انتهت الاجازة الصيفية، وعدنا بفضل الله متحمسين للعمل نجد انفسنا نخطو من جديد نحو الهموم الجماعية التي تدفعنا للكتابة عنها من اجل تحقيق المصلحة العامة, أبدأ اليوم بإثارة قضية في غاية الاهمية، لأنها تتصل بالفكر الذي يدخل عقول الاجيال الكويتية في المؤسسات التعليمية, ما يثير الاهتمام في هذا الموضوع هو تصاعد موجة بعض الحملات الفكرية التي تشرخ الهوية الإسلامية لمجتمعنا عبر الترويج للفكر المعادي للدين الذي يشكك الاجيال في عقيدتهم الاسلامية, مما لا شك فيه اننا نتفق في مسألة حرية الفكر والاعتقاد، ولكننا نختلف في مسألة حرية التعبير عن الفكر، فهناك بعض الضوابط التي يجب ان نحترمها، والتي من بينها عدم المساس بالعقيدة، وعدم تمزيق المجتمع الكويتي وعدم تجريح الرأي الآخر، ان اللافت للانتباه ان بعض التيارات الفكرية الحزبية التي تتبنى قضية حرية الفكر واحترام الرأي الآخر هي من تقوم بشن حملة ضارية ضد الرأي الآخر، وهم الآن يستميتون من اجل تسييس التعليم وممارسة التطرف الفكري في القاعات الدراسية, يجب ان نعترف بوجود ظاهرة استغلال بعض الاساتذة في المؤسسات التعليمية لمواقعهم الوظيفية، فنحن نلمس جرأة البعض في طرح الافكار الغريبة على جسد المجتمع الكويتي, يبدو ان ظاهرة الصرخة الفكرية الشاذة التي تلجأ إليها بعض الشخصيات المغمورة في المؤسسات الاكاديمية هي الوسيلة الوحيدة للفت الانتباه انه تطرف فكري منظم فالتطرف لا يرتبط بالدين فقط، وانما يرتبط بكل شخص يتعصب لفكره ويحمل نزعة عدائية نحو الرأي الآخر المسألة كبيرة وشائكة وتحتاج من المسؤولين الى دراسة دقيقة ومراقبة مكثفة, اعان الله وزير التربية ومدير الجامعة لأنهما يواجهان حملة منظمة تهدف الى التدخل في صنع القرار حينما نحلل الموقف فإننا نشهد عزف بعض الكتاب المتحزبين نغمة الدفاع المتخبط القائم على المجاملة العارية من القناعة، ونشهد ايضا حالات عري ثقافي وتذبذب في الرأي حينما يفقد بعض المثقفين حريتهم في التعبير عن رأيهم الحقيقي فيستسلمون لضغوط احد اقطاب الفكر المتعصب لرأيه، الماهر في صنع الاكاذيب وتزييف الحقائق, ان المجتمع الكويتي مجتمع صغير ولكنه خليط فكري وديني وسياسي متباين، بدو وحضر، سنة وشيعة, اضف الى ذلك توجهات دينية فرعية مختلفة وتيارات حزبية فكرية وسياسية مختلفة وعلى الرغم من وجود هذه الاختلافات إلا انها لم تنجح في خلق التناحر في مجتمعنا، فلم نشهد حالة تمزق ـ بفضل من الله ـ والدليل على ذلك تلاحم المجتمع الكويتي في فترة الاحتلال العراقي للكويت لقد ذابت كل الاختلافات، وعاش الجميع في خندق الدفاع عن الوطن, ولأننا لا نريد ان نشهد حالة التمزق فإننا نتمنى من هؤلاء المتطرفين المعادين للدين فهم الضوابط التي تقنن حرية التعبير عن الفكر، ونتمنى ان يبتعدوا عن التدخل في الشؤون الاكاديمية، كما نتمنى من بعض الاساتذة عدم استغلال المؤسسات التعليمية لتحقيق اهدافهم الفكرية المتطرفة ذات الابعاد السياسية, لا ألوم وزير التربية ولا مدير الجامعة ولا اي مسؤول اكاديمي آخر لأنهم لا يملكون عيونا في كل قاعة دراسية ولا يستطيعون التحكم في فكر ومشاعر الاساتذة ولا يمكنهم تحديد جرعة ولاء هؤلاء للوطن كما انهم لا يستطيعون القضاء على روح الكراهية والبغض والحقد التي تعشش في نفوس بعض من يعيشون حالة من التوتر والاحباط المزمن والتي لا ذنب للمسؤولين ولا لزملائهم ولا لطلابهم فيها, نؤكد اليوم على ضرورة التنبه لخطورة ظاهرة تسييس التعليم، ونؤكد ايضا على اهمية الحرية الفكرية وحرية اختيار الاستاذ للمنهجية التعليمية التي تلتزم اللوائح والقوانين وعلينا التفكير طويلا قبل طرح افكارنا، ولنتذكر دائما ان الاختلاف في الفكر لا يعني الفجور في الخصومة والسباحة في بحر المهاترات التي تهبط بالاخلاقيات ان الحمل ثقيل واقطاب التسييس التعليمي يجتهدون في تنظيم حملتهم العدائية المتطرفة, اللافت للنظر ان الكتابات تتعدد والصور تختلف ولكنها تأتي من قلم متطرف واحد يتخفى وراء قناع الهدوء الظاهري، يقود حملة منظمة اشترى فيها حب الذات والشهرة، وباع فيها القيم والمبادئ التي لطالما اعجبنا بها, على اية حال ستهدأ هذه العاصفة يوما وسيرتد رذاذ هذا السعال الصحافي على اصحابه ولن يؤثر في اتخاذ القرار, وستتحول القضية الى حكاية قديمة ولكن ستبقى الصورة المشروخة في اعماق الذاكرة، صورة بعض المثقفين الذين فقدوا توازنهم النفسي، واعتقدوا بأنهم سيقفزون اسوار المؤسسات الحكومية في محاولة منهم لقطع عنق القرار, لا اعرف لماذا فقد هؤلاء جزءا من ذاكرتهم، فقد كانوا يرددون عبارات العداء والسخرية والاستهزاء في حق من يطبلون لهم اليوم!
عجيب هذا المشهد الذي نراه! فهل تقودهم قضية التسييس التعليمي الى شنق اخلاقياتهم ومبادئهم؟! وهل سيبيعون اقاربهم ليقفوا منتفخين فرحا على منصة الشهرة؟! ولدي سؤال مهم جدا لماذا ينكر هؤلاء المتطرفون الرحم (المحافظ) الذي خرجوا منه الى الحياة؟ الصدمة كبيرة، فهم لامعون وليسوا بحاجة الى هذه الشهرة اما الاقزام الذين يلتصقون بذيولهم فهم ينعمون الآن في ملذات الحلم الكبير الذي تعطشوا سنوات للوصول اليه، حلم الشهرة فهنيئا لهم بذلك، ولكن هل سيتحسن مزاجهم؟ وهل سنتخلص من عقدهم النفسية التي آذت الكثيرين؟ نأمل ذلك حتى تنتهي المحنة، ويعود الاستقرار الى الساحة الثقافية ويعود القانون الى اصحاب القانون, ختاما ليترك هؤلاء الشأن لأصحاب الشأن، والقرار لأصحاب القرار.