أحمد نجيم: زار الأسبوع الجاري أربعة مسؤولين من البي بي سي المغرب، وأجروا لقاءات مع مسؤولين مغاربة من القطاع السمعي البصري. في هذا الحوار يشرح حسام السكري، رئيس القسم العربي المعين أخيرا، أسباب الزيارة، ويتحدث عن آخر المعطيات المتعلقة بطلب كانت تقدمت به الإذاعة البريطانية في العام 1996 للبث على موجة "إف إم"، كما يثير موضوع التحاق صحافيين مغاربة بلندن، ويتحدث عن مقاربة جديدة لتغطية أفضل للمغرب تركز على المواضيع الإنسانية. ويشيد بالإصلاحات التي دشنتها الحكومة لقطاع السمعي البصري، معتبرا تلك التجربة رائدة في العالم العربي وبإمكان الدول الراغبة في إصلاح قطاعها أن تتخذه قدوة.
يتوقع السكري أن يزداد عدد المنتقدين للراديو بعد تعيينه. وفي الحوار نفسه يتحدث عن علاقة البي بي سي بالحكومة البريطانية، مشددا على أن المجموعة الإعلامية إرث حضاري وإنساني لكل البريطانيين.

ما سبب زيارة المغرب ولقاء مسؤوليه في القطاع السمعي البصري؟
منذ العام 1996 والقسم العربي بالبي بي سي مهتم بالبث على موجات "إف إم" في المغرب، إذ قدمنا طلبا في الموضوع إلى الحكومة. وأشير إلى أننا نتوفر حاليا على ترخيص بتلك الموجات في دول مثل السودان وقطر والبحرين والكويت والأردن وست مدن عراقية. إن زيارة المغرب تأتي في سياق استكمال انتشار الإذاعة البريطانية في الدول العربية. ففي البي بي سي نحاول أن نتابع التحولات التي يشهدها القطاع في العالم، لذا نحرص على بث برامجنا على موجات "إف إم".
من خلال لقاءاتكم ما هي أجوبة السلطات المغربية على طلبكم هذا؟
لم تنته السلطات المغربية بعد من إعداد القانون التنظيمي. إننا نقدر ونتفهم حرص السلطات المغربية على إنهاء هذا القانون قبل دخوله حيز التنفيذ.
هل ستنتظرون حتى تلك المرحلة؟
إننا سعداء بما تقوم به السلطات المغربية لإصلاح القطاع السمعي البصري من خلال هيكل تنظيمي شديد الإحكام. إذا ألقينا نظرة على القانون الجديد نجد أنه يركز على التوازن والموضوعية والشفافية..وهي شعارات عملت بها البي البي سي منذ نشأتها.
تحدثت أخبار عن غضب مشرفي البي البي سي على السلطات المغربية بعد منحها لتصريح لراديو سوا بالبث على موجات "إف إم" وتهميش طلبكم؟
هذا كلام غير صحيح، فنحن لم نغضب على منح السلطات المغربية تصريحا للبث لراديو سوا، ولم يصدر عن إدارة البي بي سي موقف رسمي. إننا نقدر أن لكل دولة أولوياتها، وأنها تتحرك وفق مصالحها. إن العمل التنظيمي الجاد الذي دشنه المغرب سيتيح للمستمع إمكانيات كثيرة.
ألم تثيروا وضعية سوا مع المسؤولين المغاربة الذين التقيتموهم؟
إننا ننتظر حتى يدخل القانون حيز التنفيذ، ونسعى أن نمنح المستمع المغربي خدمات البي بي سي، وأعيد التأكيد أن السلطات المغربية تتحرك فيما تراه مناسبا. سعينا يركز على الحصول على موجات "إف إم" لمستمعينا، ولم نطالب بوضعية خاصة. فما يهمنا هو أن نحقق طموحنا بالوصول إلى المستمع المغربي.
تحدثت أرقام عن نسب استماع مرتفعة لراديو سوا كيف ستواجه البي بي سي المنافسة عند منحها حق البث على "إف إم"؟
إن نسب الاستماع شديدة الارتباط بسهولة الوصول إلى الموجات. المسألة ليست مقارنات، ولا شك لدي في أننا سنكون في الصدارة لو كنا في البث على موجات "إف إم" أثناء حرب العراق.
هناك حرص منا على التعددية وعلى الشفافية وعلى احترام المستمع واحترام الأخلاق، إننا لسنا إذاعة ثرثرة أو وسيلة دعاية. لن نكون متحيزين إلا لمستمعينا.
كانت البي البي سي تعرف إقبالا كبيرا من قبل العرب غير أن الإقبال عليها تراجع، هذا تحدي أمامكم لإعادتها إلى سابق عهدها، ثم لم تعزون ذلك التراجع؟
لذلك التراجع عدة عوامل. في السابق لم يكن للمستمع اختيارات، إذ كان يتحمل مشاق البحث عن الموجات القصيرة لسماع برامج الإذاعة. حاليا يتمكن المستمع من الوصول إلى الموجات الترددية بسهولة. كما أنه في هذا العصر، عصر "التلوث الترددي" ينصاع المستمع بسهولة إلى إذاعات الموسيقى..
وللوصول إلى أكبر نسبة من المستمعين في العالم العربي قدمنا طلبات إلى عدة دول للحصول على ترخيص البث على "إف إم"، وفي هذا السياق كان الطلب المقدم إلى السلطات المغربية في العام 1996، إننا في البي البي سي نحاول أن نطور عمليات البث حتى الرقمي منه وهو حديث في العالم العربي. كما نمكن زوار الموقع من الاستماع إلى برامجنا.
هل هناك إقبال على الراديو من خلال موقع البي بي سي باللغة العربية؟
الموقع من أكبر المواقع العربية، وعملنا ينصب على توصيل المعلومات بمختلف الوسائل الرقمية والانترنيت. يبلغ عدد الزوار الذين يستمعون إلى الراديو قرابة مليون شهريا.
ألا ترى أن الرقم قليل مقارنة بإرث البي بي سي؟
لا أعتقد ذلك، فعملية الاستماع إلى البرامج عبر الانترنيت ليست سهلة. إذ تكلف زوار الموقع كثيرا من المحاولات، كما يعيق ضعف شبكة الاتصال في العالم العربي وصول الإذاعة إلى زوار الموقع.
نعود إلى زيارتكم إلى المغرب، هل اقتصر برنامج الزيارة على مناقشة طلب البي بي سي بموجات "إف إم"؟
شملت زيارة وفد من البي بي سي الإشراف على عملية توظيف صحافيين مغاربة سيلتحقون بلندن، ومرت العملية بمرحلتي التقديم والامتحان التحريري. ووصلت مرحلة اللقاء المباشر والتعرف على الصحافيين. وقد التقى الوفد بالصحافيين وبالمسؤولين المغاربة. وأقول إن التجربة المغربية في تحرير القطاع السمعي البصري رائدة وتصلح نموذجا ليس للدول العربية فقط بل للدول الراغبة في تحرير هذا القطاع.
وهدف الزيارة كذلك إعادة النظر في التعامل مع المغرب كمصدر للأخبار والمعلومات. نعتقد أنه لا تستحق أن يغطى في الأزمات، بل يجب أن تخصص له مواضيع إنسانية. وأخيرا فإن زيارتنا تابعت العمل الذي بدأه صندوق التنمية والتعاون الإعلامي لإعداد ندوة للحوار الإعلامي مع عدد كبير من الإعلاميين خاصة الشباب لوضع برنامج تدريبي، وستجرى الندوة شهر أكتوبر المقبل.
كم عدد الصحافيين الذين سيلتحقون بالبي بي سي بلندن، وما هي حيثيات الالتحاق؟
لن أتحدث عن تفاصيل التوظيف، فهذه الأمور لا تعلن عنها الإذاعة. إننا نبحث عن عدد من الصحافيين لزيادة المساحة المخصصة للمغرب. وأشير إلى أن هناك 5 صحافيين مغاربة يشتغلون في القسم العربي بلندن بالإضافة إلى موظفين وصحافيين في القسم الإنجليزي.
هل لاختيار الصحافيين المغاربة علاقة باستعدادات الإذاعة للبث على موجات "إف إم"؟
إننا ننفتح على المغرب ونحاول أن نطور برامجنا. نعتقد أن المستمع المغربي والعالمي يحتاج إلى معرفة أفضل عن المغرب بعيدا عن السياسة.
هل هذا التوجه علاقة بإشرافك على القسم العربي كأول عربي ينال هذا المنصب؟
كما قلت المغرب يحتاج إلى تغطية بشكل أفضل مما هو عليه حاليا. وهذا تصور جديد يقوم على إعادة النظر في خارطة تغطية البي بي سي. فالمغرب كان من الدول التي لم يغط بشكل كاف. هذه السياسة ستزيد من عدد مستمعينا.
في إطار هذه السياسة هل سيكون للقسم مكتب في المغرب؟
أولوياتنا في الوقت الحالي أن نطور عملنا في لندن، ربما بعد ذلك نلجأ إلى تطوير ما يأتينا من العالم العربي. فالفكرة غير مستبعدة، ولكل حادث حديث.
أنت أول عربي يحصل على منصب مسؤول قسم عربي بالبي بي سي، هل لاختيارك علاقة بانتمائك العربي المصري وهل ستكون مهمة سهلة؟
إن المنصب الذي تقلدته ليس مهمة سهلة، فالقسم العربي أهم الأقسام وأكبرها. يبث 24 ساعة في اليوم. أما اختياري فليس له علاقة بتوجيه سياسي للبي بي سي. فالمناصب تتقدم إليها شخصيات ليقع الاختيار على المسؤول. وحدث أن وقع الاختيار علي في المرة الأخيرة. لم يكن ضمن المرشحين للمنصب عربا. أعتقد أن الإدارة اختارت الشخص المناسب ولم يكن لذلك الاختيار أسباب سياسية.
ألا تخشى أن تزداد الضغوط الحكومية العربية على البي بي سي وتبدأ بربط جنسيتك المصرية بالخط التحريري للإذاعة. وهل تعرضت خلال مدة إدارته القصيرة لضغوط من هذا النوع؟
أن تكون هناك رغبات للحكومات العربية في تمرير خطابها فهذا موجود قبل تولي المنصب. فالسياسي يطمع دائما أن يعبر عنه الإعلامي. ولا أعتقد أن حدة الانتقادات ترتبط بشخصي وانتمائي. إنني سأقوم بعملي. لقد سبق لي أن توليت مناصب في البي بي سي، من خلال الإشراف على الموقع باللغة العربية وتطويره وتطوير البرامج التفاعلية فيه. وإذا كان هناك من يحاول الربط بين منصبي وبين البلد الذي أنتمي إليه فلن أكترث للأمر، أعلم مسبقا أن الأصوات المحتجة ستكون كثيرة لكن هذه المسألة لن تقلقني.
أثير نقاش كبير حول علاقة البي بي سي بالحكومة، واستقال المسؤول الأول، ما علاقتكم بالحكومة؟
احتجت الحكومة البريطانية على ما تصورته عدم توازن بين الخط التحريري وبين الحكومة. إننا لسنا مؤسسة حكومية، بل مؤسسة إعلامية تابعة للدولة. نعامل كتراث إعلامي وحضاري في بريطانيا، وهناك حرص من جميع مواطني هذا البلد أن تظل حرة. لقد سبق أن صرح كوفي أنان أن أهم ما قدمته بريطانيا للعالم في القرن العشرين هي البي بي سي. إننا نقدم خدمة للإنسانية عن كافة القضايا العالمية.