كأنه لا يكفينا هذا القتل اليومي، حيث نصحو على قطع رؤوس العمال النيباليين في العراق، وننام على أخبار اختطاف مئات من الأطفال الأبرياء في روسيا، مرورا باختطاف الصحافيين الفرنسيين، وقطع رقاب عمال أتراك في بغداد.

كأن هذا كله لا يكفي، فيظهر علينا من يفترض أن يكون داعية إسلاميا معتدلا، هو الشيخ يوسف القرضاوي، ليفتي بجواز قتل المدنيين الاميركيين في العراق، وليقول بلغة عربية واضحة وصريحة «إن كل الاميركيين في العراق محاربون، لا فرق فيهم بين مدني وعسكري، ويجب قتالهم لأن المدني الأميركي جاء العراق لخدمة الاحتلال» ويضيف بلغة أكثر وضوحا «إن خطف الاميركيين وقتلهم في العراق واجب»!

ولأن السيد الشيخ القرضاوي مثل كل الشيوخ المتطرفين، لا يموتون عادة، ولا يستشهدون، ولا يحدث ذلك لأبنائهم الذين يتعلمون عادة في أحسن جامعات الغرب، فإن مثل هذه الفتوى سيقرأها شباب مسلم متحمس، وقد يذهب الى العراق لتنفيذ الواجب الديني الذي دعا إليه الشيخ القرضاوي.. ومادام لا فرق بين أميركي ذهب مع منظمة دولية إلى العراق لمساعدة الناس أو علاجهم، والجندي المقاتل، فما الذي يمنع شابا متحمسا، معجبا بالشيخ القرضاوي، مصدقا له، من قتل طبيب أو عامل إغاثة مدني في العراق؟ وما دام الأمر كذلك، وبسبب صعوبات الدخول إلى العراق، فلماذا لا يقوم هذا الشاب المتحمس بقتل الجنود الاميركيين المنتشرين في دول التعاون الخليجي، خاصة في الدوحة والكويت، ولا سيما أن اغلبيتهم قد خدمت او ستخدم في العراق؟ ولماذا لا يقوم بقتل المدنيين الاميركيين في الكويت، وقطر، مادام هؤلاء يخدمون الجيش الاميركي؟ ثم لماذا نذهب بعيدا.. أليس من واجب هذا الشاب المتحمس المعجب بالقرضاوي قتل المسؤولين القطريين والكويتيين الذين سمحوا بتواجد هذه القوات في البلدين؟

الفرق بين الجنون والعقل، بين التطرف والاعتدال، واضح.. فالقرضاوي الذي يعيش حياة الرغد والعز في الدوحة، يفتي بقتل المدنيين الاميركيين، والأئمة الاربعة الشيعة الذين اجتمعوا في منزل السيد السيستاني في النجف ويعيشون تحت الاحتلال يطالبون بعدم استخدام العنف ضد القوات الأميركية.
إنه الفرق بين العقل المسؤول، والعقل غير المسؤول، العقل الذي يريد حفظ دماء الناس، والعقل الذي يريد اهدار دماء البشر وهو يحاضر في الاعتدال.