باريس من إنعام كجه جي: أثار هروب فرنسي يعمل في حقل الآثار من مصر وظهوره في باريس العديد من التساؤلات حول الطريق الذي سلكه لمغادرة البلد والجهات التي ساعدته في ذلك، خصوصا ان السلطات المصرية كانت قد اصدرت في حقه مذكرة بمنع السفر، وتحفظت على جوازه بسبب ملاحقته قضائيا في محاولة تهريب آثار قديمة.
وألقي القبض على ستيفان روسو في صيف 2003 في مطار الاسكندرية، اثناء سفره في اجازة الى فرنسا، وبحوزته تماثيل فخارية صغيرة من التي توضع في مقابر الفراعنة، وقطع نقدية قديمة، وحربة.
وزعم روسو، الذي يعمل رساما ومستكشفا للمغارات انه يتعاون مع المركز الفرنسي للدراسات في الاسكندرية، وانه اشترى تلك القطع من السوق، معتبرا انها نسخ مقلدة. لكن تقرير الخبراء المصريين الذين انتدبهم التحقيق، أكد انها آثار اصلية يمنع القانون اخراجها من مصر.
وتم احتجاز روسو ثمانية اشهر قيد التحقيق، الامر الذي اثار التوتر في اوساط التعاون الآثاري بين مصر وفرنسا. ونقل عن الدكتور زاهي حواس، المدير العام للآثار في مصر، انه يرى الآثاري الفرنسي جان ايف امبيرور، مدير مركز دراسات الاسكندرية، يتحمل جزءا من المسؤولية عما قام به الرسام المتعاون مع بعثته.
كما ترددت انباء عن ان القاهرة هددت باغلاق ذلك المركز لولا ان لجنة دبلوماسية فرنسية تداركت القضية، واوضحت ان ايا من القطع المضبوطة بحوزة المتهم لا تعود الى التنقيبات التي يقوم بها المركز في الاسكندرية.
وللدفاع عن نفسه، ظهر المتهم على شاشات التلفزيون الفرنسي، اول من امس، ليقول انه عاش كابوسا في مصر، وذرف الدموع لأنه وقع ضحية مؤامرة تستهدف الآثاري الفرنسي امبيرور، الذي ذاع صيته بعد التنقيبات التي اجرتها بعثته في موقع فنار الاسكندرية. وزعم روسو ان المركز الذي يديره امبيرور تمكن من تحديد موقع المقبرة الملكية لأسرة بطليموس التي حكمت مصر في القرن الرابع، بعد موت الاسكندر.
وحسب تصريحات المتهم، فإن مفتشين آثاريين مصريين حاولوا ابعاده عن موقع التنقيب ومنعه من اكمال العمل المهم الذي قد يسفر عن العثور على قبر الاسكندر الاكبر. من جهته، نفى امبيرور مزاعم روسو، وقال في تصريح لجريدة «الفيغارو»، ان بعثته نقبت في موقع حدده محللون جيوفيزيائيون المان ويونانيون، لكن التنقيب لم يسفر عن شيء. واضاف ان روسو «كان شديد الاحباط بسبب ذلك الفشل غير المتوقع، لكن احباطه لا يفسر وجود آثار في حقائبه، اذا ثبت فعلا انها اصلية».
وغاب ستيفان روسو عن جلسة محاكمته امام قاض في الاسكندرية نهار الثلاثاء الماضي. وتقرر تأجيل النطق بالحكم الى العشرين من الشهر المقبل، حيث من المتوقع ان يصدر حكم بالسجن عليه لفترة قد تصل الى 15 عاما. وبالمقابل، ظهر روسو في مدينة بوردو الفرنسية، مسقط رأسه، ليعلن انه غير مستعد للعودة الى السجن وانه متأكد «ان القاضي كان سيدينه استنادا الى أكاذيب».
وفي غياب اتفاقية لتبادل المتهمين بين فرنسا ومصر، أعرب امبيرور عن أمله بألا تلقي هذه القضية ظلالا على التعاون الآثاري بين البلدين، وان السلطات المصرية ستميز بين ما قام به ستيفان روسو، وبين العمل الذي تنجزه البعثات التنقيبية هناك.