيات سياسية.ويمكن كذلك للجمعيات السياسية الديمقراطية المستنيرة ان تساهم وان تكون جزءاً‮ ‬من هذا المشروع حين تبادر مع‮ ‬غيرها في‮ ‬صياغة البرنامج الوطني‮ ‬الذي‮ ‬يشكل في‮ ‬تقديرنا الرافعة والدافعة لمشروع الاصلاح كونه مشروعاً‮ ‬تطويرياً‮ ‬حداثياً‮ ‬تجديدياً‮ ‬لابد له كمشروع للمملكة بعمومها وبعموم شعبها من وجود تيار مجتمعي‮ ‬شعبي‮ ‬يعبر عنه ويدفع به على طريق انجاز التقدم وانجاز التجديد والتطوير والمدنية التي‮ ‬لا‮ ‬يمكن للتيارات المحافظة ان تعبر عنه وان تكون رافعة ودافعة لمشروع اصلاحي‮ ‬تجديدي‮ ‬حداثي‮ ‬مستنير ومنفتح‮.‬
المشكلة التي‮ ‬نلاحظها ان الديمقراطيين واللبراليين والمستنيرين من الطبقة الوسطى لم‮ ‬يقتربوا من بعضهم ولم تجمعهم جلسة تفاهم وتقارب واحدة،‮ ‬ليتفهموا أفكار بعضهم البعض في‮ ‬هذه المرحلة وليفهموا لغة بعضهم البعض في‮ ‬هذا المفصل الهام الذي‮ ‬تمر به بلادهم الآن‮.‬
ربما نسمع عن لقاءات فردية لكننا لم نسمع عن لقاء موسع ومنظم بأجندة تطرح رؤى وأفكاراً‮ ‬ويسمع الجميع لبعضهم البعض ليكتشفوا ان ما‮ ‬يجمعهم أكثر مما‮ ‬يباعدهم ويفرقهم هكذا مجموعات صغيرة‮ ‬غير مؤثرة وبالتأكيد‮ ‬غير فاعلة بل ان بعضها انساق وانزلق الى خارج دائرته الحقيقية دائرة الاستنارة ورأيناه‮ ‬يكاد‮ ‬يكون جزءاً‮ ‬من دائرة التخلف او على الأقل جزءاً‮ ‬من برنامج التخلف والنكوص الذي‮ ‬يشكل اليوم التحدي‮ ‬الكبير والخطير لتطلعاتنا في‮ ‬بناء مجتمع مؤسساتي‮ ‬مدني‮ ‬عصري‮ ‬حداثي‮ ‬مستنير‮ ‬يكون جزءاً‮ ‬من حضارة العصر الذي‮ ‬نعيشه وفرعاً‮ ‬من فروع مدنيته وتقدمه المؤسسي‮ ‬الصحيح معرفياً‮ ‬وعلمياً‮ ‬واجتماعياً‮.‬
نقول‮.. ‬ان العقبة هي‮ ‬في‮ ‬عدم طرح مبادرات تفاهم وتقارب ولقاء‮ ‬يخرج منه الليبراليون والديمقراطيون والمستنيرون من الطبقة الوسطى ببرنامج عمل وطني‮ ‬مرحلي‮ ‬يكون داعماً‮ ‬ورافعاً‮ ‬لمشروع الاصلاح حتى‮ ‬يقطع مشوار التأسيس الصحيح لمجتمع المؤسسات والقانون ولصياغة مجتمع مدني‮ ‬بالمعنى الحقيقي‮ ‬للمدنية كونها حداثة وتحديثاً‮ ‬وانحيازاً‮ ‬للمعرفة وللعصر الجديد‮.‬
فمتى‮ ‬يفعلها الليبراليون والديمقراطيون والمستنيرون من الطبقة الوسطى وتجمعهم لقاءات تفاهم وتقارب تكون بداية انطلاق طال انتظاره‮.‬