الموقف الاميركي المتطرف بشأن الحرية الدينية في السعودية تقابله مواقف متطرفة أخرى في السعودية تدعي أن كل شيء على ما يرام وأن الحرية الدينية مصونة للجميع. الموقف الأميركي المتطرف يجب ان يقابله موقف عقلاني في الرياض، فهناك خمسة ملايين شخص اجنبي في السعودية ينتمون الى ديانات ومذاهب عديدة يصعب حصرها، وهناك مشكلة في هذا الجانب، كيف يمكن تعريف الحرية الدينية وهي ليست مشكلة سعودية بل مشكلة دولية، ففي فرنسا الديمقراطية هناك مشكلة الحجاب في المدارس، وفي اميركا الديمقراطية هناك طروحات متطرفة من بعض اليمين المسيحي المتطرف تصل الى حدود إلغاء حريات كل الأديان الاخرى غير المسيحية.
لدينا في العالم العربي مشكلة في التعاطي مع تقارير المؤسسات الدولية، فعندما تقول منظمة العفو الدولية ان هناك انتهاكات لحقوق الانسان في بلد عربي معين، يقوم اعلام هذه الدولة بالتصدى للتهم بالقول ان هذه الدولة العربية هي لجنة حقوق الانسان، وانها مجتمع مثالي بدلاً من محاولة القراءة الموضوعية لهذه التقارير والرد عليها بلغة العقل والمنطق بدلاً من لغة الخطابة والشعارات.
عندما طرحت وبشكل متطرف قضية التصفية العنصرية الجماعية للناس في دارفور، كانت هناك اصوات سودانية تطرح التطرف الآخر وتردد ان دارفور هي «مثال» للتعايش وانه لم تحدث انتهاكات لحقوق الانسان.
عندما تطرح قضية الفساد في السلطة الوطنية الفلسطينية تنبري بعض اصوات السلطة بالقول إن هذا الكلام مؤامرة صهيونية اميركية، وان الوضع «ما يخرش الميه» كما يقول المصريون وانه ليس بالإمكان افضل مما كان.
السعودية تحتاج الى لغة جديدة بالتعاطي مع تهمة الحريات الدينية، وهذه اللغة يجب ان تبين حقيقة ان السعودية هي مركز العالم الاسلامي وانها قبلة المسلمين في مكة والمدينة وان هناك حساسية معروفة في هذا المجال، ولكن هذا لا يمنع من القول ان هناك مشكلة، وان هذه المشكلة يجب معالجتها، وان المجتمع السعودي الذي هو مجتمع متعدد المذاهب، وفيه الملايين من غير المسلمين، يحتاج الى قراءة ملف الحريات الدينية بعيداً عن ردود الافعال.