نصرة لخادمة مستضعفة، قضت محكمة كويتية بسجن افراد من الأمن اتهموا باغتصابها. كانت المسكينة في عهدتهم، في حماية الذين يملكون، بطبيعة عملهم وسطوتهم، سلطة كبيرة على الجميع. فأحسنت المحكمة في قرار علني بأن تبنت حكما قانونيا بلا تردد، وأصاب القاضي الذي اعطى بحكمه درسا أخلاقيا لجميع الذين يملكون سلطة أمنية ويعرضون سمعة مؤسساتهم الى التشويه ونزع ثقة الناس فيهم.
الصورة الكاريكاتيرية المألوفة اننا نخاف غريزيا من البوليس. وغريب ان يبلغ الحال بنا الخوف اللامبرر من رجال الامن ورجال الجوازات وكل من لبس ثوب الحكومة بسبب او بدونه، في حين يفترض ان رجل الأمن تحديدا هو الذي يظلل الناس بالاطمئنان، ويشعرهم بأنه اخوهم الذي يلجأون اليه لا يفرون منه، وانه مع الضعيف ضد القوي ومع المظلوم ضد الظالم. فصورة رجل الأمن لا تزال حامل الاغلال عابس الوجه المستند بيده على كعب مسدسه. كل هذه الايحاءات التي يراد لها ان تصنع الهيبة تتجاوز ذلك الى تخويف الناس بلا علة منهم.
والحالات التي يتهم فيها رجال الامن بمخالفات خطيرة نادرة لكنها عندما تحدث تسيئ بشكل عريض الى كل المنتسبين اليهم، وتثير الظنون بصورة ملازمة. فالناس في حاجة الى حماية رجال الامن وهم كذلك في حاجة الى التأكيد على ضبط هذه الحماية والتأكيد عليها دائما في اطار القانون.
وعندما ترمى الخادمات، كما نراهن في المطارات، في غرف انتظار ضيقة وبلا رقابة على الرقباء، فلا تنصب كاميرات تتأكد من سلامة ما يحدث لهن، ولا يوجد هناك ما قد يشعر رجال الامن ان فوق كل رقيب رقيبا، يجعل الأمر مقلقا حتى وان لم تتقدم احداهن بشكوى. كذلك خارج محيط المطارات وفي داخل البيوت يحكى عن شكاوى لهذه الفئة المستضعفة، التي جلبت بلا ضمانات لحقوقهن، وبلا منفذ يوصلن شكاواهن من خلاله. وقد يرى البعض ان هذه ليست قضية، طالما اننا لا ندري ولم نسمع ولم نر شيئا. اوضاعهن قد تكون بالفعل في أحسن حال، والله اعلم، لكن هذا لا يحول دون وضع ضوابط والتأكيد على حقوقهن.
ما فعلته المحكمة الكويتية كان عملا شجاعا يحتسب لها، ويحسب ايضا لصالح الشرطة التي قبلت الشكوى وحققت فيها ضد منسوبيها وأوصلت القضاء الى مرحلة الحكم العادل. هذا ما نريده جميعا من أهم جهازين يتحكمان في حياتنا، الأمن والقضاء. فكل محاكمة كهذه بالفعل تشعرنا ان في عالمنا اناسا أخيارا كثرا على استعداد ان يذهبوا لنجدة أضعف الناس بيننا، ولا اعتقد اننا سنجد بيننا من هو اضعف من امرأة اجنبية وحيدة في قبضة رجال أمن. وهذه مسؤولية اهل الامن والقانون والمجتمع بعموم افراده.
- آخر تحديث :
التعليقات