سأحاول في هذا المقال ومقالات لاحقة، وبقدر ما أستطيع ويسمح به هذه العمود الضيق، أن أنقل وأناقش وجهات نظر وصلتني مباشرة أو نشرت عبر نفس زاويتي على موقع هذه الجريدة الإلكتروني، فأنا أشعر أن فيها حديثا تفاعليا يثري النقاش.
كتبت في الأسبوع الماضي عن «جودة التعليم العالي» مستندا إلى تصريحات الرئيس المصري التي أعلنت عن خطة تطوير جديدة تهتم بالنوعية. ولقي الموضوع اهتماما، وقرأت تعقيبات جيدة بينها رد من الأخ خالد فقيهي، «كتب لي أن اتوجه ألى مصر لإكمال تعليمي الجامعي لدراسة الحقوق، فالتعليم المصري للقانون، كما يقال، لا مثيل له لكني تفاجئت بالواقع وما به من ازدحام في المدرجات التي سعتها الافتراضيه 1500 طالب لأجدها تمتلئ لتتعدى الألفين. هناك عدم اهتمام بالتعليم، وكليات الحقوق التي تعتبر منبرا للعالم أجمع. الواقع يخبرني أن السياسة التعليمية تريد أن تتيح للطالب أن يكمل تعليمه الجامعي، حتى وإن لم يستفد من المناهج الدراسيه أو من الشهادة الجامعية. وهنا اتمنى ألا ينظر للتعليم على أنه مجرد شهادة بل، ثقافه ومنهج فكري يتأثر به الفرد والمجتمع، فهو الوسيلة التي تجعلنا أكثر تحضرا وتفاهما مع العالم. هذا ما أرجوه من الرئيس ومن أرباب التعليم في مصر».
أما الأخ خالد فتحي من الصين، فهو الآخر يختلف معي ويقدم مراجعة ومقاربة تاريخية.. «ذكرني مقالكم هذا بأحد الخطب للعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، الذي أعلن تقريبا نفس المحتوى، أكد فيه ان الجامعة المغربية تنتج شبابا عاطلا ذا شواهد فارغة بعيدة عن سوق الشغل. بعد ذلك تأسست اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم التي دخلها أعضاء لا علاقة لهم بالتعليم، فما بالك بإصلاحه. وفشلت اللجنة طبعا. بعد ذلك احتضن البرلمان المغربي لجنة أخرى دخلتها أطياف سياسية شتى غلب عليها الصراع السياسي بين أعضائها، الشيء الذي أفشل مهام اللجنة مرة أخرى. الآن يتم الاشتغال داخل إطار اللجنة الوطنية التي جاءت على هامش المناظرة الوطنية لإصلاح التعليم بافران والتي يرأسها مزيان بلفقيه مستشار الملك. مع العلم بأن تجارب اصلاح التعليم بالمغرب بدأت منذ بداية السبعينات. فكرتي الاساسية هنا ان تجارب اللجان الوطنية لإصلاح التعليم في رأيي تجارب فاشلة تأتي كرد فعل لاخماد أصوات من جهة، ولوأد الموضوع من جهة أخرى».
وأشارك الأخ خالد في نقده لبيروقراطية اللجان وتسييس التعليم، لكنني لا أرى بدائل عملية يمكن ان تتم في سرادق أي حكومة من دون تأسيس لجان، وقد تكون العلة في المكلفين بالعمل أو أدواتهم، من صلاحيات مالية وأدارية. الذي لا أفهمه لماذا نحاول اختراع العجلة من جديد وهناك نجاحات تعليمية باهرة في دول تشابه أوضاعها أوضاعنا يمكن مراجعتها والاستفادة من الكيفية التي حققت بها نجاحاتها؟ اعتقد أن هذا أهون طريق يمكن أن يسلك بدل التجريب الذي أخفق خمسين سنة.