غادة الشرقاوي : منذ41 عاما ألقي الزعيم الأمريكي الأسود مارتن لوثر كينج خطابه الشهير لدي حلم قال فيه: إن حلمي أن يكون لدي كل الأمريكيين الفرصة ليقتسموا خيرات بلدنا العظيم. ولكن بلا شك أن التقرير الأخير الذي أصدره مكتب الإحصاء الأمريكيرصد معدلات الفقر في الولايات المتحدة يبدد حلم مارتن لوثر تماما ويجعله مستحيلا.وتقرير مكتب الإحصاء الذي صدر اخيرا يشير إلي أن عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة قد ازداد خلال عام2003 بنسبة1.3 مليون شخص ليرتفع عدد الفقراء إلي36 مليون شخص أي بنسبة12.5% من إجمالي عدد السكان, كما ارتفع عدد الأشخاص المحرتأمين الصحي خلال نفس العام إلي45 مليون شخص أي بنسبة15.6% من إجمالي عدد السك
والشيء المحزن في هذا التقرير أن الأطفال والأقليات يتصدرون قائمة فقراء أمريكا حيث إن ثلث هذا العدد من الأطفال. ويحتل السود المقدمة بنسبة24.4%, يليهم الأمريكيون من أصل أسباني بنسبة22.5%, ثم الآسيويون بنسبة11.8%, والبيض8% والأطويرجع الخبراء ارتفاع نسبة الفقر إلي أسباب عامة منها انخفاض الدخول وعدم تمكن العائلات من الادخار وارتفاع تكلفة المعيشة والصيانة عموما في الولايات المتحدة, وبالنسبة للأقليات فذلك لأن معظمهم يعيشون في مناطق قليلة الخدمات وبيئة غير نظيفة تتسبب في أمراض مزم تمنعهم من العمل بشكل منتظم, أما بالنسبة للأطفال فذلك يعود إلي انتشار ظاهرة الأسر التي تكون فيها الأم هي العائل الوحيد للأسرة, وغالبا ما تكون الأم صغيرة السن وغير متعلمة مما يجعل حصولها علي عمل مناسب صعبا للغاية. كما يفسر الخبراء ظاهرة ارتفاع أير المؤمن عليهم صحيا بأن الشركات الصغيرة وبعض الأعمال الخاصة لاتوفر التأمين الصحي للعاملين لديها, وكذلك لارتفاع نسبة البطالة إلي6.8% ولن تنخفض نسبة غير المؤمن عليهم صحيا الا إذا انخفضت نسبة البطالة إلي4% علي ا
ولكن لدي جيني جولي خبير جدولة الديون الأمريكي الشهير تفسير مختلف تماما, حيث يري أن السبب الرئيسي لفقر الأمريكيين هو الاسراف في استخدام بطاقات الائتمان وأنه يمكن القضاء علي الفقر تماما إذا غير الأمريكيون أسلوب حياتهم, حيث أن ديون بطاقات الائتمان تقد80 مليار دولار بصرف النظر عن الفوائد التي تضاف للديون الأصلية, وأنه إذا أوقف الأمريكيون الإنفاق عن طريق بطاقات الائتمان فسيكون لديهم أموال كافية للقضاء علي الفقر في العالم وليس لمساعدة الـ36 مليون أمريكيويأتي هذا التقرير في وقت حرج بالنسبة لإدارة الرئيس جورج بوش, حيث يتزامن مع الاتهامات التي وجهها المعسكر الديمقراطي إلي إدارة بوش بأن نمو الاقتصاد الأمريكي قد تباطأ بشكل أكبر من المتوقع خلال الربع الثاني من العام الحالي, وكما يقول روجر التمان المستشلاقتصادي للمرشح الديمقراطي جون كيري فإن معدلات الأجور والبطالة هي الأسوأ منذ70 عاما
وبالطبع هذا التقرير السنوي لمكتب الإحصاء سيكون بمثابة سلاح سياسي في سباق الرئاسة القادم ومما لا شك فيه أن كيري والقائمين علي حملته سيحسنون استخدامه وقد بدأوا فعلا في ذلك, أولا بتوجيه الاتهامات إلي بوش, وثانيا بإعلانهم عن دعوة المعسكر الجمهوري إلي مات أسبوعية من الآن وحتي موعد الانتخابات, حول ارتفاع معدلات الفقر ومشاكل التأمين الصحي في البلاد للعام الثالث علي التوالي, والحلول المقترحة للخروج من هذا المأولهذا يؤكد كيري أن الانجازات الاقتصادية التي أعلنت عنها إدارة بوش قد ضلت طريقها علي ما يبدو في عدة مناطق خاصة الولايات الجنوبية وبعض ولايات الساحل الشرقي, كما أغفلت قطاعات عريضة من الشعب, وأن الأغنياء فقط هم الذين استفادوا من نظام الضرائب الجديدرا إلي أن أعباء جديدة قد اضيفت إلي كاهل الطبقات الوسطي, و إن الشعارات لا يمكن أن تخفي الحقائق وتحت إدارة بوش سقط مزيد من العائلات الأمريكية تحت خط الفقر
وفي الولايات المتحدة يعتبر الفرد الذي يقل دخله عن9572 دولارا سنويا تحت خط الفقر وكذلك العائلات المكونة من أربعة أفراد ويقل دخلها عن18660 دولاويؤكد خبير الاستطلاعات الجمهوري جيم ماك لوغلين أن89% من الناخبين يعتبرون موقف المرشح من مشكلة الفقر والجوع عاملا مهما لحسم التصويت لمصلحة أحد المرشحين دون الآخر. كما يعتقد94% من المرشحين أن مسألة الفقر والتأمين الصحي أهم بكثير من مشاكل البيئة
وكان كل من المرشحين قد اقترح خطة من أجل حل مشكلة التأمين الصحي حيث اقترح كيري انفاق65 مليار دولار خلال العقد القادم كي تشمل مظلة التأمين الصحي ذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة, أما بوش فاقترح إعفاء بعض الشرائح غير المؤمن عليها من نسبة من الضرائب, لخبراء أن خطة كيري ستشمل26.6 مليون شخص علي المدي الطويل بينما لن يستفيد من خطة بوش سوي1.8 مليون شخص, فهل تصبح هذه الخطة نقطة تفوق لمصلحة المعسكر الديمقراطي خلال الانتخابات القادمة؟ خاصة أن التقرير الأخير قد أكد معلومات معروفة سلفا, وهي أن ايزدادون ثراء والطبقة الوسطي تغرق في مزيد من الديون والفقراء يزدادون فقرا, إلي حد يبدو معه مدهشا أن أقوي وأغني دولة في العالم لا تستطيع أن تقتل الفقر وتحاربه كما قتلت الآلاف في أنحاء مختلفة من العالم بدعوي الحرب علي الإرهاب
التعليقات